لزوجة إبن عمّي أسرار كثيرة

ولدتُ في عائلة مؤلفة من أم وأب وخمس أخوات، فأصبح وليد إبن عمّي بمثابة أخ لي وحافظ لأسراري وهو بدوره كان يطلعني على أموره كافة. فعندما تعرّف على ريما، كنتُ مَن ساعدهما على التواعد وعلى عيش حبّهما بسبب تشدّد أبيها المفرط. كانت ريما فتاة لطيفة وجميلة وسعدتُ جدّاً عندما أخبرَني إبن عمّي أنّه يفكّر بالزواج منها. عرضتُ عليها مساعدتي في تحضيرات الزفاف وكنّا كالفتيات الصغيرات نذهب للتسوّق والتبضّع نضحك ونركض وأيدينا مليئة بالأكياس. ولحسن حظّي أخذَ وليد شقّة قريبة منّي ووعدنا بعضنا ألأ يفرّقنا أحد أو شيء أبداً وأخذتُ على عاتقي إدخال ريما إلى دائرتنا الصغيرة، لكي لا تشعر أنّها غريبة أو مستثنية. وتزوّجا وذهبا في شهر العسل ثم عادا ليؤسّسا عائلة سعيدة. أعطيتُهم بعض الوقت ليركّزا أنفسهما، ثمّ بدأتُ أزورهما بإستمرار. ولكنّني لاحظتُ سريعاً أن لِريما أسرار. فعندما كان هاتفها يرنّ وترى الرقم كانت تسرع بإقفال الخط وتتصرّف وكأنّ شيئاً لم يكن. وبما أنني غير متطفّلة، لم أدعها تشعر أنني لاحظتُ ما يجري. أمّا وليد فكان كالطفل المغروم لا يرى ولا يسمع شيئاً. ولكنّني لم أفكّر بالسوء عنها، بل قلتُ لنفسي أنّها بحاجة إلى خصوصّياتها وأنّ وجودي معهما قد يشكّل لها إزعاجاً، فبدأتُ أقلّل من زياراتي لهما. إستاءَ إبن عمّي من غيابي عنه وطلبَ مني أن أعاود الذهاب إليهما كما في السابق:

- أنتِ أختي وصديقتي ولن أقبل أن نفترق.

- ولكنّكَ متزوّج الآن وربّما لا تريدني ريما عندها بإستمرار.

- هذا ليس صحيح... إنّها تحبّكِ كثيراً ولم تنسى مساعدتكِ لها عندما كنّا نتواعد، فلولاكِ لما إستطعنا الخروج سويّاً والمضي بعلاقتنا والوصول إلى الزواج. أنتِ غالية علينا.

فعاودتُ الذهاب إلى بيتهما كما في السابق وكان كل شيء على ما يرام، حتى ذلك اليوم حين قال لي وليد أنّ زوجته ذهبَت عند جدّتها في الضيعة لتراها قبل أن تفارق الحياة بعد أن ساءَت حالتها فجأة. إتصّلتُ فوراً بِريما وسألتُها عن المريضة وإن كانت بحاجة إلى شيء، فأجابَتني أنّها وصلَت عند جدّتها وأخبرَها الطبيب أنّها في ساعاتها الأخيرة. إمتلأَت عيوني بالدموع لأنَني تذكّرتُ جدّتي وألَمي الشديد عندما ماتت. ولكن بعد حوالي الساعة، رأيتُ ريما تقود سيارتها على الطريق المؤدّية إلى وسط المدينة. في البدء لم أصدّق عينيّ ولكن كان من الواضح أنّها حقّاً هي. خطرَ في بالي أن أتبعها ولكنَني عدلتُ عن مشروعي إحتراماً لخصوصيّاتها مرّة أخرى ولكنّني وعدتُ نفسي أن أدقّق في الموضوع، فمِن الواضح أنّها كذبَت بشأن العجوز وأنّها لم تذهب لِتراها. ما كان الدافع وراء هذه الكذبة؟ كان من واجبي أن أحمي إبن عمّي من أيّ أذى، ففي اليوم التالي عاودتُ الإتصال بريما للسؤال عن جدّتِها فقالت لي أنّها تحسّنَت بصورة ملحوظة وأنّها قد تعيش. سألتُها عن موعد رجوعها، فأجابَتني أنّها عائدة في صباح اليوم التالي. حزنتُ جدّاً لأنّها كانت مستمرّة بِروايتها وقرّرتُ الإنتظار للتكلّم معها. لم أنوِ قط إطلاع إبن عمّي على الذي يجري خلف ظهره، لأنّني كنتُ متأكدّة أنّ هذا قد يسبّب بإنفصالهما عن بعض وهذا كان مؤسف خاصة أنّه لم يمرّ أكثر من ستة أشهر على زواجهما. وفي اليوم التالي توجّهتُ إلى منزلهما لأهنّئ ريما على إستعاد جدّتها عافيتها وعملتُ على الإنفراد بها. فإنتظرتُ حتى دخلَت المطبخ لتحضّر القهوة لأقول لها بصوت خافت:

- أين كنتِ؟ رأيتكِ في المدينة... لا تنكري... لِمَ الكذب؟ ما الذي يجري؟

لم تتوقّع أن أقول لها هذا وكادَت أن توقع القهوة من يدها. ثم نظرَت إليّ وأجابت:

- كنتُ... كنتُ ذاهبة إلى المستشفى...

