كان زوجي يحب صنفاً معيّناً مِن النساء

حين عقدنا زواجنا لم أكن أعلم أنّ لدى زوجي ميولاً خاصة واعتقدتُ طبعاً أنّه وكباقي الرجال لدَيَه ذوقاً رفيعاً بالنساء خاصة أنّ زياد كان ما يسمّى"ابن أكابر". وهذا ما طمأنّني في البدء لأنّني كنتُ أيضاً مِن عائلة محترمة ولكنّنا لم نكن نملك الكثير بسبب حب جدّي رحمه الله للعب المَيسر. وكل ما تركَه لأبي كان اسمه المرموق لِيحمله بفخر وينسى كيف خسروا أملاكهم وأموالهم على طاولة الكازينو.

وعندما تقدّم زياد لي أمِلَ والدي أن أستعيد عنه عزّ ما مضى بِفضل ثروة العريس. لم أتزوّج زياد مِن أجل ماله بل لأنّني فعلاً وقعتُ بحبّه لأنّه كان رجلاً مهذّباً وأنيقاً يعرف كيف يظهر حسن تربيته. وأحببتُ عائلته التي رحّبَت بي. وتواعدنا حوالي الستّة أشهر وذهبنا إلى أماكن جميلة وتبادلنا القبَل وبدأنا بالتخطيط للزواج. وكانت فرحتي عارمة حين قال لي زياد أنّنا ذاهبان لِباريس لقضاء شهر العسل فكنتُ قد حلمتُ طوال حياتي أن أزور العاصمة الفرنسيّة وأصعد إلى قمّة برج إيفل وأزور متحف اللوفر.

وركبنا الطائرة وبعد أن وضعنا حقائبنا في الفندق انطلقنا للسياحة. ليلة زفافنا كانت أكثر مِن عاديّة على الأقل هذا ما استنتجتُه لاحقاً عندما أصبح لدَيّ خبرة في الجنس ولكنّ آنذاك خلتُ أنّ الأمور تجري هكذا أي بسرعة فائقة وميكانيكيّة. وأمضَينا حوالي الأسبوع في باريس ولكن في صباح آخر يوم وبعدما كنتُ قد نزلتُ مع زياد لِتناول الفطور أستأذَن زوجي قائلاً: "سأصعد إلى الغرفة لِدقائق قليلة... نسيتُ محفظتي... انتظريني هنا." وغابَ وطال غيابه لِذا قرّرتُ اللحاق به خوفاً مِن أن يكون قد حدثَ له شيئاً.

وحين أدخلتُ البطاقة في الباب رأيتُ زياد يقف قرب موظّفة التنظيفات. نظرَ إليّ بتعجّب وقال: "ماذا تفعلين هنا؟". ومِن ملامحه هو والبنت شعرتُ أن شيئاً ما كان يجري بينهما ولكنّني لم ارَ شيئاً ملموساً لِذا أجبتُه: "لقد تأخّرتَ... قلتَ لي بضع دقائق وتغيّبتَ أكثر مِن نصف ساعة... ألم تجد محفظتكَ؟". عندها تلبَّكَ وأجابَ: "بلى... ولكنّني كنتُ أعطي الآنسة اكراميتّها... فلقد قامَت بمهامها على أكمل وجه". كان قد قال ذلك بالفرنسيّة وهو ينظر إلى الفتاة التي ضحكَت قبل أن تغادر الغرفة.

 


وفي طريقنا إلى المطار وأثناء الرحلة لم أوجّه له سوى بعض الكلمات لأنّني لم أكن غبيّة واعتبرتُ أنّ ما حدث أمامي قلّة احترام وما حدَث في غيابي خيانة لا مثيل لها. أمّا مِن ناحيته فبقيَ زوجي صامتاً هو الآخر يحلّل في رأسه كيفيّة الخروج مِن المأزق الذي زجّ نفسه به. وصلنا البلد ومنزلنا الجديد وبعدما ركّزنا أنفسنا جاء زياد وعانقَني قائلاً:

 

ـ كم أنّ النساء قليلات الثقة... لو رأيتِ وجهكِ حين دخلتِ غرفة الفندق لعلِمتِ كم أنّكِ سخيفة.

 

ـ لا تكلّمني هكذا! لستُ سخيفة ولستُ ساذجة!

 

ـ دعينا مِن هذا الموضوع الآن... لقد تزوّجنا مِن أسبوع ولا يزال باكراً على الشجار... لا أريد سواكِ يا حبيبتي.

