لما كانَت والدتي تجلب رجالاً إلى البيت؟

توفيَ أبي عندما كنتُ صغيراً وتركَنا بالعوذ أنا وأمّي، فلَم نكن يوماً أغنياء وعندما مات فقدنا مورد رزقنا الوحيد. في البدء جاءتنا مساعدات من بعض أفراد العائلة والأصدقاء ولكن سرعان ما نسوا أمرنا. بحثَت والدتي عن عمل ولكن الفرص كانت قليلة لمَن لا يحمل شهادة أو لديه خبرة. وفجأة وبالرغم من أنّ والدتي لم تجد عملاً، بدأت تتدفّق علينا الخيرات.

 

لم يكن سنّي يسمح لي آنذاك أن أفهم ما الذي يحصل، فقيلَ لي أنّ تلك الألعاب والثياب كانت من أحد أبطال الصوَر المتحرّكة، يأتي ليلاً ويضعها قرب سريري لأجدها في الصباح. ولاحقاً علمتُ أنّ "الدكتور فؤاد" هو الذي يجلب لي بالهدايا كلّما يأتي لمعالجة أمراض أمّي المتزايدة. وبعد فترة إكتشفتُ أنّ هذا الشخص لم يكن طبيباً وأمّي لم تكن مريضة. ولكن في ذلك الحين، كل ما كان يهمّني كان الإستمتاع بما يجلبه لي ذلك الرجل من طيّبات آكلها عندما كان يدخل مع والدتي غرفة النوم ويقفل الباب وراءهما. ومن ثمّ لم أعد أراه وبدأ يأتي "طبيب" آخر وآخر حتى كبرتُ وفهمتُ اللعبة. ولكن كنتُ قد أصبحتُ الإبن المطيع الذي درّبته أمّه على عدم طرح الأسئلة وقبول الوضع على أنّه طبيعي. ولكنّني بدأتُ أخرج من البيت عندما يأتوا الزوّار، لكيّ لا أسمع الأصوات التي كانت تخترق جدران غرفة النوم. وكبِرَت أمّي وخفَّت أَقدام الرجال، حتى أن إختفَت كليّاً وصرتُ أنا المسؤول عن تدبير المال، فتوظّفتُ في شركة كبيرة بعد أن نلتُ إجازة في التسويق.


قد يعتقد البعض أنّ مشاكلي كانت قد إنتهَت ولكن تأثير هكذا طفولة لا يزول أبداً ورغم أنني كنتُ أعدّ نفسي إنساناً طبيعيّاً، بدأت تظهر الآثار الدفينة، خاصة بما يخصّ علاقاتي مع النساء. فلم أكن أعاشر الفتيات ولم يكن يهمّني ذلك أبداً، حتى أن إعتقد البعض أنني أفضّل الرجال على النساء. لم يكن هذا صحيحاً، كنتُ فقط غير مهتمّ بهنّ. وبقيَ الوضع على هذا النحو حتى أن إلتقيتُ بزينَب أثناء حفل عشاء دعتنا إليه في الشركة. كانت تعمل في فرعنا الآخر ولم أرَها من قبل. هي التي جاءَت إليّ وقدّمَت نفسها قائلة:

 

- مرحباً... إسمي زينب... أراكَ وحيداً... زوجتكَ ليست معك؟

 

- لا... أعني أنّني لستُ متزوّجاً...

 

- أنا عزباء أيضاً... هذا رقم هاتفي... إذا أردتَ أن تكلّمني...

 

أخذتُ رقمها ولم يكن في نيّتي أبداً أن أتّصل بها ولِمَ أفعل؟ لم أكن أريد أن يتغيّر شيء في حياتي. ولكن بعد حوالي الأسبوع جاءني إتّصال على مكتبي وفوجئتُ بسماع صوت زينب:

 

- إنتظرتُ مكالمتكَ... لا أحبّ الإنتظار فقرّرتُ أن أتّصل بكَ بنفسي... هل يزعجكَ ذلك؟

 

- أبداً... ماذا تريدين؟

 

- أريد ان تدعوني إلى فنجان قهوة.

 

وفعلتُ ما طلبَته منّي خوفاً من أبدو فظّاً. وهكذا بدأَت بيننا علاقة لم أكن أريدها ولم أشارك بها فعليّاً، فكانت زينب هي التي تتّصل بي كل مرّة وتحدّد مواعيدنا ووجهة إتجاهنا. ولكن ما بيننا بقيَ عذريّاً، فلم أكن مستعدّاً أبداً لممارسة الجنس مع أحد. إستغربَت زينب كثيراً لأنّها كانت تعرف مدى حبّ الرجال للأمور الجسديّة وفرِحَت لأنّها وجدَت أخيراً من يحبّها لشخصها فقط. ولكنّ المسكينة لم تكن تعرف أنّني لم أكنّ لها بأيّ شعور كان وكنتُ أواعدها فقط لأنّها أرادَت ذلك.

