وصول زوجي إلى مركز مرموق هدّدَ زواجنا

كيف كادت أن تصل بنا الأمور إلى الطلاق؟ بسبب رجل حسود ومتكبّر، قرّر أن يخرب حياتنا فقط ليبني لنفسه شعبيّة ويعزز صورته كَ"كازانوفا".

كل شيء بدأ عندما إستلم عفيف زوجي منصبه كمدير فرع في مصرف ذات سمعة عالميّة. حسده الجميع على هذه الترقية التي تمنّاها الكثير وأصبح محط أنظار الكثيرين من زملائه، الذين إعتقدوا أنّهم كانوا أكثر جدارة منه. ولكنّ زوجي إنسان دؤوب ويعلم كيف يدير عمله وموظّفيه وبفضل شخصيّته ونزاهته، تحسّنت أحوال الفرع وزاد عدد زبائنه بشكل ملحوظ. وكان هناك جمال، نائبه، وكان يكرهه بشكل مخيف ولكنّه لم يكن يجرؤ على الإفصاح عن مشاعره هذه، خوفاً من أن يُطرد.
وسبب كل هذا الكره، أنّه ذهب هو وزوجي إلى نفس الجامعة وتخرّجا سويّاً وقدِما للعمل في المصرف في نفس الوقت ولكن عفيف هو الذي نال الترقية، أمّا هو فلا.

وإضافة إلى كل هذا، كان لجمال جزءاً كبيراً بما حصل لاحقاً. فبالنسبة لجمال، كان عفيف قد نجح بكل شيء حتى بالزواج من إمرأة جميلة ومثقّفة، بينما كانت زوجته إنسانة عاديّة من كل النواحي.

ولم أكن على علم بهذه المنافسة الخفيّة عندما ركبتُ سيّارتي في تلك الليلة لأذهب إلى عشاء خيري. ولكن لسوء حظّي إنثقب الإطار الخلفي في وسط الطريق ونزلتُ من المركبة لأتفقّد ما حصل. وفي هذه اللحظة، مرّ جمال من قربي ورآني واقفة محتارة في أمري. عرضَ عليّ المساعدة في تبديل الإطار ولكن عندما فتحنا صندوق السيارة، إكتشفنا أنّ الإطار البديل كان هو أيضاً مثقوب. فإصطحبني بسيّارته إلى بيتي ورحل بعد أن شكرته على لباقته. هذا كل ما حصل في تلك الأمسية ولكن ليس هذا ما أخبره جمال لزملائه في اليوم التالي، عندما جاء موظّف وقال له أنّه رآنا سويّاً في السيّارة. وبدل أن يروي القصّة كما هي، نظرَ إليه وإلى باقي الموظفين وإبتسم قائلاً:

- إننا... تعلمون ما أقصد... مقرّبين جدّاَ... ولكن إيّاكم أن تخبروا زوجها... فهي طلبَت مني أن أكون كتوماً وأنا رجل يحترم وعوده... ومن جهة أخرى لا أريد أن أفقدَ وظيفتي...

وهكذا بدأت هذه الإشاعة بالإنتشار في الفرع أولاً، ثم إلى باقي الفروع، حتى أن وصلَت طبعاً إلى زوجي الذي شعر بإستياء كبير عندما أدركَ أنّه آخر من علِمَ أنني أخونه ومع نائبه. وعندما عاد إلى المنزل في ذلك النهار، علمتُ أن شيئاً قد حصل من نظرة عيونه. مسكني من كتفيّ وصرخ بي:

- هل قصّرتُ بحقكِ يوماً؟ أجيبيني! هل جعلتكِ تشعرين أنّكِ أقل أهميّة من أي شيء آخر؟ هل نظرتُ يوماً إلى إمرأة أخرى؟

- لا... ولكن لماذا...

- لماذا فعلتِ هذا إذاً؟؟؟ ظننتُ أنّكِ إمرأة شريفة ووثقتُ بكِ... لم أتصوّر يوماً أنّكِ تخونينني ومع زميل لي!!!

- ماذا تقول؟ هل جننتَ. لم أخنكَ مع أحد!

