اصطحبناكِ في رحلة على متن مجموعة العطور الرجالية الأخيرة من لويس فويتون التي ابتكرها صانع العطور جاك كافالييه بيلترود، في قلب Les Fontaines Parfumées في غراس. يسافر كافالييه بيلترود بعيداً ويجول الكرة الأرضيّة بحثاً عن مكوّنات مثاليّة تجعل هذه العطور تحفاً حقيقيّة، وهو صاحب شغف كبير حيال العطور ومزيج الروائح.
ولهذه الغاية، ينتقي أفضل الموادّ الأوليّة الموجودة في العالم ويتوجّه إلى القارّات الخمس للبحث عن الإحساس العطريّ. وهو يحدّثنا عن كالابريا شمال إيطاليا حيث يناقش جودة الحمضيّات مع المزارعين.
على مرّ أكثر من قرنين، نبتت أشجار برغموت البرتقال في المنطقة الساحليّة في إيطاليا حيث يمكن رؤية مضيق مسينا وصقلية من جهة، والبحر الأيوني واليونان من جهة أخرى.
"تتنوّع الفاكهة وتتغيّر من بستان لآخر. ففي مرحلة النموّ، يمكن أن نجد بعض الفوارق البسيطة في أشجار الحمضيّات حسب تعرّضها لنور الشمس والريح.
بعض أشجار البرغموت حمضيّة وبعضها الآخر أقلّ حمضيّةً. وإنّ مقارنة الحصاد تسمح لي باختيار النوعيّة الأفضل والأكثر ملاءمةً للتركيبة"، كما يقول. لا شكّ في أنّ كافالييه بيلترود يفعل كلّ ما يلزم ليجد مجموعة الحمضيّات المثالية وليتأكّد من الحصول على أفضل جودة ممكنة ترضي حاسّة الشمّ لديه.
من أجل الحصول على الرائحة الصحيحة والأصيلة، لا بدّ من اتّباع التقليد لاستخراج الخلاصة. "في هذه الملكيّة القابعة في كالابريا، تُستكمل عمليّة عصر الزيت الأساسي للبرغموت وفقاً لطريقة تقليديّة ابتُكرت منذ مئتي عام وهي تقنيّة استخراج الإسفنجة"، حسب كافالييه بيلترود.
"أولاً، تُزال الفاكهة بكلّ عناية يدويّاً ثمّ يُعصر كلّ المحتوى بواسطة إسفنجة طبيعيّة. حين تصبح الإسفنجة مشبّعة، تُنتزع الخلاصة".
ولا يكتفي هذا المبدع المنحدر من غراس بالالتزام بعلاقة احترافية مع المزارعين بل إنّه يقوم بكلّ ما يلزم للحصول على الرائحة التي يبحث عنها بالتحديد. "من الضروري جداً إقامة علاقة متينة مع المزارع وسماع قصصه وعيش تجاربه. نحن ننتقل من الحقل إلى المصنع لاستخراج الخلاصة ونتعرّف إلى كلّ التدرّجات العطريّة الخاصّة بكلّ بقعة جغرافيّة. وهذا المسار يمدّني بالكثير من الوحي".
في الواقع، إنّ المسار المتّبع لابتكار مثل هذه العطور الفريدة والمنعشة هو بمثابة رحلة بحدّ ذاتها، كما أظهر لنا كافالييه بيلترود. بالنسبة للمعلّم، تقوم المسألة على جمع الموادّ الأوليّة الصحيحة ومزجها وحمل كلّ ما تعلّمه في الأماكن التي يسافر إليها من أجل إحضاره إلى محترفه في منطقة بروفانس. أمّا هدفه فهو نقل الشخص الذي يشتمّ العطر إلى رحلةٍ رائعة حول العالم، وهذا ما نجح في تحقيقه بلا شك!
كيلي صادق
