كشف صندوق التنمية الثقافي، المُمكِّن الرئيسي لقطاع الثقافة في المملكة، عن 28 إعلانًا واتفاقية تتجاوز قيمتها 3 مليارات ريال (933 مليون دولار أمريكي) خلال الدورة الأولى من مؤتمر الاستثمار الثقافي الذي نظّمته وزارة الثقافة في الرياض، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، في خطوةٍ تؤكد جهود المملكة في تطوير اقتصادها الثقافي.
وفي تعليق له على الحِراك الاستثنائي الذي شهده المؤتمر، صرّح الأستاذ ماجد بن عبدالمحسن الحقيل، الرئيس التنفيذي للصندوق الثقافي، قائلاً: «بوصفه مركزًا للتميز والتمكين المالي للقطاع الثقافي، يعمل الصندوق الثقافي على تعزيز التكامل مع المنظومة الثقافية وترسيخ الشراكات الاستراتيجية مع القطاع الخاص، بما يُسهم في تعزيز استدامة القطاع ونموه. وتعكس الاتفاقيات التي وقعناها خلال مؤتمر الاستثمار الثقافي التزامنا الراسخ بدفع الشراكات بين القطاعين العام والخاص إلى مستوى جديد، عبر آليات تقاسُم المخاطر ونماذج التمويل المشترك التي تتيح تدفقات رأسمالية جديدة أمام القطاع الثقافي. ويأتي ذلك في إطار هدفنا المتمثل في رفع مساهمة القطاع الثقافي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 3%، بما ينسجم مع الاستراتيجية الوطنية للثقافة، وتماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65% وتنويع مصادر الدخل. وتمثل هذه الالتزامات خطوةً محورية نحو بناء اقتصاد ثقافي مزدهر، قادر على المنافسة عالميًا، ومولّد للفرص الاستثمارية والوظيفية، بما ينعكس إيجابًا على جودة الحياة ويحقق أثرًا اجتماعيًا مستدامًا».
وقد شهد المؤتمر إعلان صندوق التنمية الثقافي عن إطلاق مجموعة من الحلول الاستثمارية والتمويلية، بما في ذلك إطلاق ثلاثة صناديق استثمارية جديدة، يتولى الصندوق دور المستثمر الرئيسي في اثنين منها، وتشمل الصناديق: صندوق مجموعة الأصول الثقافية برأس مال قدره 850 مليون ريال (227 مليون دولار أمريكي)، ويساهم الصندوق الثقافي في تمويلة بمبلغ 200 مليون ريال (53 مليون دولار أمريكي)، ويهدف صندوق الأصول الثقافية إلى الاستثمار في الفنون البصرية، والأزياء، والمحتوى الرقمي، وتصميم التجارب، والتقنيات الناشئة، ويجمع هذا الصندوق بين رأس المال العام والخاص لتوطين الملكية الفكرية، وجذب الشركات العالمية، ودعم نمو الاقتصاد الثقافي على المدى الطويل.
كما أُعلن عن إطلاق ثاني صندوق أفلام في المملكة، الذي تُديره شركة (BSF Capital)، ويشارك فيه الصندوق الثقافي كمستثمر رئيسي في مشاريع أفلام واستوديوهات عالية الجودة داخل المملكة وخارجها، تشمل إنتاج الأفلام وتوزيعها. ويهدف الصندوق الاستثماري من خلال هذه الخطوة إلى تطوير البنية التحتية لصناعة الأفلام السعودية وتوسيع حضورها عالميًا، وذلك بالتعاون مع إحدى أبرز شركات صناعة الأفلام على مستوى العالم.
كما شهد المؤتمر إطلاق صندوق الأزياء برأس مال قدره 300 مليون ريال (80 مليون دولار أمريكي)، ليكون أول صندوق استثماري متخصص في قطاع الأزياء في المملكة، ويشارك صندوق التنمية الثقافي فيه باعتبارها مستثمرًا رئيسيًا، فيما تتولى شركة "ميراك المالية" إدارته، ويستهدف الصندوق دعم شركات الأزياء المحلية والإقليمية وسلاسل الإمداد، بهدف تعزز استدامة القطاع، وتنمية العلامات التجارية السعودية التي تتمتع بإمكانات التوسع الدولي.
وعلى صعيد التمويل، أطلق الصندوق الثقافي منتج التمويل المشترك، والذي يُعد الأول من نوعه في القطاع الثقافي، بالشراكة مع 5 مؤسسات مالية رائدة، كما أطلق خمس منتجاتٍ تمويلية جديدة ضمن منتج "التمويل الثقافي" هي : التمويل متناهي الصغر ، والتمويل المرحلي ، والتمويل متوسط وطويل الأجل ، ، و والتمويل الدوّار، وتمويل الذمم المدينة ، كما وقع الصندوق اتفاقيات تعاون مع 3 بنوكٍ محلية لتوسيع نطاق منتج "التمويل الثقافي"، ويهدف الصندوق عبر هذه الإعلانات إلى منح المنشآت الثقافية متناهية الصغر، والصغيرة، والمتوسطة، خيارات تمويلية مرنة تلائم احتياجاتها المالية، بما يدعم نموها وتوسعها عبر كامل سلسلة القيمة الثقافية.
كما أعلن الصندوق الثقافي خلال المؤتمر عن إطلاق أول تقرير استثماري له بعنوان: "آفاق السوق الثقافي السعودي 2025: الرؤية، الأثر، والفرص"، والذي يستعرض الاتجاهات والفرص في السوق الثقافي السعودي، مسلِّطًا الضوء على 36 فرصة استثمارية واعدة وجاهزة للاستثمار، قدمتها وزارة الاستثمار، ومنصة "استثمر في السعودية" وصندوق التنمية الثقافي، إلى جانب إطلاقه منصة استثمارية رقمية تُمكِّن رواد الأعمال المحليين والدوليين من استكشاف الفرص الاستثمارية في الاقتصاد الثقافي في المملكة.
هذا، وقد جاءت هذه الإعلانات مدعومةً بشراكات استراتيجية تجمع بين القطاعين العام والخاص، إذ أبرم الصندوق مذكرات تفاهم مع كل من وزارة الثقافة، ووزارة الاستثمار، وشركة "سبارك-لابز" و"أسياد القابضة"، بهدف تطوير القطاع الثقافي وتمكين نموه، كما وقّع الصندوق اتفاقيات تعاون مع كلٍّ من الهيئة الملكية لمحافظة العلا، ومجموعة "إم بي سي"، و"روتانا" و"الشركة السعودية للقهوة"، لدفع النمو المستدام للقطاع الثقافي وتوسيع أثره الاقتصادي والاجتماعي.