سعادة الدكتورة نوال الحوسني تصنع التاريخ وهي تقود الجهود نحو تحوّل الطاقة. وهي تسلّط الضوء على الدور الذي تلعبه النساء من المنطقة العربية على نطاقٍ عالمي، وعلى رحلتها التي تحلم بها، وتحقّقها، وتتجرّأ على السعي وراء مشاريع جديدة لإلهام الأخريات.
منذ أن كانت في سنٍّ مبكرة، وجدت الدكتورة نوال الحوسني نفسها محاطة بأشخاص شاركوها تصميمها على تشكيل عالمٍ أكثر استدامة. كانت دائماً مهتمة بإيجاد طرق للحياة لا تعيق الطبيعة، وكانت متحمّسة للسفر والتعلّم والتساؤل حول الأشياء لإيجاد طرق لتحسينها. "إنّ فكرة أنّ كلّ اتصال يترك أثراً هي أحد الأشياء الرئيسية التي حملتها معي"، كما تقول، متذكّرةً كيف استوعبت هذا الأمر خلال السنوات التكوينيّة الثلاثة عشر التي قضتها مع شرطة أبو ظبي خلال بداية حياتها المهنية.
خطواتٌ أولى جريئة
حصلت الدكتورة الحوسني على شهادة في الهندسة المعمارية المستدامة، وعزّزت أسس التزامها بالتنمية الخضراء على أمل أن يكون لها تأثير إيجابي في العالم يوماً ما. بدأت تلك الرحلة بتصميم مدينة "مصدر"، أول مدينة مستدامة في الشرق الأوسط، والتي كانت جديدة على المنطقة والعالم. وسرعان ما تبع ذلك مبادرة "جائزة زايد للاستدامة" عام ٢٠١١، والتي أخرجتها وساعدت في تشكيلها. عام ٢٠١٥، وبعد أن لاحظت نقص تمثيل المرأة في مجال الاستدامة والطاقة، أطلقت "WISER" (المرأة في الاستدامة والبيئة والطاقة المتجدّدة في مصدر). وتقول: "لقد ولدت هذه المبادرة من التصميم على تعزيز حركةٍ بيئية أكثر شمولاً وتنوّعاً".
تولّي المسؤولية
وبإصرارها، تواصل عملها مع مبادرة "المرأة في الدبلوماسية" التي أطلقتها بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة لدعم الأصوات والمواهب التي تقودها النساء. وباعتبارها الممثّلة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة، تحرص الدكتورة الحوسني على تعزيز التزامها تجاه الدبلوماسية والطاقة والعمل المناخي والتنمية المستدامة. تقول: "إنّ العمل الذي نقوم به هو تشكيل مشهد الطاقة الجديد، مما يضمن أن يكون التحوّل إلى أشكال أنظف للطاقة شاملاً وعادلاً، بحيث يتمكّن كلّ مجتمع، من كلّ جزء من العالم من الوصول إلى الطاقة التي تغذّي حياة أفراده وسبل عيشهم".
الاعتراف والتمثيل
وتقديراً لعملها، مُنحت الدكتورة الحوسني مؤخّراً جائزة رئيس معهد الطاقة مما يجعلها أول شخص من الشرق الأوسط يحصل عليها. ولكن ما سبب أهمية ذلك بالنسبة لها وللنساء في المنطقة؟ تشرح قائلة: "من المهم أن يتمّ تكريم النساء، وخاصةً النساء من الشرق الأوسط، لمساهمتهنّ في دفع عملية التحوّل في مجال الطاقة، والتي غالباً ما يتمّ تجاهلها خارج المنطقة". أحد أسباب ذلك هو المفاهيم الخاطئة التي عفا عليها الزمن من أجزاء أخرى من العالم، ويرجع ذلك جزئيّاً إلى حقيقة أنّ النساء لا يتحدّثن عن إنجازاتهنّ بقدر ما ينبغي، ولأنّه لا يزال هناك نقص واضح في وجود النساء في المناصب القيادية في قطاع الطاقة. وكما تدلّ الحقائق، فإنّها تشير إلى أنّ أقلّ من ربع العاملين في صناعة الطاقة العالمية هم من النساء، ويرتفع هذا العدد قليلاً إلى ٣٢٪ في قطاع الطاقة المتجدّدة. ما لا تظهره هذه الأرقام هو نوع الأدوار التي تشغلها النساء في هذا القطاع. وتعترف قائلةً: "إنّ الاعتراف بهويتنا وما نفعله لدفع التحوّل في مجال الطاقة ليس دائماً عادلاً ومتوازناً كما قد نتوقّعه، من العالم المتقدّم، العادل والمتوازن"، على الرغم من أنّ هناك الكثير ممن يدفعون إلى كسر الحواجز في هذه القطاعات.
التغيير الملهم
وفي حديثها عما ترغب في تغييره في المستقبل القريب، قالت الدكتورة الحوسني إنّها متأكّدة من رؤية المزيد من النساء في مناصب قيادية في قطاع الطاقة. "إنّ إحجامنا عن الحديث عن إنجازاتنا وقدراتنا يمكن أن يعني أنّ عملنا وتأثيرنا يقع تحت الرادار". وتضيف: "آمل أن يتغيّر ذلك". لا يمكننا أن نثني أكثر من ذلك، خاصةً وأنّ دولة الإمارات العربية المتحدة هي اليوم أكبر منتج للطاقة الشمسية للفرد في العالم، حيث قامت في العقد الماضي وحده بزيادة نصيب الفرد من الطاقة المتجدّدة لديها أكثر من أي دولة أخرى في العالم. وبينما ترسم مسارات جديدة للأمام لتطوير مسارات الطاقة النظيفة وتلبية طموحات صافي الطاقة بحلول منتصف القرن، تحرص الدكتورة الحوسني على رؤية المزيد من النساء يتبوّأن مناصب من شأنها التأثير على مسار المستقبل.