ما صحّة الإشاعات الخطيرة التي كنت تدور حول زوجي؟ الجزء الثاني

بعد وصولنا إلى الفندق بيومين، بدأ هاتف زوجي يرنّ طيلة النهار والليل. في البدء لم أقل شيئاً ولكنني إنزعجتُ كثيراً من هذه الإتصالات المتتالية وطلبتُ من مُهنّد إقفال هاتفه فترة مكوثنا في الفندق. ولكنّه رفضَ:

- حبيبتي... صحيح أنني في إجازة ولكن تلاميذي بحاجة إلى إستشارتي بشأن دروسهم، فهم لديهم حصص وليسوا في إجازة مثلي.

كان دائماً عنده حجج مقنعة، فسكتتُ على مضض وقضينا ما تبقّى من شهر عسلنا الثاني بين الإتصال والآخر. وعندما عدنا إلى منزلنا، كنتُ قد أصبحتُ في حالة تشنّج لدرجة أنني ندمتُ على ذهابنا إلى الجبل.

كنتُ سأستمرّ في تصديقه لو لم أتلقّى إتصالاً غريباً ومفاجئاً. بينما كنتُ في المنزل أحضّر وجبة العشاء، رنّ هاتف المنزل وبإصرار. ركضتُ ﻷردّ ولكن المتّصل أقفلَ الخط فور سماع صوتي. وبعد دقيقة رنّ الهاتف مجدداً وأقفلوا الخط مرّة ثانية. وتكرّر المشهد مرّات عديدة حتى نفذَ صبري وصرختُ بمن يلهو بأعصابي هكذا:

- يكفي لعباً! هل ستردّون أم لا؟؟؟

عندها سمعتُ صوت فتاة تقول:

- أنا آسفة سيّدتي... لم أقصد... ولكنني لا أدري ماذا أقول...

- من أنتِ وماذا تريدين؟

- أنا سامية وأريد...

وبدأت بالبكاء وإحترتُ بأمرها وعملتُ على تهدئتها وحملها على التكلّم ﻷفهم ما الذي تريده. وبعد أن هدأت قليلاً، إستطاعَت أن تجيب:

- الأستاذ مهنّد لا يجيب على هاتفه وأنا بحاجة ماسّة ﻷتكلّم معه...

- ربّما هو في الصف الآن... أنا أكيدة أنّه سيعاود الإتصال بكِ فور خروجِه من القاعة.

- أنتِ لا تفهمين... لم يعد يجيبني بعدما جاءت تلك الفتاة الجديدة ولم يعد يعيرني أي إنتباه... مع أنّه قال لي أنّه يحبّني...

- ماذا؟؟؟ هل فقدتِ عقلكِ؟ أنا زوجته كيف تقولين لي هذا؟

- أنا آسفة... ولكنّه قال لي وللجميع أنكما غير متفقّين وأنّكما تعيشان سويّاً ولكل واحد منكما حياته الخاصة... أنا آسفة جداً... لم أعرف...

وأقفلَت الخط. جلستُ وبدأتُ أفكّر بما قالته تلك الفتاة وبكل ما قيل حول زوجي حتى الآن ووجدتُ أنّ اﻷمور تتراكم وبدأتُ أشكّ بأنّها مؤامرة ضد زوجي لتشويه سمعته، فهو ليس سوى أستاذ جامعة وليس شخصاً مشهوراً أو ذات مركز مرموق. وهذه المرّة قررتُ ألا أخبره بالإتصال الذي تلقّيته وأن أجري تحرّياتي الخاصة حول الموضوع، فلم أنسى تلك الجملة التي قالتها لي جارتي: "كم أنتِ ساذجة".

أوّل شيء فعلتُه كان الذهاب عند البقّال. وعندما رآني الرجل حاول التهرّب منّي ولكنني لحقتُ به إلى داخل المحل، حيث ذهب ليختبئ. قلت له:

- مرحباً... أنا زوجة الأستاذ مهنّد... الذي يعلّم في الجامعة... أتتذكرني؟

- أجل... ماذا تريدين؟

- إسمع... سأشتري منكَ كل هذه الخضار إن أخبرتني كل ما تعرفه عن الأستاذ مهنّد.

- كلّها؟ أخبركِ عن الحيّ كلّه إذا شئتِ!

- أريد أن أعرف كل شيء عن زوجي فقط.

- سيّدتي... قد لا يعجبكِ ما ستسمعينه...

- لا يهمّني... هيّا... تكلّم!

- لا أدري إن كنتِ تعلمين بهذا ولكن إبنتي تلميذة عند زوجكِ وأخبرتنا أنّه...أنّه يختار الفتيات الجميلات ويأخذهن إلى مكتبه ويقفل الباب وراءه وتحدث أشياء كثيرة هناك... ومن بعدها تحصل هذه الفتيات على علامات عالية.

- إنّها أقاويل... أريد إثباتات! في أي وقت تعود إبنتكَ؟

- بعد الظهر... عند الرابعة.

- سأعود بعض الظهر إذاً.

- والخضار؟؟؟

- عندما أعود، فأنتَ لم تقنعني.

