ياسمين حسين محمد: "القيادة هي رحلة مستمرة من النموّ وإلهام الآخرين"

يحتفل العالم في 8 آذار من كل عام بيوم المرأة العالمي الذي يسلّط الضوء على إنجازات النساء في مختلف المجالات ودورهن المحوري في تشكيل المستقبل. في الإمارات تحديداً، حيث بات تمكين المرأة جزءاً لا يتجزأ من سياسة التنمية المجتمعية، تبرز نماذج ملهمة تسهم في دفع عجلة التقدّم وتعزيز التنوّع في سوق العمل.
في هذه المقابلة، نحاور ياسمين حسين محمد، مديرة تطوير المواهب الناشئة في شركة AtkinsRéalis في الإمارات العربية المتحدة لتحدّثنا عن تجربتها في تعزيز دور المرأة داخل سوق العمل وجذب المواهب الإماراتية الشابة وتطويرها.

 

باعتبارك شخصاً ملتزماً بتنمية المواهب الإماراتية، ما هو دور المرأة في تشكيل القوى العاملة المستقبلية؟

تلعب المرأة دوراً محورياً في تشكيل مستقبل العمل، لا سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يتصدر إدماج المرأة وتمكينها أجندات التنمية الوطنية. وباعتبارهن مساهمات رئيسيات في النمو الاقتصادي والابتكار والقيادة، تجلب النساء الإماراتيات إلى سوق العمل وجهات نظر متنوّعة، ومهارات في حل المشكلات، وقدرة عالية على التكيّف. في سوق العمل الحالي الذي يتميّز بسرعة التطوّر، تحتاج الصناعات إلى قوى عاملة مرنة، متطلعة إلى المستقبل، وشاملة. فالنساء، لا سيما في الأدوار القيادية، لا يساهمن فقط في نجاح الأعمال، بل يخلقن بيئات عمل أكثر تنوّعاً تعزّز التعاون والابتكار. من خلال توجيه النساء الأخريات ودعمهن، نساعد في بناء قاعدة مستدامة من المواهب.
ومع انتقال دولة الإمارات العربية إلى اقتصاد قائم على المعرفة، تستفيد قطاعات مثل التكنولوجيا والتمويل وريادة الأعمال من المشاركة المتزايدة للمرأة الإماراتية. 

 

ما الذي ألهمكِ لمتابعة مسيرتكِ في تطوير المواهب، وكيف أثّرت تجربتكِ في القطاع الخاص على وجهة نظركِ؟

ينبع شغفي بتنمية المواهب من إيماني العميق بأن الأفراد هم المحرّك الحقيقي لنجاح أي منظمة. في بدايات مسيرتي المهنية، شهدتُ بنفسي كيف يمكن للاستثمار في الأفراد، عبر الإرشاد والتدريب وتنمية المهارات القيادية، أن يُحدث تحوّلاً ليس فقط في حياتهم المهنية، بل أيضاً في المنظّمات التي يعملون بها. هذا الإدراك ألهمني للتركيز على تمكين المواهب الإماراتية، لا سيما النساء، لمساعدتهن على تحقيق النجاح في القطاع الخاص والمساهمة بشكل هادف في الاقتصاد. كانت رحلتي في القطاع الخاص غنيّة، إذ منحتني منظوراً واسعاً حول تطوّر مشهد القوى العاملة، والتحدّيات التي يواجهها الإماراتيون، والفرص الواعدة التي تنشأ عندما تُهيّأ بيئة داعمة لنمو المواهب. كما ساهمت تجربتي في القطاع الخاص في تشكيل نهجي القيادي، إذ تعلّمت أهمية التكيّف، والمرونة، والتعلّم المستمر. وهذا ما دفعني إلى الدعوة لسياسات ومبادرات لا تقتصر على استقطاب المواهب الإماراتية إلى القطاع الخاص، بل تفتح أيضاً مسارات لنموّها وقيادتها. 

