لا أدري كيف حصل هذا ولكنني لم أكن المرأة التي كنتُ أعتقد. حتى زواجي مِن عزّت، كنتُ أظنّ أنّني عاقلة وقنوعة ووفيّة وأملتُ أن تصبح لي عائلة خاصة بي وأن أعيش بهناء مع الرجل الذي جعل قلبي يخفق لأوّل مرة والذي عرّفني إلى عالم اللذّة الجسديّة. ولكن سرعان ما شعرتُ أن كل هذا ليس ما أريده، لأنني للحقيقة لم أكن أعلم بالتحديد ما الذي يسعدني. ولكن ما كنتُ أعرفه، هو أنّ عزّت ليس ولن يكون الرجل الوحيد في حياتي. أوّل مرّة شككتُ فيها بحبّي له، كانت عندما ذهبنا سويّاً إلى حفل زفاف قريب له. هناك إلتقَت عيوني بعيون رجل وسيم ولم أعد أرى سواه. وعندما ذهبتُ إلى الحمّام، لحق بي وطلبَ مني رقم هاتفي. أجبتُه أنني متزوّجة فضحكَ وقال:" وإن يكن... على كل حال إن كان زوجكِ هو ذلك الرجل الذي بصحبتكِ فأبشركِ بأنّه ليس لكِ... ما يلزمكِ هو إنسان قوي، مفعم بالرجولة... مثلي... أعطني رقمكِ وسأريكِ كيف هم الرجال.
ولا أدري كيف ولكنني أعطيته رقم هاتفي ورجعتُ إلى طاولتي أسأل نفسي إن كنتُ قد فعلتُ الصواب أم أنني سأندم على فعلتي. لم أندم لأنني للواقع لم يكن لديّ أي ضمير، فبعد أن تكلّمتُ مع ذلك الرجل عبر الهاتف إلتقينا بضعة مرّات وإنتهى بنا الأمر في غرفة فندق. وكان على حق عندما قال أنّ زوجي ليس مناسباً لي، على الأقل جنسيّاً، فبعد خيانتي الأولى لم أعد أحبّ أن يلمسني عزّت، لذا إحتججتُ بالإنزعاج مِن شخيره بالليل لأنتقل إلى غرفة أخرى. ومنذ ذلك الوقت لم أعد أفكّر سوى بأمر واحد: موافاة عشيقي في الفندق، لأتذوّق ملذّات الحياة معه قبل أن أعود إلى زوجي المملّ. وبعد فترة أعربَ عزّت عن رغبته بأن ننجب طفلاً ولم أسرّ أبداً عند سماع طلبه هذا. فقلتُ له:
- ولِمَ العجلة حبيبي؟ لم يمضِ سنة على زواجنا... دعنا نستمتع قليلاً... أرجوك...
كنتُ أعني ما قلتُه، فكنتُ فعلاً أريد أن أستمتع بلقاءاتي السريّة، فبعد أن يصبح لديّ طفلاً، لن يعود لي حريّة التنقّل والغياب. قبِلَ زوجي معي وكنتُ سعيدة. ولكنّ عشيقي نُقل إلى بلد آخر ووجدتُ نفسي وحيدة وبدأ الملل يأكلني. فقررتُ أن أبحث عن رجل آخر، فكان لا بدّ أن أجد مَن يضع طعم لحياتي. ووجدتُ جهاد، شاب لطيف وجذّاب يعمل في السوبرماركت المجاور. كان هذا أفضل حلّ، فبدل مِن أن أخاطر وأذهب إلى الفندق ويراني أحد هناك، كان سيوافيني عشيقي إلى البيت تحت حجّة أنّه يأتي لي بحاجات المنزل وهكذا لن يشكّ أحداً بنا. وبدأت علاقتي مع جهاد التي إقتصرَت على لقاءات سريعة خالية مِن أيّ شعور وكانت كافية بالنسبة لي. ولكنّ جهاد وقعَ في حبّي، ما أثار إنزعاجي لأنني لم أكن أنوي أبداً أن أعطي أي معنى لما نفعله. فقرّرتُ التخلّص منه قبل أن يثير المتاعب وبعد عناء كبير إستطعتُ إقناعه بأن يكفّ عن المجيء بعدما قلتُ له أنّ زوجي بدأ يشكّ بانني أخونه وأنّه قد يؤذينا.
وبالطبع لم يكن هناك أي صحّة فيما قلته له، لأنّ عزّت لم يتصوّر للحظة أنّ زوجته خائنة. وبعد جهاد، تعرّفتُ إلى سعيد الطبيب الذي عالجَني عندما وقعتُ عن السلّم وكسرتُ رجلي. فبعد أنّ جاء إلى المنزل ليعاينني، أعرب لي عن رغبته برؤيتي ثانية. ولم أمانع أبداً لأنّه كان وسيماً ومثقّفاً على عكس الذي سبقه. دامَت علاقتنا بضعة أشهر، ثمّ ذهب ليتزوّج وأسفتُ عليه لأنّه كان عشيقاً ماهراً ولكن قبل أن يرحل قام بتوكيل خلفاً له، أيّ صديقه المقرّب الذي كان قد رآني في العيادة. مارستُ الجنس مرّة واحدة مع ذلك الصديق ولكن لم يعجبني أداءه وقطعتُ العلاقة في أوّلها. وتلَت فترة صوم طويلة أزعجَتني لدرجة أنني قبلتُ أن أنام مجدّداً في غرفة واحدة مع زوجي على أمل أن أعثر على مَن يعطيني ما كنتُ أعتبره حقّي، أي جنس مسلٍّ ومرضٍ. وفي هذه الأثناء زاد إصرار عزّت على إنجاب طفلاً ووجدتُ نفسي في موقع صعب لأنّ هذا لم يكن أبداً ما أريده.
