أسرار أخت زوجي... حطّمَته

لم أكن أعرف رولا جيّداً بالرغم مِن كونها أخت زوجي لأنّها تربَّت وكبَرت مع أمّها التي إنفصلَت عن زوجها وأخذَتها معها تاركة توفيق مع أبيه. وإنقطعَت الأخبار شيئاً فشيئاً بين الولَديَن ولم أتعرّف إليها إلاّ حين أقمنا حفل زفافنا. ومِن بعدها غابَت مجدّداً وذلك لمدّة سبع سنوات. وكان توفيق يحبّ إخته كثيراً خاصة أنّها تصغره بأكثر مِن عشر سنوات وظلّ يعتبرها الطفلة الصغيرة التي إختفَت في يوم مِن الأيّام. لِذا عندما طلبَت منه رولا أن تأتي للعيش معنا بعد أن توفَّت والدتهما لم يستطع التخلّي عنها. وعَرَضَ عليّ الموضوع ولم أكن سعيدة لإستقبال غريبة في بيتي ولكنّني قبلتُ أوّلاً لأنّها تعني الكثير لزوجي وثانياً لأنّ بأستطاعة رولا أن تساعدني بولَديّ الذَين كانا قد بلغا الخامسة والسابعة مِن عمرهما.

وهكذا وصَلَت إلينا مع أمتعتها وأعطَيناها غرفة الضيوف وأعارَها توفيق خطّه الخلويّ وهاتفه لكي تخابر أصدقاءها ولا تشعر بالإنعزال. وبدأَت تندمج شيئاً فشيئاً معنا وبحياتنا اليوميّة الروتينيّة. وكما توقعتُ كانت تلك الضيفة مفيدة لي بحيث أزالة عنّي عبء حمّام وتأكيل وتدريس ولدَيَّ خاصة أنّني كنتُ أعمل حتى السادسة مساءً وأعود منهكة بعد يوم طويل.

ومع مرور الأسابيع والأشهر صرتُ أكنّ لها مودّة فعليّة وأعتبرتُها فرداً مِن عائلتنا الصغيرة. ولكي لا تزعجنا بدأت رولا بالبحث عن عمل وعن مكان تسكن فيه ولكنّني عرضتُ عليها العيش عندنا بصورة دائمة:

 

ـ لا أريدكِ أن ترحلي يا رولا... منذ مجيئكِ وتوفيق أصبح أكثر فرحاً وبفضل وجودكِ لم نعد بحاجة لِجلب حاضنة لتبقى مع أولادنا ريثما نعود مِن العمل... ما رأيكِ لو أعطيناكِ المال الذي تأخذه الحاضنة وتعملين مكانها؟ أفضّل ألف مرّة أن تهتمّي أنتِ بهما على أن أتركهما مع إمرأة غريبة... فكرّي بالموضوع.

 

وبعد يومَين قالت لي أخت زوجي أنّها تقبل عرضي وأنّها ستبقى. والغريب في الموضوع أنّني حين وظّفتُ الحاضنة سألتُ الناس عنها وعن ماضيها وأخذتُ حذري منها بينما لم أفعل أيّ مِن ذلك مع رولا فقط لأنّها شقيقة توفيق وبالرغم أنّه هو نفسه لا يعرف الكثير عنها. وأظن أنّ تلك كانت غلطتي ولكنّني متأكّدة أنّ غيري كان قد فعَلَ الشيء نفسه.

وبدأتُ أذهب إلى عملي مطمئنّة البال وأعود لأجد كل شيء جاهز وكل ما تبقّى لي أن أفعله كان الجلوس مع عائلتي والإستمتاع بهم. وكانت رولا تخرج في المساء لملاقاة أصدقاؤها ولتتركنا لوحدنا لكي لا نشعر أنّها تفرض علينا وجودها وإعتبرتُها لفتة لطيفة مِن قِبَلها. وبِفضل هذه الأجواء السليمة تحسّنَ زواجي الذي كان بدأ يتأثّر بالتعب الذي كنتُ أشعر به والقلق الدائم على سلامة ولدَيّ مع الحاضنة السابقة.

وأوّل حادثة حصلَت مع رولا كانت بعد بضعة أشهر مِن قبولها بالبقاء عندنا حين رأيتُها في ذاك يوم واقفة في الصالون تأخذُ صوَراً لِنفسها بِواسطة هاتفها. ولم يكن الأمر ليكون غريباً أو مدهشاً لولا قميصها المفتوح على صدرها. ولكثرة براءتي ظننتُ أن ذلك حدثَ سهواً فَلفتُّ إنتباهها وتلبّكَت وشكرَتني وأقفلَت الأزرار. ولم يخطر على بالي أبداً أن يكون هناك أبعاد للموضوع فهذه الأشياء تحصل أحياناً.

 

ومِن ثمّ بدأَت المكالمات الغامضة التي كانت تصل إلى رولا في وسط الليل. صحيح أنّها كانت تكلّم أناساً عدُد ولكن ذلك كان يحصل دائماً في النهار فقط. ما لذي تغيّر؟ لم أكن أعلم بالتحديد لذا تشاورتُ مع زوجي بهذا الشأن مِن خوفي عليها ولكنّ توفيق طمأنَني قائلاً:

 


ـ رولا راشدة... تعلم ما تفعله... لا بدّ أنّ أصدقاؤها يكلموّنها في هذا الوقت المتأخّر بسبب إنشغالاتهم خلال النهار فَمِن الأنسب أحياناً أن يترك المرء أخباره إلى ما بعد العمل.

