سافرَ زوجي وتركَني مع أخيه!

أقسم بأنني لم أقصد يوماً فعل ما فعلته، بل شاءَت الأحداث والظروف ذلك.... سيحكم عليّ البعض ولكن مَن منكم مكاني؟ أحياناً نتصرّف بطريقة منافية لِمبادئنا وقيَمنا رغم تمسّكنا بها لسنين طويلة. تزوّجتُ من أيمن لأنني أحببته كثيراً بعدما قضينا وقتاً طويلاً سويّاً على مقاعد الجامعة وحدث ما توقعه الجميع بأن يتوّج أخيراً حبّنا بالزواج.


إنتقلنا للعيش في شقّة صغيرة إشتريناها وبدأ مشوارنا معاً. وبعد فترة حصلَ أيمن على ترقية وتمّ نقله إلى بروكسل. حاولَ إقناع رؤسائه بألا يلرسلوه بعيداً ولكنهم رفضوا. وحين أخبرَني بالأمر قلتُ له:

 

- حسناً... سنذهب.

- لا حبيبتي... أنا ذاهب من دونكِ.

- لا أفهم ما تقوله... أنا زوجتكَ وأريد أن أكون معكَ!

- لا أريد أن أنشئ عائلة في بلد غريب... لدينا تقاليدنا وأريد المحافظة عليها.

- ولكن حبيبي ليس لدينا أطفالٌ بعد!

- وإن يكن... هل تظنّين أنّكِ ستقبلين الرجوع إلى هنا بعدما تكونين قد تعوّدتِ على العيش هناك؟ لا طبعاً... وهذا سيخلق مشاكل بيننا وأنا لا أريدها. سأرحل لوحدي وآتي كل أسبوعين لرؤيتكِ. الكثير من الناس يفعلون هذا.

 

لم أكن مسرورة أبداً، فأنا لم أتصوّر حياتي الزوجيّة هكذا، بل توقّعتُ أن أقضي أيّامي إلى جانب الذي إنتظرته سنيناً. وقبل أن يغادر زوجي إلى بروكسل، زفّ لي خبراً عجيباً: كان قد طلب من أخيه آدم المجيء إلى البيت والعيش معي بدلاً عنه. لم أصدّق ما قاله لي فأجبته:


- ما الذي تفعله؟ تأتي بشخص وتضعه معي هكذا كبديل عنكَ؟ لو علمتُ أنّ هذا سيحصل لكنتُ تزوّجتُ من آدم!

- ليس بديلاً عنّي بل مساعداً لكِ... آدم أخي الصغير وإنسان خلوق يحسن التصرّف. وهكذا أستطيع الرحيل وبالي مرتاح... لا أحبّ أن أترككِ لوحدكِ هكذا.. أنا لستُ مسروراً لما يجري ولكنني لم أستطع الهروب من مسؤوليّات ترقيتي.

 

وجاء شقيق زوجي مع أمتعته وإستقرّ في غرفة الجلوس. لم أكن أعرفه جيّداً لأنّه كان يعيش في البلدة، حين كان أيمن يدرس في العاصمة. رأيتُه مرّة قبل الزفاف ومرّة أخرى حين تزوّجنا، وها هو ينوي العيش معي الآن. في الليلة الأولى، بكيتُ في سريري أوّلاً لأنّ زوجي الحبيب أصبح بعيداً عنّي، وثانيّاً لأنّه فرضَ عليّ رجلاً خوفاً من شيء ما. هل كان يخاف أن أشعر بالوحدة أو ألا أحسن تدبير أموري، أو أن أغتنم فرصة غيابه لأخونه؟ في كل الأحوال لم أكن راضية ولكنني رضختُ للأمر الواقع تفادياً للمشاكل مع الذي سكن قلبي وقتاً طويلاً.

عاملتُ آدم كأنّه شخص غريب لا يمتّ لي بصلة، وتصوّرتُ نفسي وكأنني صاحبة فندق وهو نزيل عندي. عملتُ على تحضير طعامه وغسل ثيابه، وهو على إصلاح كل ما يتعطّل في البيت والذهاب إلى السوبرماركت.


كانت علاقتنا رسميّة وحين ننتهي من تناول العشاء كان كلّ واحد منّا يذهب إلى النوم ولا نرى بعضنا إلا في الصباح. أعتقد أنّه كان سيستمرّ الوضع هكذا لولا تصرّف أيمن معي. ففي البدء كان يكلّمني عبر الهاتف من بروكسل كل ليلة ويأتي ليراني كما وعد كل أسبوعين. ولكن بعد مرور ستة أشهر على رحيله، بدأَت المكالمات تجفّ ولم يعد يأتي سوى مرّة في الشهر أو الشهرين. وعندما سألته عن السبب، قال لي إن أشغاله كثيرة والعمل في الخارج يتطلّب مجهوداً وتركيزاً كبيرين.


بالطبع تفهّمتُ الوضع لأنّ الناس ينتظرون دائماً من الزوجة أن تكون متفهّمة وليس العكس. فصبرتُ لأرى إلى أين سيأخذنا عمل أيمن ولكنني أصبتُ بإحباط لأنّ حياتي أخذت منعطفاً معاكساً لما توقّعته. وإحباطي هذا كان واضحاً لدرجة أن آدم لاحظه وسألني إن كنتُ بخير. أجبته أن أخيه يهملني وأنني أجد صعوبة في التعايش مع الأمر. فقرّر آدم أنّ عليّ الترفيه قليلاً وعرضَ أن نذهب إلى المطعم بدل أن نأكل في البيت. أعجبَتني الفكرة كثيراً وذهبتُ أبدل ملابسي بسرعة، لكثرة حماسي، فلم نكن نخرج أنا وزوجي كثيراً، لأننا كنّا نفضّل البقاء في البيت للإستمتاع بوجوده لأيّام قليلة في البلد.


