هكذا انتقمت من طليقي الخائن...

لم أكن يوماً من أولائك الناس الذين يؤمنون بالقدر. كنتُ دائماً إمرأة واقعيّة تصدّق الملموس والمرئي. ولكن أحياناً تحدثُ لنا أمور غريبة لو رواها لي أحدٌ لما كنت لأصدّقها.

كنتُ قد تشاجرتُ مع عزيز، زوجي في ذلك النهار، ولم أعد اتحمّل كذبه وإحتياله. ففي الواقع، كنتُ أعلم أنّه يخونني وكل ما كنتُ أطلبه منه هو أن يحترمني ولو قليلاً بإعترافه بأفعاله. ولكنه كان مصرّاً على النكران مع أنّ الجميع كان على علم بأفعاله بمن فيهم أنا. كنتُ قد قبلتُ على مضض عدم رغبته بالإنجاب ولكن الخيانة فهذا كان مستحيل!

 

خرجتُ من الشقّة وأنا غضبانة جدّا ولم أر السيّارة القادمة نحوي فصدمتني، ووقعتُ ارضاً. ترجّل السائق وركض لتفقّدي، وكانت الدماء تسيل من ركبتيّ ولكن لم أصب بأذى بليغ. حملني الرجل واخذني الى أقرب مستشفى حيث نظّفوا جراحي وطمأنوني. شكرتُ السائق على لطفه طالبة منه السماح لأنني كنتُ أنا المخطئة. فقال لي بلطف:


- سيّدتي أنا آسف. كان عليّ الانتباه اكثر ولكن خرجتُ من البيت وأنا مستاء جداً. لديّ مشاكل عائليّة كثيرة...

 

- يا للصدفة ! أنا أيضاً.

 

- لما لا نذهب الى مقهى ونروي لبعضنا مشاكلنا؟ دعوتي هذه مجرّدة من أيّة نيّة سيّئة صدّقيني. لقد رأيتُ خاتم الزواج في إصبعك وأنا رجل متزوّج أحترم قدسيّة الزواج.

 

قبلتُ دعوته وجلسنا في مقهى، وروى لي جواد قصّته: كانت زوجته مثل تلك النساء اللواتي لا يكترسن لشيء سوى لأنفسهنّ، فتهمل البيت وزوجها وأولادها... وكان جواد يعتقد أنها تقيم علاقة غراميّة مع أحد.

عندما سمعتُ هذا صرختُ:

 

- يا الهي! هذه مشكلتي مع زوجي!

 

ورويتُ له كل القصّة، وضحكنا. يا للصدف!

طلب جواد مني ان نتواعد ثانية ولكنني رفضتُ بتهذيب. أخذتُ رقمه الهاتفي ووعدته أن أبعث له رسائل عندما تسوء الأحوال مع زوجي وأشعر بالحاجة للتكلّم مع أحد. لم يمض يومين حتى إتصلت بجواد باكية. كان زوجي قد غادر البيت ليلاقي حبيبته ضارباً عرض الحائط كل الوسائل التي إستعملتها لمنعه من الذهاب. أخبرني رواد انه هو ايضاً وحيداً في المنزل مع اولاده لأن زوجته خرجت مع صديقاتها. تكلّمنا على الهاتف لساعات طويلة، ووجدنا أن لدينا أمور مشتركة عديدة. ففكّرت بقرارة نفسي انّه الرجل الذي كان يجب ان أتزوّجه ليس عزيز، لكن لا يمكنني الرجوع في الزمن الى الوراء لأغيّر مصيري... أقفلتُ الخط عندما سمعتُ باب المنزل يفتح. كانت الساعة الثالثة فجراً. أغمضتُ عيوني عندما دخل عزيز الغرفة لكي أتفادى أي مواجهة.

في تلك الليلة حلمتُ بجواد!