وعدتُ إلى البيت أنتظر بفارغ الصبر رجوعي إلى المحل وبدا لي الوقت طويلاً جداً ولكنني كنتُ مصرّة أن أعرف حقيقة الرجل الذي تزوّجته والذي كان سيصبح يوماً ما أب أطفالي. توجّهتُ إلى البقّال وقلبي يخفق بقوّة ﻷنني كنتُ أعلم أن هناك جزء من الحقيقة بكل هذه الإشاعات، فأمّي كانت دائماً تقول: "ما من دخان من دون نار". وعندما وصلتُ إلى هناك، وجدتُ الفتاة بإنتظاري. كانت مختبئة وراء والدها وحين رأتني صرخَت:

- أرجوكِ سيّدتي... لا أريد مشاكل... إذا علِمَ الأستاذ مهنّد سيجعلني أرسب...

- لا تخافي... لن أدعه يفعل شيء بكِ... أريد منكِ إثباتاً على الذي يحصل... هل يمكنكِ مساعدتي؟ فإذا كان صحيحاً أنّ زوجي يكافىء من يقبل معه، يعني أنّ الباقين لن يحصلوا على حقّهم والفتيات مثلكِ عليهنّ أن تتعب وتدرس بينما الأخريات تنجح من دون تعب.

- هذا صحيح! والكل مستاء من الوضع! وهناك من فكّر بإخبار المدير بما يجري ولكنّهم خائفون من العواقب.

- إذا كان ما يُحكى صحيحاً، أعدكِ أنّه لن ينتقم منكِ أحد. ولكن أنا بحاجة ماسة إلى دليل مادي... كتسجيل صوتي أو صوري مثلاً... هل تستطعين أنتِ أم إحدى زميلاتكِ تدبير هذا ؟

- دعيني أفكّر... هناك فتاة حاول الأستاذ معها ولكنّها رفضَت ومن جرّاء هذا رسبَت في الفصل الفائت. سأرى إن كانت مستعدّة لإثبات ما حصل معها. أعطني بضعة أيّام...

خرجتُ من المحل بعدما أعطيتهم رقم هاتفي وإشتريتُ كميّة هائلة من الخضار، فرّقتها على الجيران قبل دخول منزلي. ومن بعدها، بدأ إنتظار أليم، فمِن ناحية كنتُ أتمنّى أن أكون على خطأ ومن ناحية أخرى كنتُ أريد أن أعرف حقيقة زوجي مهما كانت. وحاولتُ أن أبقى على طبيعتي مع مهنّد لكي لا يشكّ بشيء وهذا كان أمراً صعباً جداً عليّ، فكنتُ قد بدأتُ أشعرُ بالإشمئزاز منه.

وبعد مرور أسبوع من الإنتظار، رنّ هاتفي وإذ بإبنة البقال تقول لي:

- تعالي اليوم... حصلتُ على طلبكِ.

هرعتُ إلى المحل وأسمعَتني الفتاة تسجيلاً جمّدَ الدم في عروقي. كان حوار بين تلميذة وزوجي ولم يكن عندي أيّ شك بأنّه صوته:

- وأخيراً عُدتي إليّ... يا للفتاة المطيعة... كنتُ أعلم أنّكِ ستعودين.

- هل ستعطيني علامات جيّدة إذا مارستُ الجنس معكَ؟

- طبعاً... كان هذا إتفاقنا منذ الأوّل ورأيتِ ماذا يحصل عندما تقاومينني... أقفلي الباب بالمفتاح وإخلعي ملابسكِ وتمدّدي على الأريكة... هيّا!

- ليس الآن... صديقتي تنتظرني في الخارج... سأعود في آخر النهار...

- سأنتظركِ في الساعة السادسة... إرتدي فستاناً قصيراً... أحبّ ذلك.

أدركتُ حينها أنّ زوجي وحش ضار، يستفيد من ضعف تلك المسكينات لإرضاء شهواته! كدتُ أن أقعَ أرضاً عند سماع التسجيل وبعد أن إستعدتُ أنفاسي، أخذتُ هاتف الفتاة الذي يحتوي على الدليل وذهبتُ لمقابلة مدير الجامعة، الذي فوجئ مثلي وغضِبَ كثيراً لحصول أمور كهذه في كليّته.

- ماذا تريدينني أن أفعل يا سيّدتي؟

- إفعل الصواب. عليكَ إيقافه فوراً عن ممارساته. لا أطلبُ منكَ أي معاملة خاصة. يجب أن يُعاقب وبقوّة.

- حسناً.

وفي الساعة السادسة، أي موعد لقاء زوجي بالفتاة في مكتبه، دخلَت عليه الشرطة لتجده شبه عارٍ ينتظر ضحيّته.

وتمّ القبض عليه بتهمة التحرّش الجنسي والإكراه على ممارسة الجنس. وبعد أن تقدّمَت فتيات أخرى للشهادة ضدّه، حوكم بالسجن ومُنِعَ من مزاولة التعليم في أي مكان.

أمّا أنا، فأصبتُ بكآبة عميقة خرجتُ منها بعد فترة بمساعدة جارتي التي أوفَت بوعدها لي وإحتضنَتني طيلة حزني. حصلتُ على الطلاق وعدتُ إلى عملي السابق.

أنا اليوم إمرأة متعافية، تنتظر الذي سيساعدها على بناء ثقتها بالرجال من جديد.

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button