 

ورضيتُ لأنّني كنتُ أحبّه ولأنّني لم يكن لديّ سوى شكوك وقلتُ لِنفسي أنّني ربما بالغتُ بردّة فعلي وكل ما كان في الموضوع أنّ زوجي كان يلاطف الفتاة لأنّه كمعظم الرجال يريد ممارسة جاذبيتّه على النساء. ولكنّ زياد لم يكن بريئاً مِن هذه التهمة لبل كان يهوى النساء الأقل شأناً منه أي الخدَم. وبالطبع لم أتصوّر أبداً أن تكون هذه ميوله ولكن ما حَدَثَ لاحقاً كان كافياً لإعطائي فكرة واضحة عن نفسيّة زوجي.

بقيَت حياتنا الجنسيّة فاترة ولكنّه حاولَ بشتى الطرق أن يجعَلَني أحمل منه ونجَحَ بذلك فبعد بضعة أشهر ووَلِدَ ابننا. وبالطبع كان هذا الحدث محوّر فرحة العائلتَين اهتمام الجميع لأنّها كانت ولادة أوّل مَن سيحمل اسم زوجي العظيم. وغَمَرني زياد بالهدايا وكنتُ سعيدة جداً خاصة أنّ ابننا كان جميلاً ويتمتّع بِبنية قويّة. وبعد سنَتَين جاء ابننا الثاني إلى الدنيا ولقيَ نفس الاستقبال الحار. وكي أستطيع القيام بِتربية ولدَيّ جاء لي زوجي بِموظّفة لِتنظيف منزلنا الكبير وتهتم بالأكل.

كنتُ قد رفضتُ حتى ذلك الحين أي مساعدة لأنّني كنتُ أريد الاهتمام بِنفسي ببيتي ولكنّ الأمور تغيَّرت بعد أن كبرَت عائلتنا. وحين رأيتُ ليال شعرتُ بِعدم ارتياح حيالها. لم يكن هناك أي خطب فيها ولكنّ حاسّتي السادسة قالَت لي أن أنتبه منها. لماذا؟ لم أكن أدري بعد. ولكنّني سرعان ما طردتُ هذه الفكرة مِن رأسي لأنّني وجدتُها سخيفة وغير منطقيّة خاصة أنّ ليال كانت بارعة في العمل ولا تترك أي مجال للملاحظات. وأعترف أنّني لم أكن لأتدبّر أموري لولاها ومساعدتها الثمينة. والجدير بالذكر أنّ تلك الفتاة كانت شابّة وجميلة وتتحلّى بِجاذبيّة قويّة وكان الجميع يحبّها مِن ولدَيّ الى عائلتي وعائلة زوجي. أمّا زياد فكان يتعاطى معها بطريقة طبيعيّة لِذا لم أشك بشيء. وهنا أسأل نفسي هذا السؤال: كم مِن شخص خانَ شريكه أن كان رجل أو امرأة دون معرفة أحد؟ فلولا حدوث صدف كما حصل معي لما اكتشفتُ دناءة نفس زياد.

كانت ليال تخرج كل نهاية أسبوع للتمويه عن نفسها ولرؤية أهلها وأصدقائها ما كان يعطينا بعض الخصوصيّة. فمِن الصعب أن يعيش المرء وسط غرباء في بيته وكنّا نخرج أيضاً للذهاب إلى المطعم أو إلى مناسبات مختلفة. ولكن في ذلك اليوم بالتحديد أصابَني صداع حاد وفضّلتُ البقاء في المنزل مع الأولاد بينما ذهبَ زوجي لِقضاء النهار عند أهله. ولكنّني شعرتُ بِتحسّن بعد الظهر وقرّرتُ موافاته. أخذتُ ولدَيّ ووضعتهما في المقعد الخلفيّ وقدتُ سيّارتي. ولكن في طريقي رأيتُ زياد وهو يقود في الاتجاه المعاكس لِمنزل أهله وقرّرتُ اللحاق به لا لأراقب أين هو ذاهب ولكن لأفاجئه.

