الإفرازات البيضاء: إحراج أو طبيعي؟!

قد يتبادر إلى ذهن بعضكنّ، عزيزاتي القارئات، بأن التكلّم عن موضوع الإفرازات البيضاء لدى الفتاة والمرأة، أمر محرج ربّما أكثر من الحديث عن الجنس أو العادة الشهريّة. ولكنّ هذا الموضوع بالذات فيه من الأهميّة نفسها كبقيّة المواضيع الأخرى المتعلّقة بجسم المرأة، والتي تساعد على فهمه وبالتالي فهم كيفيّة التعاطي مع بناتكنّ لتوعيتهنّ بشكلً أفضل. فلا تفعلن كجارتنا الشمطاء التي صاحت بالجارات المتجمّعات في صبحيّة حول فنجان القهوة، يتكلّمن عن بناتهنّ على وشك البلوغ: "ماذا؟! تْفُوْ عليكن... بناتكنّ لسن نظيفات، ليغتسلن كلّ ساعة!!!" أعتقد بأنها كانت المرّة الأخيرة التي دُعيًت فيها هذه الجارة إلى صبحيّة بعد هذ النوبة الهستيريّة!

وذلك، عزيزتي القارئة، لأن الإفرازات البيضاء التي تتأتّى عند الفتاة في اقترابها من عمر البلوغ، كما عند المرأة البالغة، أمر طبيعيّ إلى أقصى الحدود. والمحاولة من الحدّ من هذه الإفرازات بوسائل غريبة الشكل، لا يمكن إلا أن يكون منافياً لطبيعة الجنس الأنثوي. سأفسّر أكثر.

الإفرازات البيضاء... أيش يعني؟
الإفرازات البيضاء، أو السائل الأبيض أو leukorrhea بحسب التعريف الطبّي باللغة الإنكليزيّة هي إفرازات فيزيولوجيّة تحدث عند المرأة بشكل طبيعيّ، ينتجها المهبل عند مدخله وتكون لزجة الملمس، بيضاء اللون مائلة إلى الأصفر الباهت أحياناً. تتفاوت كميّة الإفرازات بين امرأة وأخرى بحسب طبيعة جسم كلٍّ منهما. 
فإذا كانت غزيرة عند بعضكنّ، يمكنكنّ غسل المنطقة الحساسة يوميّاً بالماء النظيف (بدون الصابون الذي يجفّفها ويسبّب بالحكّة) أو استعمال الفوط الصحيّة (بدون الرائحة الإصطناعيّة التي قد تسببّ لكنّ الحساسيّة) للتخفيف من إحساس الرطوبة الزائدة. عادة تزيد الإفرازات عند جميع النساء قبل الإباضة بثلاثة أو أربعة ايام، كما أنها تتكثّف عند المرأة الحامل طوال فترة حَبَلها.

... وإيش عملها؟
لهذه الإفرازات دور أساسي في تنظيف المهبل وإبقائه رطباً. فعند المجامعة، هي تسهّل عملية ولوج قضيب الزوج في مهبل زوجته كما تساعد الحيوانات المنويّة بعد القذف على التشبّث جيّداً والصعود نحو الرحم وتلقيح البويضة بهدف الحمل. كما أنها تساهم في دفع الأوساخ من الرحم والمهبل خارجاً والإبقاء على هذا المحيط الحميم نظيفاً "مُهفهفاً"!

طيّب... وأيمتى تصير استشارة طبيبي النسائي ضرورة؟
نعم، عزيزتي، إن استشارة الطبيب تصبح ضروريّة عند حدوث أي تغيير فيزيولوجيفي نوعيّة الإفرازات، مثلاً: 
- عندما تلاحظين تغيّراً في اللون كأن يصبح مائلاً إلى البني، أو الأصفر الشديد أو الإخضرار.
- عندما تصبح رائحة اللإفرازات غريبة وقويّة عمّا اعتدت عليه في الأيام العادية.
- عندما يتغيّر ملمس السائل من لزج فقط إلى رغوة أو مُحَبْحَب.
- عندما تترافق هذه التغّيرات بحكّة شديدة، حرقة في منطقة الحكاك، أوجاع في أسفل البطن أو ألم عند ممارسة الجنس.

وإيش يعني هذه التغيّرات؟!
لا تجزعي. فلا شيء يدعو إلى الدراما، كما أن الحلّ الطبّي سهل لا سيّما أذا استشرت طبيبك النسائي فوراً. فعادة سبب هذه التغيّرات هي الإصابة بالتهاب مهبلي Mycosis  تسبّبه بعض الفطريّات أو الإصابة بمرض القلاع Vaginosis تسبّبه أنواع معيّنة من البكتيريا. (حبّذا لو أن اللغة العربيّة خفيفة أكثر على السمع أحياناً، فكلمة "قلاع" بحدّ ذاتها تبعث على الإشمئزاز في النفس!!)

أما ما عليك أن تعرفيه فهو أن هذه التغيّرات هي لغة جسدك في إنذارك بأن شيئاً ما ليس على ما يرام "تحت"، في منطقتك الحسّاسة!

ودمتم، وبناتكنّ، بصحّة جيّدة!

تقرير دلال حرب. 



 

 

 

  

المزيد
back to top button