 

غالباً ما تواجه النساء تحديات فريدة في التقدّم الوظيفي. ما الاستراتيجيات الأكثر فاعلية في دعم المهنيات الشابات وتوجيههن؟

خلال مسيرتي، أدركت كيف يمكن للدعم والتشجيع والفرص المناسبة أن تساهم في نموّ الفرد. لطالما آمنت بقوّة الإرشاد ومشاركة الخبرات في مساعدة الآخرين على التنقل في حياتهم المهنية وخاصة الشابات اللواتي يتطلّعن إلى تأسيس أنفسهن في القطاع الخاص.
إحدى أكثر الطرق فاعلية في دعم المهنيات الشابات هي توفير بيئة تشجّع المحادثات المفتوحة ومشاركة تجارب الحياة والدروس المستفادة والنصائح العملية. فالكثير من النساء يترددن في خوض تجارب جديدة أو تولّي مناصب قيادية بسبب عدم الثقة بالنفس أو الافتقار إلى النماذج الملهمة. لذا، أشجعهن دائماص على تبنّي المخاطرة، ومواجهة التحدّيات، والاستفادة من كل تجربة. استراتيجية رئيسية أخرى هي تعزيز الظهور المهني. إذ تميل بعض النساء إلى تجنّب تسليط الضوء عليهن أو التقدّم لأدوار قيادية. لذلك، أحرص على تشجيع المهنيات الشابات على التعبير عن طموحاتهن، والسعي إلى الإرشاد، والانخراط في مشاريع تدفعهن إلى تجاوز مناطق الراحة الخاصة بهن. أؤمن أيضاً بقوّة بناء شبكات الدعم. فوجود مجتمع داعم من الزملاء والموجهين يسهم في منح المرأة الثقة اللازمة للنمو المهني. في "أتكنز رياليس"، نوفّر بيئة عمل داعمة للمرأة، حيث تنظّم شبكتنا الداخلية فعاليات وحوارات مهنية لمناقشة التحدّيات وإيجاد حلول فعالة ومستدامة لتعزيز تمكين المرأة في بيئة العمل.

 

كيف تساهم مبادرات التوطين في دمج وتنمية المواهب الإماراتية في القطاع الخاص؟

يلعب التوطين دوراً أساسياً في إدماج المواهب الإماراتية في القطاع الخاص وتنميتها. كذلك، هو يساعد على سدّ الفجوة بين الموهبة والفرص، من خلال وضع أهداف واضحة وحوافز تشجع الشركات على استقطاب الكوادر الإماراتية وتطويرها. إلا أن نجاح التوطين لا يقاس فقط بعدد التعيينات، بل بمدى توفير مسارات مهنية تعزّز النمو والقيادة والخبرة الصناعية. من جهة أخرى، يساهم التوطين في تغيير المفاهيم التقليدية حول العمل في القطاع الخاص. تاريخياً، فضّل العديد من الإماراتيين العمل في القطاع الحكومي لأسباب تتعلّق بالأمان الوظيفي والاستقرار. لكن مع توفير برامج إرشاد، وتدريب متخصّص، بدأ العديد من الإماراتيين ينظرون إلى القطاع الخاص كمساحة للإبداع والتقدّم. بالنسبة إلى المرأة الإماراتية، تمثل هذه المبادرات فرصة لدخول قطاعات لم يكن تمثيلها فيها كافياً سابقاً. ومن خلال تنمية مهارات القيادة، وتوفير سياسات عمل مرنة، يمكن للتوطين أن يضمن للمرأة الإماراتية دورًا فاعلًا في تشكيل مستقبل القوى العاملة. ولكي يكون التوطين فعالاً، يجب أن يتجاوز فكرة الأرقام، ويركّز على التطوير المهني الحقيقي، من خلال خلق بيئات عمل شاملة، والاستثمار في التعلّم المستمر، وتمكين الإماراتيين، رجالاً ونساء، من تولّي أدوار قيادية مستقبلاً.

 

ما النصيحة التي تقدمينها للشابات الطموحات لتولّي أدوار قيادية في الشركات؟

نصيحتي لكل شابة تطمح إلى دور قيادي هي أن تواجه التحدّيات بثقة وتسعى دائماً للتعلم وبناء شبكة دعم قوية، فالقيادة ليست امتلاك جميع الإجابات، بل هي رحلة مستمرة من النموّ والتكيّف وإلهام الآخرين. من المهم أن تعبّري عن طموحك بوضوح وتتخذي خطوات استباقية لتحقيقه. ابحثي عن مرشدين يلهمونك ويساعدونك في تجاوز العقبات، واعملي على بناء ثقتك من خلال المعرفة وتطوير مهاراتك في مختلف الجوانب. تحلّي بالمرونة والقدرة على التكيّف، فالعالم المهني مليء بالتحدّيات، والقائدة الحقيقية هي من تواجهها بعقلية تركّز على الحلول. وأخيراً، لا تنسي أهمية دعم النساء الأخريات، فخلق بيئة شاملة وداعمة هو المفتاح لإحداث تغيير حقيقي ومستدام.

المزيد
back to top button