سرّ زوجي، أنهى حبّنا!

عندما كانت حبّات الأرز تتناثر علينا يوم زفافنا، لم أكن لأتصور انّه سيكون مصيري مع وائل على هذا النحو. كنتُ سعيدة ان أربط حياتي بحياة هذا الرجل الطيّب والمحبّ بعد سنة من المعاشرة اليوميّة. ولكن كل هذه المواعيد لم تكن كافية لأتعرّف عليه جيّداً. فبعد عودتنا من شهر العسل بدأ كابوسي!

في الليلة ذاتها دخل وائل غرفة في المنزل الذي ورثه من والديه والذي كنتُ قد سأعيش فيه معه واقفل الباب وراءه. مكثِ هناك لمدّة ساعتين على الاقل. قلقتُ عليه وحاولتُ التحدّث اليه من وراء الباب فصرخ :

 

- اذهبي من هنا ، اتركيني !

 

لم افهم لماذا كان غاضباً الى هذا الحد فقبل دخوله الغرفة كنا نضحك سويّاً وكانت الاحوال طبيعيّة جدّاً. انتظرتُ خروجه بفارغ الصبر وعندما فتح اخيراً الباب ظهر بأحسن حال وكأن شيئاً لم يحصل. سألتُه عمّا حدث فنظر اليّ بدهشة وقال لي:

 

- لا شيء حبيبتي. كنتُ فقط ارتاح قليلاً. أحبك وانتِ تعلمين هذا. أليس كذلك؟ 

 

جوابه هذا لم يكن منطقيّاً فكنتُ انتظرُ تبريراً ولم أحصل عليه. ثم أقفلَ زوجي باب الغرفة ووضع المفتاح بجيبه قائلاً :

 

- حبيبتي، هذه الغرفة كانت غرفتي عندما كنتُ صغيراً ولديّ ذكريات كثيرة فيها. أرجو منكِ عدم الاقتراب منها او العبث فيها فهي تعني الكثير لي. هذا كل ما اطلبه منكِ.

 

قبّلني على جبهتي وذهب الى المطبخ ليأكل بشهيّة. وكل ليلة في تمام الساعة السابعة ليلاً كان زوجي يدخل تلك الغرفة ويبقى فيها ساعتين كاملتين وكنتُ اعلم ان عليّ احترام سريّة وقداسة الأمر. أحياناً كنتُ اسمعُ صوت بكاء وانين من وراء الباب وكان يقشعّر بدني. ماذا كان يفعل في الداخل؟ لماذا كل هذه الاسرار؟ والأغرب ما في الأمر هو ان علاقتنا كانت ممتازة باقي الوقت وكأن شيئاً لم يكن. ولكن لم أكن قادرة ان اعيش مع رجل يحمل سراً ثقيلاً الى حد ان يخبؤه وراء باب، لذا قررت ان اضع حدّاً لكل هذا. فبعد مرور 6 أشهر على زواجنا وصمتي عمّا كان يحصل قرّرتُ ان أعلم الحقيقة مدركة تمام الادراك انها ستكون لحظة حاسمة وخطرة لزواجنا. اتصلتُ بخبير أقفال الأبواب وطلبتُ منه ان يفتح باب الغرفة السريّة. كنتُ قد انتظرتُ ان يذهب وائل الى عمله ليكون لي متّسع الوقت لإكتشاف سرّه. فتح الرجل الباب ببضع ثواني ثم طلبتُ منه الرحيل. دخلتُ الغرفة وقلبي يدقّ بقوّة.

كان هناك سريراً صغيراً لا بدّ انه كان لزوجي عندما كان طفلاً. على الحائط كانت مجموعة أدوات غريبة معلّقة بترتيب وحسب الحجم. ذعرتُ لرؤيتها، فكان هناك كرباجاً كبيراً وآخراً صغيراً وسلسلة حديدّة عريضة للتعليق ومكبلات لليدين وعلى الحائط الآخر رأيتُ آثار دماء. خرجتُ من غرفة التعذيب وانا ابكي بمرارة. اقفلتُ الباب بالمفتاح الذي تركه لي الرجل وهربتُ من البيت. مشيتُ لساعات في شوارع المدينة احاول استيعاب كل هذا. لم اكن ساذجة، فهمتُ حقيقة زوجي وحبّه للتعذيب مما كنتُ قد شاهدته في الأفلام السينمائيّة . لم اكن اعلم تماماً ما كنتُ اشعر به، هل كان خوفاً او حزناً او اشمئزازاً؟ ولكن ما كنتُ اكيدةً منه هو ان ما كان يحدثُ في منزلنا كل ليلة لم يكن أمراً طبيعيّاً وانني لن اقبل به. عندما عدت الى البيت وجدتُ وائل بانتظاري، صرخ بي والدموع تملأ عينيه:

 

- ما الذي فعلته ؟!؟ لا استطيع الدخول الى غرفتي! أغيّرت قفل الباب؟ من سمح لك بفعل هذا؟ قلتُ لك ان تبتعدي عن هذا المكان!

 

- هذا منزلي ايضاً ولن اقبل بالأسرار بعد الآن. دخلتُ الى مخبئك ورأيتُ ما في الداخل. أعلم كل شيء الآن. هل عندك تفسيراً لكل هذا؟

 

جلس على الاريكة وبدا متعباً. واعتقدُ انه بكى بصمت. ثم نظر اليّ وقال:

 

- منذ صغري وانا احب الألم. أشعرُ بلذّة قويّة عندما أرى دمي يخرج منّي. ليس عندي تفسيراً لكل هذا ولا أريد ان أعلم لما أنا هكذا. مع مرور السنين طوّرت الوسائل التي تعطيني هذه اللذة. جلبتُ نساء كثر الى هنا وكنّا نمارس الجنس المؤلم لي. ومن ثم تعرّفتُ اليك. علمتُ انك لست كاللواتي سبقتك وخفتُ ان اقول لك الحقيقة وان افقدك ففضلّتُ ان اتابع لوحدي في غرفتي الصغيرة. ولكن بما انك علمت الآن بالحقيقة نستطيع ان نفعل هذا سويّاً. سأريك كيف. سأعلّمك طرق لبلوغ نشوة مختلفة عمّا عرفتها حتى الآن وانا واثق انك ستقبلي.

 

- انت مخطىء تماماً. صحيح أنّي احبّك ولكن ليس على هذا النحو. تطلبُ منّي ان اؤلمك واذرف دمك. هذا ليس حبّاً. الحب هو ان أفعل ما بوسعي لكي أمنع عنك اي أذى وان أحميك من الألم بكل الوسائل المتاحة لي. أحبّك نعم. ولكن هل أنت تحبّني فعلاً؟ هل تستطيع ان تحبّني عندما تكره نفسك الى هذا الحدّ؟ لا أظنّ ذلك. كل ما أستطيع فعله هو ان أحافظ على سرّك هذا. انت رجل طيّب وما أرفضه بك هي ميولك الجنسيّة وليس شخصك. هل تستطيع ان تكفّ عن ممارسة تعذيب نفسك نعم ام لا؟ كن صريحاً معي أرجوك.

 

- لا. انا آسف.

 

كان هذا آخر حديث اجريناه سويّاً. فمن بعدها تواصلنا عبر محامينا وحصلتُ على الطلاق بسرعة. حافظتُ على سرّه كما وعدته وقلتُ للناس ان اطباعنا كانت مختلفة الى حدّ عدم امكانيّة التعايش. ذهب بسبيله وانا آسفتُ على انسان لم يكن يحبّ نفسه كفاية ليحبّني.

 

حاورتها بولا جهشان  

المزيد
back to top button