 

وبعد فترة، قرّرَت أنّ علينا الزواج، فسألتُ أمّي إن كان يجب أن أقترن بها فأجابَت بِنَعَم. ففعلتُ وعقدتُ قراني عليها وهكذا إنتقلَت للعيش معنا. وبالطبع إنتظرَت عروسي أن أقوم أخيراً بواجبي الزوجي ولكنّني تمنيّتُ لها ليلة سعيدة وأدرتُ لها ظهري وخلدتُ إلى النوم. وبعد قليل أطفأَت زينب الضوء وسمعتُها تبكي. وبقيَ الوضع هكذا بيننا لمدّة سنة رغم محاولاتها العديدة لإغرائي. ومِن بعدها يئست منّي وطلبَت الطلاق وكنتُ سعيداً لأنّها فعلَت. ووجدتُ نفسي مجدداً مع أمّ عجوز تجلس على كرسيّها طوال النهار والليل لتشاهد على التلفاز مسلسلاتها المفضّلة. ولكن كانت حياتي ستتغيّر جذريّاً في ليلة خرجتُ بها لأتنزّه. كانت قد أخذَتني قدماي إلى شارع لم أكن أعرفه. هناك رأيتُ إمرأة واقفة على الرصيف. وحين وصلتُ قربها قالَت لي:

 

- إلى أين يا جميل؟

 

- أتنزّه

 

- هاهاها! لا أحد يتنزّه في هذا الحيّ... لا تخجل... أنا هنا لأريحك... إسمي آمال... لن آخذ منكَ كثيراً... أرى أنّها مرّتكَ الأولى...

 

- لا أفهم قصدكِ.

 

وأخذَتني المرأة من يدي وقادَتني إلى مدخل مبنى وجعلَتني أصعد أربعة طوابق. ثمّ أدخلَتني شقّة صغيرة وأخذَت تفكفك أزرار قميصي وإنقضَّت عليّ وكأنّها تغتصبني. ولِدهشتي الكبرى وجدتُ الأمر ممتعاً جداً ولأوّل مرّة في حياتي شعرتُ بلذّة الجنس. وفي تلك الليلة مارسنا الجنس مرّات عديدة حتى أن طلع الضوء علينا. دفعتُ لها ما طلبَته منّي ثمّ عدتُ إلى البيت. وجدتُ أمّي قلقة جداً، فقبّلتُها على جبهتها ودخلتُ الغرفة لأنام كالطفل. وفي الليلة التالية ذهبتُ لألاقي آمال لأفعل معها ما لم أفعله مع غيرها. وهكذا أصبحتُ زبون تلك المومس دون أن أشعر بأي خجل أو ندم.

وتغيّرَت أطباعي، فأصبحتُ أضحك وأتكلّم مع الناس وأحبّ الحياة. وعندها ظننتُ أنّني جاهز لبناء عائلة فإتّصلتُ بِزينب وعملتُ جهدي لإصلاح الأمور معها. لم أخبرها عن تجربتي مع آمال، بل قلتُ لها أنّني كنتُ مهموماً وتعباً وأصبحتُ أفضل من قبل وأنّني أريد إعطاء علاقتنا فرصة أخرى. فرِحَت المسكينة لأنّها كانت تحبّني. ولكنّها تمنّت عليّ أن أكون عند حسن ظنّها هذه المرّة أو ستتركني على الفور ومن غير عودة. أكّدتُ لها أنّني بكامل إستعدادي وصدّقَتني. وتزوّجنا من جديد وجاءَت ليلة الفرح وحضّرَت زينب نفسها لقضاء ليلة مليئة بالحب والشغف. ولكنّني لم أستطع فعل أيّ شيء رغم محاولتي على التركيز. نظرَت إليّ بِغضب وقالَت لي:

 

- بنات الناس ليست لعبة عندكَ! لماذا فعلتَ هذا بي؟؟؟

 

- أقسم لكِ أنني أصبحتُ بألف خير! إسألي...

 

- أسأل من؟

 

- لا أحد.

 

- هل مارستَ الجنس مع إمرأة غيري؟ وإستطعتَ إسعادها؟

 

- إنّها... ليست مثلكِ... إنّها مومس... وكنّا نلتقي يوميّاً...

 

- الآن فهمتُ... أنا آسفة ولكنّني لا ولن أستطيع أن أكون مثل تلك المومس... أنا فتاة محترمة! أنا ذاهبة الآن... لا تتّصل بي مجدّداً أرجوك... وأنصحكَ أن ترجع إليها فمِن الواضح أنّكَ تهوى هذا الصنف مِن النساء... وداعاً.

 

وطلبَت زينب الطلاق للمرّة الثانية والأخيرة وعدتُ إلى أمال لأنّها كانت المرأة الوحيدة التي حرّكَت شعوري ربّما لأنّها بالنسبة لي تمثّل صورة المرأة الحقيقيّة، فبعد كل ما كان يجري عندنا في البيت إعتقدتُ أنّ العلاقات يجب أن تكون هكذا. أجل أعتبر أمّي مومساً ولكنّني لا أخجل منها ولا أحكم عليها. هكذا عرفتُها منذ البدء وهذا لم يمنعني أن أحبّها وأحترمها. والآن ما زلتُ أرى أمال كالسابق وأجلب لها الهدايا وكل ما تحتاج إليه خاصة أنّ لديها صبيّ صغير يذكّرني بنفسي.

 

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button