- لتزوري أحد؟

- بل لأتعالج... أريد طفلاً من وليد.

- ولكن لم يمضي سوى أشهر على زواجكما... ومن الطبيعي أن تأخذ المسألة بعض الوقت...

- أعلم... ولكن إبن عمّكِ يريد ولداً وبسرعة وأنا أحبّه جدّاً... أرجوكِ... لا تقولي له شيئاً! لا أريده أن يظنّ أنني عاقراً... أرجوكِ...

- يا ليتكِ قلتِ لي أنّكِ ذاهبة إلى المستشفى لَرافقتكِ... لا تخافي لن يعرف وليد بالموضوع.

وحفظتُ على وعدي لها وتصرّفتُ وكأنني لا أعلم شيئاً. ولكن ريما تغيّرت معي، فلم تعد تفرح عندما تراني وتجد دائماً أعذاراً لكي لا تذهب هي وزوجها معي إلى السهرات. لم أفهم ردّة فعلها هذه، فانا لم أفشِ سرّها ولم أوبّخها على كذبتها بل أردتُ مساعدتها. وقررتُ إعطائها بعض الوقت لكي تعلم أنّني لا أريد سوى سعادتها هي ووليد. ولكنّني لم أتوقّع ما حدث بعد ذلك. وردَني إتّصال من إبن عمّي وكان غاضباً جدّاً يصرخ ويقول:

- لم أكن أعلم أنّكِ ماكرة إلى هذه الدرجة! أعترف أنّكِ ممثلة بارعة وغشّيتينا جميعاً وأوحيتِ لنا أنّكِ إنسانة طيّبة ونزيهة!

- عمّا تتكلّم؟؟؟ ماذا يجري؟

- تحاولين إفشال زواجي؟ لماذا؟ ما الذي فعلتُه لكِ؟ لطالما كنتُ قريباً منكِ وموجوداً لكِ... أعطيتُكِ حنان الأخ وكنتً مستعدّاً لفعل أي شيء من أجلكِ! لا أريد أن أراكِ أو أن أسمع صوتكِ مجدّداً! أفهمتِ؟؟

وأقفلَ الخط بوجهي. صحيح أنني لم أعلم ماذا جرى بالتحديد ولكنّني كنتُ متأكّدة أنّ ريما قالت له أشياء غير صحيحة عنّي أغضبَته لدرجة أنّه نسيَ سنين الرفقة التي قضيناها سويّاً. عندها قررتُ إخبار أبي بالذي أعرفه وبالذي جرى بعد ذلك، فكان وليد إبن أخيه ويمكنه التكلّم معه. ولكنّ وليد لم يسمح لأحد بالتدخّل بحياته الخاصة وإمتنعَ عن الردّ على الهاتف أو فتح بابه لِمَن أراد رؤيته. بكيتُ كثيراً ولفترة طويلة، لأنّني شعرتُ بالظلم وبأنّني خسرتُ أعزّ إنسان إلى قلبي ولأنّني كنتُ أعلم أنّ ريما إستطاعَت عزله تماماً وغسل دماغه وأنّها تفعل ما تشاءه بعدما أبعدَتني عنه. ولكن بعد حوالي الشهرين علِمتُ من أبي أن وليد موقوف عند الشرطة بعد أن ضربَ بعنف عشيق زوجته. كان قد وجدَهم سويّاً في السرير الزوجي وفقدَ أعصابه وكاد أن يقتل الرجل. عند سماع الخبر ركضتُ لرؤيته وبدأنا كلانا بالبكاء. لم يسامح نفسه لأنّه شكّ بي وقطعَ علاقته بي بسبب ما قالته له الخائنة وكان عليه الوثوق بي أنا بدلاً عنها. وعلِمنا من التحقيق أن ذلك الرجل كان حبيبها منذ فترة طويلة وأنّه متزوّج وأنّهما بقيا على علاقة طوال الوقت وأنّ زوجة وليد كانت معه عندما إدّعت أنّها عند جدّتها المريضة. أسفَ وليد لأنّني لم أخبره أنني كشفتُ سرّها ولكنّني كنتُ متأكدّة أنّها كانت ستؤلّف له كذبة ثانية لتغطّي على الأولى. وعندما سألتُه عن الذي قالته له لكي يتوقّف عن رؤيتي كليّاً قال لي:

- دعيني أطلّق أوّلاً ثمّ أخبركِ بكل شيء.

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button