وأسرعتُ في إيجاد عشيقاً لرفع معنوياتي. وجاء يوم وإلقيتُ بفارس رجل مطلّق يعمل في مؤسّسة صغيرة وهذه المرّة وقعتُ في الحبّ. لم أختبر هكذا شعور مِن قبل، فكنتُ قد إختبرتُ إمّا الحب مِن دون جنس جيّد وإمّا العكس. وأصبحَت حياتي شبه كاملة وكل ما كان ينقصني هو أن أعيش مع فارس طوال حياتي. ولكنني كنتُ لا أزال متزوّجة، فوقعتُ في حيرة مِن أمري. كنتُ أعلم أنّ عزّت لن يرضى أن يطلّقني خاصة أنّه كان يحبّني كثيراً ويعتقد أنني الزوجة المثاليّة وأنني مغرمة به. وكان عليّ أن أقنعه بأنّ علينا الإفتراق وبسرعة. لذا قررتُ التحدّث معه بجديّة. وفي ذات ليلة قلتُ له أنني لستُ سعيدة معه وأنني أريد حريّتي. وكما توقّعتُ إندهش كثيراً ورفض قائلاً:
- مِن المؤكّد أنّكِ تمرّين بفترة عصيبة وسببها عدم الإنجاب... لو كان لدينا طفلاً، لما شعرتِ بالملل، فأنتِ تقضين نهاركِ لوحدكِ وهذا يسبّب الإحباط... كل شيء سيكون على ما يرام قريباً... لا تخافي.
المسكين كان يظنّ أنني أملّ طوال النهار، بينما كنتُ أعاشر الرجال منذ البداية ولكن كان مِن المستحيل أن آتي له بولد، لأنني كنتُ أريد الزواج مِن فارس وبأسرع وقت. والحل الوحيد بعد الطلاق، كان أن أهرب مع حبيبي وأترك كل شيء ورائي. ولكنّ فكرة ترك ما لديّ كانت غير مقبولة خاصة أنني شعرتُ أنني أستحقّ أن أحصل على نوع مِن التعويض على مكوثي مع زوجي، فقررتُ أن أنتظر حتى يذهب عزّت عند أهله في الجبل لقضاء فرصة نهاية الأسبوع لبيع كامل أثاث البيت وجمع ثمنه لأضيفه على ما حصلتُ عليه مِن بيع مجوهراتي وآخذه معي عندما أهرب مع فارس. وهكذا عاد زوجي ولم يجدني ولم يجد شيئاً في البيت، لأنني كنتُ أصبحتُ خارج البلاد مع رجل أحلامي.
ولكيّ نستقرّ في موطننا الجديد، إستعملتُ بعض المال الذي حصلتُ عليه لإستئجار شقّة صغيرة ووضعتُ القسم الآخر في علبة صغيرة خبّأتها تحت الفراش، فعشيقي لم يكن يملك شيئاً وحتى لو وجد عملاً جديداً، فهو لم يكن مؤهّلاً للحصول على راتب كبير. ولكن كل هذا لم يكن يهمّني طالما كنتُ معه وبين ذراعيه القويّة والدافئة. ولكن بعد فترة قصيرة، لم يعد فراس إلى الشقّة. إنتظرتُه طوال الليل وإنشغل بالي كثيراً خاصة أنّ هاتفه كان مغلقاً طوال الوقت. في البدء خلتُ أنّ مكروهاً حصل له وبعد أن إتّصلتُ بجميع المستشفيات دون جدوى، خطر على بالي أن أفتح العلبة التي وضعتُ فيها مالي، فوجدتها خالية. كان فارس قد سرق كل ما أملكه وتركَني لوحدي في بلد غريب. قضيتُ بضعة أيّام أبكي بمرارة، ثمّ جمعتُ أغراضي وعدتُ إلى موطني. رحتُ أدقّ باب أهلي ولكنّهم رفضوا إستقبالي بعدما علموا ما فعلته بزوجي وقالوا أنّ عليّ البحث عن مكان آخر يأويني. لم يتبقى لي سوى الذهاب إلى صديقة لي لم أرها منذ فترة طويلة على أمل أن تقبل بي ولو لبضعة أيّام ريثما أجد حلّاً.
قبِلَت هذه الأخيرة أن تستقبلني عندها بعدما أخبرتُها أنني هربتُ مِن المنزل بسبب سوء معاملة زوجي لي ووجّهتني نحو مؤسّسة تُعنى بالنساء المعنّفات. ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في هذا المكان وسط نساء تأتين للمساعدة، أدّعي أنني واحدة منهنّ وأروي لهنّ قصصاً إختلقتها عن ضرب وشتم زوجي لي. وأمّنّت المؤسّسة لي عملاً في محل ألبسة أجني منه بعض المال. لم أعد أحبّ الرجال مِن جرّاء ما حصل لي، فكان بإمكاني إيجاد مَن يصرف عليّ مقابل خدمات جنسيّة ولكنني لم أعد قادرة على هذا وكأنني بتُّ أشمئزُّ منهم لدرجة أنّ لمسة واحدة مِن رجل لم تعد مقبولة عندي.
حاورتها بولا جهشان