- بلى مع جمال! هو الذي أخبر الجميع بالأمر بعدما رآكم أحدهم في الليل سويّاً!

- المرّة الوحيدة التي تواجدتُ معه وليلاً كان عندما إنثقب إطار السيّارة وكان هو ماراً من هناك وأقلّني إلى البيت. وفي صباح اليوم التالي أخذتُ سيّارة أجرة وعامل تصليح الإطارات وذهبنا إلى حيث تركتُ السيّارة. أهذا يُعتبر خيانة؟

- لو كان هذا صحيحاً لكنتِ أخبرتيني بالأمر.

- لم أخبركَ لأنّ الإطار البديل كان أيضاً مثقوباً وكنتَ قد نبّهتني أن إبقاءه دون تصليح سيؤدّي إلى مشكلة، فلم أرد أن أبدو غبيّة.

ولم يصدّقني عفيف ولكنّه لم يصدّق أيضاً أنّني قد أغشّه، فأنا لم أرتكب أي خطأ معه منذ أن تزوّجنا وكانت حياتنا سعيدة، فلِمَ أفعل هذا؟

وبما أنّه بدأ يشكّ بمصداقيّة رواية جمال، صمّم أن يعرف الحقيقة ليتصرّف بحقّه أو بحقّي، فذهبَ إلى محل تصليح الإطارات وسأل العامل عمّا حدث بسيّارتي تلك الليلة وأخبره هذا الأخير كيف جئتُ وإصطحبته ليصلح الثقوب في كلا الإطارين. عندها تأكدّ عفيف من صدقي، لم يبقى له سوى أن يثبُتَ برائتي أمام جميع الموظّفين وكشف مكر نائبه. لهذا إبتكر خطّة بمساعدة يُمنى سكريترته، التي قبِلَت بالمهمّة عندما أخبرها كيف تمّ الإيقاع بي وكيف أوشكَ أن يطلّقني. وبعد بضعة أيّام، قصَدَت يُمنى مكتب جمال وبيدها هاتفها لِتسجيل كل ما قد يُقال بينهما وكانت قد حضّرَت بضعة سيناريوهات لجعله يعترف بالحقيقة وتبرئتي:

- سيّد جمال... أريد أن أهنّئكَ على ما فعلتَه بالسيّد عفيف، فأنا أكرهه لأنّه مدير سيّىء وأعتقد أنّكَ أنتَ الذي تستحقّ هذا المنصب.

- شكراً آنسة يمنى... ولكن ما الذي تقصدينه بِ "ما فعلته"؟

- أعني أنّكَ إدّعيتَ إقامة علاقة مع زوجته، فأنا أعلم أنّ هذا غير صحيح، لأنني أنا أيضاَ كنتُ مارة من هناك ورأيتكما واقفين أمام السيّارة تنظران إلى الإطار المثقوب. أردتُ التوقّف لعرض خدماتي ولكنني كنتُ على عجلة من أمري. لم أقل شيئاً عندما أذعتَ كذبتكَ للجميع لأنني فرحتُ لأذيّة مديري.

- وعملتِ حسناً! بالطبع ليس هناك شيئاً بيني وبين زوجة عفيف ولكنّ الناس يسرعون بتصديق أيّ خبر مثير دون أن يتحققوا من صحّته. إبقي إلى جانبي وسأكافئكِ عندما أصبح أنا مدير الفرع، فلم أنتهي بعد من ذلك الرجل، فبعد أن حطّمتُه إجتماعيّاً وعاطفيّاً سأحطّمه مهنيّاً!

وهكذا حصل زوجي على إثباة على براءتي وعلى عزيمة جمال على النيل من مركزه بطرق ملتوية. وأخذ عفيف التسجيل إلى مجلس إدارة المصرف الذي قرر طرد جمال.

لزمَني بعض الوقت لمسامحة زوجي على شكّه بي، فكان عليه الوثوق بي وبوفائي له ولكنني تفهّمتُ قوّة الضغط الذي مورِسَ عليه من قبل الجميع بسبب الغيرة والطمع.

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button