فذهبتُ مع شقيقه إلى مكان جميل، حيث تناولنا طعاماً لذيذاً وتكلّمنا. تعرّفتُ إليه أكثر ووجدتُ أنّ رفقته ممتعة عكس ما كنتُ أتخيّله. أخبرَني عن منزله في الجبل وعن أشجار الفاكهة التي كان يهتمّ بها هناك وعن الطقس الجميل والأناس الطيّبين الذين يسكنون تلك المناطق. وأنا بدوري أخبرته عن حياتي كفتاة أمضَت كل وقتها في العاصمة وعمِلت على تحصيل علمها وعن لقائي بأيمن ومشوارنا سويّاً. وإنتهَت السهرة وعدنا إلى المنزل. ومنذ ذلك المساء، أصبحَت علاقتنا وديّة أكثر فبدأتُ أحضّر الأطباق التي يحبّها، ونقضي الأمسيّات معاً أمام التلفاز نناقش البرامج والأفلام.

 

وفي هذه الأثناء كان أيمن منغمساً في عمله في بروكسل ولم يعد يتّصل إلا نادراً. من جهّتي بدأتُ أعتاد على الوضع وتوقفّتُ عن إنتظار الهاتف كي يرن، وعندما قال لي أنّه لن يأتي قبل شهرين، لم أنزعج كثيراً، فكان لي صديق جديد يملأ الفراغ الذي تركَه زوجي وراءه.
ومع الوقت حصل ما أظنّ كان مقدّراً أن يحصل، أي أنني وقعتُ في حبّ آدم وهو بدوره أحبّني كثيراً. ناضلنا بقوّة لكي نبقي شعورنا المتبادل عذريّاً ولكننا لم نستطع. وإنتابني شعور قويّ جداً بالذنب، لدرجة أنني كرهتُ نفسي وكرهتُ آدم رغم أنني كنتُ أعلم أن الذنب لم يكن ذنبه لوحده. ولكن كنتُ بحاجة إلى لوم أحد غير نفسي. فطلبتُ منه أن يغادر المنزل. ورحل لأنّه لم يكن فخوراً بنفسه لإقامة علاقة مع زوجة أخيه. ووجدتُ نفسي وحيدة مع ضميري الذي لم يكفّ ولو للحظة عن تأنيب، حتى أنني قررتُ أن أبوح لزوجي عن خيانتي ولكن دون أن أقول له عن إسم عشيقي. فإنتظرتُ مجيئه وحين وصل قلتُ له أنني أريد التكلّم معه بأمر مهمّ جدّاً. ولكنّه قاطعني وقال:


- دعيني أبدأ أنا... وأرجو منكِ أن تكوني متفهمة للوضع قدر المستطاع... أقسم لكِ أنني عندما رحلتُ من هنا كنتُ جدّ مغرمٍ بكِ وكرهتُ نفسي لترككِ هنا... ولكن بعد فترة بدأتُ أتذوّق تلك المدينة والحياة فيها وأناسها... كل شيء مختلف هناك ووجدتُ أنني مرتاح أكثر... خطرَ ببالي أن آتي بكِ لتكوني إلى جانبي وتقاسميني فرحتي ولكن... ولكنني بالصدفة تعرّفتُ إلى إمرأة...

- ولكن...

- دعيني أكمل من فضلكِ... لم أكن أريد هذا ولكنني وقعتُ بحبّها ولا أدري كيف ولماذا... وفجأة نسيتكِ ونسيت كل شيء... وبات قدومي إلى هنا بمثابة واجب. سامحيني ولكنني لم أعد أستطيع أن أكذب عليكِ... أهملتكِ كفاية وهدرتُ وقتكِ سدى... أظنّ أنّه من الأفضل أن نفترق.

 

رغم المفاجأة ورغم خيانتي له، حزنتُ كثيراً فلم أتخيّل أبداً أن زوجي كان على علاقة مع إمرأة أخرى، فتصوّرته يعمل بكدّ لجني المال لنا. إرتحتُ قليلاً لأنّه كان هو السبب في خيانتي، ولكنني لم أكن فخورة بنفسي. لم أقل له الحقيقة لأنني لم أجد داعياً لإعطائه عذراً لما فعلَه فمِن الواضح أنّه كان قد قرّر تركي من فترة طويلة. وتطلّقنا وعاد إلى حبيبته. من جهّتي قمتُ بالإتصال بآدم وأخبرتُه بما حصل وعرضتُ عليه اللحاق به لنكون سويّاً ولكنّه رفَضَ بتهذيب:

 

- أحبّكِ كثيراً ولكنّ أيمن أخي وما فعلناه خطأ حتى لو كان هو البادئ بالخيانة. سامحيني لأنّني أقحمتكِ بكل هذا...

 

وها أنا اليوم وحيدة أبحث عمَن يملأ الفراغ الذي تركَه زوجي، ومِن ثمّ عشيقي. هل أنا ضحيّة أم مذنبة؟

 

حاورتها بولا جهشان 

المزيد
back to top button