في اليوم التالي أحسستُ بالذنب لقضاء كل هذا الوقت مع رجل ليس زوجي، فهذا لم يكن من شيمي. لذا قررتُ أن أكفّ عن الإتصال والتفكير به. لكنني لم أستطع! شيئ غريب كان يجذبني الى جواد، قوّة غريبة لا تقاوم. قضيتُ النهار بكامله أصارع نفسي لكي لا أتصل به ولكن في لحظة خروج عزيز من المنزل ليلاً اتصلت بـ" توأمي". كان وحيداً ايضاً فأمضينا الليلة نتبادل الآراء والأحاسيس. وعندما عاد زوجي الى البيت لم أكترث للأمر حتى أنني لم ادّعي النوم حتى :

 

- كيف كانت سهرتك؟

 

نظر عزيز اليّ بدهشة:

 

- جيّدة ... جيّدة . هل أنت بخير؟

 

- بأحسن الأحوال! طابت ليلتك.

 

بقيت الأحوال على هذا النحو لفترة طويلة، ولكنني لم أعد وحيدة في حزني، فكان هناك من يشاركني حياتي حتى ولو عن بعد.

وفي ذات ليلة عندما كان زوجي خارج البيت، أدركتُ شيئاً غريباً جداً: كان هناك تزامناً فاضحاً بين غياب عزيز وغياب زوجة جواد. كلّما كنّا نتخابر كنّا كلينا لوحدنا في البيت. هل من المعقول أن...

لفتُّ إنتباه جواد للأمر ووافقني الرأي فقررنا أن نسجّل لحظة خروج وعودة أزواجنا. وما نتج من الأمر كان مذهلاً. كانت الاوقات تتطابق تماماً لدرجة اننا رحنا نتساءل كيف لم نلاحظ الموضوع من قبل. ربّما لأننا كنّا مشغولان بالتعرّف الى بعضنا البعض وبتبادل ميولنا وأفكارنا.

وللتأكّد من الأمر عرضتُ على جواد خطّة: بما انه ليس لديّ اولاد كان بإمكاني ملاحقة زوجي لمعرفة أين يذهب وبمن يلتقي. طلبتُ منه أن يبعث لي صوراً لزوجته لكي اتعرّف عليها. كنّا كالاطفال متحمّسين لهذه اللعبة وآملين ان تتحقق نظريتنا.

إنتظرتُ حتى يخبرني زوجي أن لديه عشاء عمل حتى قلت له أن أمّي مريضة ويجب أن أذهب إليها وقضاء الليلة عندها. فخرجتُ من البيت وركنتُ سيّارتي بعيداً انتظرُ خروجه. ثم تبعته عن بعد حتى وصل الى فندق صغير خارج المدينة. كانت بإنتظاره إمرأة، فتعانقا ودخلا سوياً. إستطعتُ أن ألتقت بعض الصور وبعثتها فوراً لجواد سائلةً: "هل هذه زوجتك؟" فأجاب برسالة: "نعم ... حتى في الليل الحادق كنتُ سأتعرّف عليها".

جلستُ بسيّارتي مذهولة. هل من المعقول أن الرجل الذي دهسني بسيارته والذي أصبح أعزّ من صديق لي، هو زوج عشيقة زوجي؟ هل كانت هذه صدفة أم مداخلة من القدر؟ ما العبرة وراء ربط مَصيرَينا في لحظة؟ هل زواجنا خطأ وكان مقدّر لنا التبادل من البدء؟ بينما كنتُ أفكّر بكل هذا إتصل بي جواد قائلاً بصوت راجف:

 

- أحبّك أحبّك أحبّك ! تعالي نصحح الخطأ ونجعل الأمور على ما كان يجب أن تكون عليه! هل تبادليني ذات الشعور؟ قولي نعم أرجوك!

 

- نعم!

 

وحصل ما كان يجب أن يحصل منذ وقت طويل، فمع الأثباتات الصوريّة وشهادة صاحب الفندق إستطعت الحصول على الطلاق من زوجي وجواد من زوجته.

وها نحن اليوم سويّاً نعيش الحياة التي كانت مكتوبة لنا من البدء. لم تشأ زوجة جواد الإهتمام بأولادها فأنا اليوم من يعطيهم الحب والحنان. كم هي غريبة الحياة، ظالمة أحياناً وعادلة أحياناً.

 

حاورتها بولا جهشان 

المزيد
back to top button