إنّ زيارة معالم أثرية في السعودية يأخذك في مغامرة شيّقة إلى تاريخ المملكة الثريّ بالحضارات التي حطّت رحالها في أرجاء مختلفة منها، تاركة وراءها آثارًا تخبر الكثير عن نمط الحياة الذي عاشوه، والحروب التي خاضوها. من قلعات إلى بيوت وأعمال يدويّة، تحتضن هذه المعالم الكثير من العناصر التي ستستمتعين باستكشافها وتعزّزي ثقافتك بمعلومات مهمّة عن المملكة العربيّة السعوديّة، سواء كنت من مواطنيها أو من المهتمّين بزيارتها والتجوّل في أجمل مدنها وقراها وجزرها. في الأسطر التالية، سنأخذك في جولة سريعة على عدد من مئات المعالم الأثريّة التي تشتهر بها.
مدائن صالح
تعدّ مدائن صالح من أشهر المعالم الأثريّة في السعوديّة، وهو يقع في محافظة العلا، وهو أول معلم في المملكة يتمّ تسجيله في قائمة التراث العالميّ لليونسكو. يضمّ هذا الموقع التراثيّ الكثير ممّا يرمز إلى الازدهار الذي عاشته هذه القرية في السابق، بما في ذلك سكّة طريق الحجاز التي تمرّ بها، والتي بُنيت لتربط اسطنبول بالمدينة المنوّرة عبر طريق الشام، ومدافن الرجوم الركاميّة، والبئر النبطيّة التي تعدّ واحدة من بين 65 بئرًا لريّ المزروعات اكتُشِفَ في الموقع. كذلك، تضمّ مدائن صالح بيوتًا طينيّة كان يسكنها أفراد قبيلة عنزة، ومنطقة سكنيّة أخرى تتألّف من مبانٍ طينيّة ووحدات معماريّة بُنِيَت على أساسات حجريّة، إضافة إلى عدد من المدافن المميّزة بواجهاتها المنحوتة.
حي الطريف للتراث العالمي
تمّ تأسيس حي الطريف في القرن الخامس عشر، وهو يقع في الدرعية في شمال غرب الرياض، ويعكس روعة الأسلوب المعماريّ النجديّ الذي تتفرّد به وسط شبه الجزيرة العربيّة. إنّه أوّل عاصمة لأسرة آل سعود، وهو يضمّ قصورًا متعدّدة إلى جانب مدينة مبنيّة على ضفاف واحة الدرعيّة، وهو الموقع السعوديّ الثاني الذي تمّ تسجيله في قائمة التراث العالميّ، بعد اعتماد تسجيل موقع الحجر المعروفة أيضًا باسم مدائن صالح. في العام 2018، رعى الملك سلمان بن عبد العزيز مشروع تطوير حي الطريف، ليتضمّن إنشاء مرافق متنوّعة، مثل إنشاء خمسة متاحف في عدد من القصور الموجودة، وهي متحف الدرعية، والمتحف الحربي، ومتحف الحياة الاجتماعيّة، ومتحف التجارة والمال، ومتحف الخيل العربيّ. ومن المرافق المميّزة أيضًا التي ستجعل زيارتك رائعة، السوق الذي يتألّف من مطاعم ومتاجر مُخَصَّصة لبيع الأعمال الحرفيّة.
النقوش الثموديّة في حائل
تُبرز الفنون الصخريّة في منطقة حائل، العمق الحضاريّ المميّز للملكة العربيّة السعوديّة، وهي تدلّ على الحضارات التي تعاقبت عليها وتعدّ من أهم المعالم الحضاريّة القديمة فيها. تتنوّع هذه الفنون بين نقوش وطبعات ورسوم لمئات الآلاف من الأشكال البشريّة والحيوانيّة، تتوزّع على أكثر من 1،400 موقع في حائل. فقد توفّرت في هذه المنطقة بيئة ساهمت باستيطان السكّان، وذلك في الفترة الممتدّة بين 3 ملايين سنة ق. م. وعشرة آلاف سنة ق.م.، حين كثر سقوط الأمطار وتوفّر الغطاء النباتيّ، قبل أن تبدأ فترة الجفاف قبل خمسة آلاف عامًا ق.م. والتي ما زالت حتّ اليوم. وقبل الجفاف، عاشت الكثير من الحضارات في حائل، وخلّفت آثارها فيها، بما في ذلك أدوات حجريّة وفنون تمّ نقشها على الصخور عبّْرت عن أنماط مختلفة لأساليب الحياة والتواصل بين الحضارات المتعاقبة.
بلدة العلا القديمة
تستقطب بلدة العلا القديمة المهتمّين باستكشاف الأماكن المميّزة، فهي تحتوي متاهة من الأزقّة الأثريّة التي يصطفّ فيها حوالي 870 منزلًا مبنيًّا من الطوب الطينيّ، ما يجعلها تشكّل ما هو أشبه بحصن يحمي البلدة. ومن المعالم المثيرة للاهتمام فيها أيضًا، القلعة التي يصل ارتفاعها إلى 45 مترًا، والتي بُنيَت لتكون برجًا للمراقبة وحصنًا ببدفاع عن سور البلدة المؤلَّف من 14 بوّابة. وتتألّف بيوت البلدة من طابقين، يضمّ الأرضيّ منها ردهة كانت تُستَخدَم غالبًا لاستقبال الضيوف إضافة إلى غرفة لتخزين المونة، في حين يتألّف العلوي من غرف النوم والجلوس والمطبخ والمرحاض، إلى جانب مساحة خارجيّة. وتقع هذه البلدة في محافظة العلا التي تعدّ من أجمل الوجهات السعوديّة، وأثناء تجوّلك فيها، ستتاح لك فرصة التعرّف على نمط حياة من عاشوا فيها من خلال ما تركوه وراءهم من أدوات اعتادوا استخدامها، وكذلك تسوّق الأعمال الحرفيّة والتذكارات من المتاجر.