 

ـ ولكنّها تأخذ هاتفها وتذهب إلى غرفتها.

 

ـ أجل لأنّه يحقّ لها أن تحظى ببعض الخصوصيّة... لا تنسي أنّها تعيش وسط عائلة كانت مِن أشهر قليلة غريبة عنها.

 

ـ معكَ حق.

 

ولكنّ الحقّ كان معي وكان يجب عليّ أن أتابع الموضوع عن كثب أكثر خاصة أنّني كنتُ أترك ولدَيّ معها طوال النهار. وفي أحد الأيّام سمعتُ هاتف رولا يدقّ بينما كانت في الحمّام فصرختُ لها:

 

ـ لديكِ مكالمة!

 

ـ لا تردي!

 

ولكنّني لم أسمع جيّداً وخلتُها تقول لي "ردّي" وهذا ما فعلتُه. وإذ بِرجل يقول لي بعدما سكَتَ بضعة ثوان حين سمعَ صوتي:"هل طارق موجود؟" وبالطبع قلتُ له أنّه أخطأ بالرقم وأقفلنا سويّاً. ولكن عندما علِمَت أخت زوجي أنّني أجبتُ عنها على الإتصال غضِبَت إلى أقصى درجة ونَعَتَتني بالمتطفّلة بالرغم أنّني حاولتُ ومِن دون جدوى أن أشرح لها بأنّني أسأتُ فهمها. عندها وبعدما وجدتُ ردّة فعلها مبالغاً بها قرّرتُ أن أراقب تصرّفات تلك المرأة ولكن دون أن أخبر زوجي الذي كان سيجدني أيضاً متطفّلة.

وبدأتُ ألاحظ أن خروجها المتزامَن مع الإتصالات التي كانت تأتي دائماً بعد أن تأخذ لنفسها صوراً الأمر الذي أثارَ شكوكاً جديّة لديّ فقرّرتُ في إحدى الأمسيات أن أرى أين تذهب. وكذبتُ على توفيق وقلتُ له أنّ والدتي مريضة وعليّ أخذها إلى الطبيب. وعندما عرضَ أن يذهب بدلاً عنّي قلتُ له أنّه مِن الأفضل أن يبقى مع الأولاد لأنّني أحسن أكثر منه التصرّف مع أمّي.

وخرجَت رولا وخرجتُ خلفها وصعدتُ بسيّارتي ولحقتُ بها وهي تمشي في الطريق. وإذ بسيّارة تصل وتتوقّف قربها وبعد أن تبادلَت بضعة كلمات مع السائق صَعِدَت قربه وساقَ بها إلى فندق على حدود المدينة.

ورأيتُهما يدخلان الردهة وفهمتُ طبعاً ما كانا سيفعلانه هناك. ولكنّني لم أنتظرهما خوفاً مِن أن يطول الأمر وعدتُ إلى البيت وأخبرتُ فوراً زوجي بأنّني إختلَقتُ مرض أمّي ولماذا. وكان سيغضب منّي ولكنّني قاطعتُه قائلة:

 

ـ إسمع... صحيح أنّني إختلَقتُ كذبة ولكنّ الظروف فَرَضَت عليّ ذلك فلو قلتُ لكَ ما أنوي فعله لما وافقتَ على ذلك... وإتّضح أنّني كنتُ على حق... صحيح أيضاً أنّها أختكَ ولكن ما تفعله هو خطأ ولن أقبل به في بيتي وأنا متأكدّة أنّكَ ترفضه أيضاً... وضعنا ولدَينا في عهدتها وإذ بها تمارس البغاء ولا أظنّ أنّ أيّ أم أو أب يسمح بذلك.

 

ـ ماذا تريدينني أن أفعل؟

 

ـ أن تواجهها وأن تجعلها تترك منزلنا... لا أريدها هنا بعد الآن... أنا آسفة.

 

وإنتظر توفيق عودتها ليتكلّم معها بعدما كنتُ قد دخلتُ غرفتنا لكي أتركه يتفاهم مع أخته. ووصلَتني أصداء حديثهما وسمعتُها تنكر في البدء ومِن ثمّ تسكت بعدما قال لها أنّني رأيتُها مع زبونها.

وفي الصباح كانت رولا قد رحَلَت دون أن نعرف إلى أين. وكانت قد تركَت وراءها الهاتف الذي كان قد أعاره لها توفيق ومِن خلال المكالمات التي بقيَت تصل عليه علِمنا أنّ رولا كانت تبيع خدماتها مِن خلال الإنترنت بعدما ترسل للرجال صَوَراً تبيّن فيها محاسنها ومِن ثم تذهب لممارسة الجنس معهم مقابل المال. وليس هذا فحسب ولكن كانت قد سَرَقَت محفظة أحد زبائنها بعدما غرق في النوم وبدأ يتصل لإسترجاع ماله وأوراقه وهدّد توفيق باللجوء إلى الشرطة والإدعاء عليه لأنّ خط الهاتف ملكه معتقداً أنّ زوجي هو قوّاد رولا.

ولِتفادي الفضيحة عرضَ عليه توفيق أن يعوّض عليه خسارته مقابل سكوته. وتحمّلنا ذيول مهنة أخته مطوّلاً حتى أن هدأ أخيراً الأمر وإستطعنا متابعة حياتنا. ولكن الكثير كان قد تغيرّ في عائلتنا الصغيرة بسبب خيبة أمل توفيق في أخته فغرقَ بِحزن عميق يلازمه حتى اليوم.

 

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button