 


وتوقّف على زاوية مبنى وأخذَ هاتفه وطلبَ أحداً. أوقَفتُ السيّارة وراءه وأخذتُ أومي له ولكنّه لم يراني. وانتظرتُ أن ينهي مكالمته لأتصل به وأقول له أين أنا حين رأيتُ ليال تخرج مِن المبنى وتصعد إلى جانبه. في البدء خلتُ أنّها أنهَت زيارتها وتودّ العودة إلى منزلنا ولكنّهما توجّها إلى شارع بعيد عن بيتنا. وبدأ قلبي بالخفقان وسط صراخ ولدَيّ اللذان تعبا مِن ركوب السيّارة. وترجّلَ زوجي ولحقَته ليال ودخلا فندقاً رخيصاً. أردتُ اللحاق بهما ولكنّني لم أكن قادرة على ترك ولَدَيّ لوحدهما في السيّارة. ولِكثرة صراخهما اضطرِرتُ للعودة. وقدتُ كالمجنونة ودموعي تنهال على خدودي وانتظرتُ عودة الخائنَين. وصَلت ليال قبل زياد وألقَت التحيّة عليّ كالعادة ودخَلَت غرفتها. لحقتُ بها فوراً وقلتُ لها:

 

ـ هيّا... أجمعي أمتعَتكِ وأرحلي مِن منزلي الآن!

 

ـ لماذا؟ ماذا الذي فعلتُه؟

 

ـ لا شيء... فقط مارستِ الجنس مع زوجي.

 

ـ انا... لا... لم... كيف علِمتِ؟

 

ـ رأيتكما أيتّها الفاسقة! منذ متى تنامين مع زياد؟

 

ـ هذه أوّل مرّة سيّدتي... أقسم لكِ! كان يريد زوجكِ ذلك منذ أوّل يوم جئتُ فيه إلى هنا وبقيتُ أرفض حتى... حتى أن أقنعَني... أنا فتاة فقيرة سيّدتي... والمال الذي عرضَه عليّ أكثر ممّا تتصورّين.

 

ـ أخرجي مِن بيتي!

 

وبعد أن رحَلَت الفتاة أتصلتُ بِحماتي لأخبرها بالذي جرى في ذلك اليوم وسابقاً في باريس ولِتعرف حقيقة ابنها. ولكنّها لم تتفاجأ بل قالت لي:

 

ـ أرى أنّه لا يزال على عادته القديمة...

 

ـ ماذا تعنين؟

 

ـ الذنب ذنبي... ولكنّني خلتُ أنّه سيتغيّر مع الوقت خاصة بعدما تزوّجكِ... عندما أصبحَ زياد مراهقاً لاحظتُ أنّه يتمتّع بِشهيّة كبيرة على الجنس وخفتُ أن يعاشر فتاة ما وتحمل منه ويضطر إلى الزواج منها... لم أكن أريد أن يتحمّل أعباء الأبوّة باكراً أو المجيء بِكنّة مِن غير طبقتنا لِذا... أقنعتُ إحدى خادماتنا على ممارسة الجنس معه لِيرتاح... ومِن ثم أخرى وأخريات... لم أكن أعلم أبداً أنّه سيحافظ طوال حياته على حبّه للخدم... أنا آسفة... ماذا تريديني أن أفعل لأصلح الأمور؟

 

ـ لستُ أدري إن كنتُ أريدها أن تصطلح... ولكن لدينا عائلة... سأفكّر في الموضوع.

 

وخلدتُ إلى النوم مدعية أنّ صداعي ما زال قويّاً كي لا أتحدث مع زياد. وأمضيتُ اليوم التالي بأسره وأنا أشاور نفسي على القرار الذي سأتخذه متأمّلة أن أجد الحل الأنسب.

وفي المساء عندما عاد زوجي مِن عمله تفاجأ بي كثيراً. كنتُ قد لبستُ زيّ ليال وأدّعي أنّني خادمة أنظّف المنزل. ركضَ إليّ وعانقَني وحملَني إلى غرفة النوم ومارسَ الجنس معي بِجنون. فرحتُ كثيراً للأمر طبعاً ولكن سرعان ما أدركتُ أنّه لم يرَ فيّ زوجته بل إنسانة أخرى. ولم أحبّ فكرة اللجوء إلى هذه الحيلة التي كانت تهين كرامتي. لِذا قرّرتُ الانفصال لأعطي زياد فرصة لِمراجعة نفسه ولأخذ قراراً هامّاً: هل كان باستطاعته عدم خيانتي مع الخدم؟ وكان جوابه لا. فحتى لو قرّرَ الالتزام بي لم يكن قادراً على لجم شهوته تجاه تلك النساء. فأخذتُ ولدَيّ وذهبتُ الى أهلي. ومنذ ذلك اليوم لا أزال هناك.

 

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button