زوّجَتني أمّي مِن عشيقها

عندما كنتُ صغيرة، سمعتُ كعدَد كبير مِن الناس بتلك الأمّهات اللواتي تعشقَن صهرهنّ، ولكنّني لم أتصوّر أبدًا أن يحصل ذلك معنا. الحقيقة أنّ أمّي أحبَّت زوجي حتى قبل أن يقترن بي، فبطريقة ما كنتُ أنا الدخيلة عليهما، ولكن ليس بإرادتي بل لأنّني أجبِرتُ على ذلك.

 

كلّ شيء بدأ عند موت أبي حين كنت في السابعة عشر. كيف كانت علاقته بأمّي؟ عاديّة جدًّا، فلم يكن هناك مِن خلافات أساسيّة بينهما ونادرًا ما كانت تحصل شجارات في البيت. بَكَته أمّي قليلًا، ومِن ثمّ تابعنا حياتنا إلى حين جاءَت خالتها لتسكن عندنا مع إبنها أدهم. أتيا لسبَبَين: الأوّل لأنّ زوج الخالة كان قد مات هو الآخر، وكانت تقضي معظم وقتها لوحدها في البيت عندما يذهب إبنها للعمل والثاني لمواساة والدتي في حزنها، وتسليتها. وكانت تلك الخالة تسكن بعيدًا، فأنا لم أرَها أو أرَ ابنها سوى مرّة واحدة في حياتي حين كنتُ صغيرة جدًّا. أمّا أمّي فكانت قد نسيَت حتى شكلهما.

ولكن لحظة دخولهما بيتنا، حصل شيء بين أمّي وأدهم. وقفا وجهاً لوجه يُحدّقان ببعضهما ونسيا حتى وجودي ووجود الخالة.

 

ومنذ تلك اللحظة، وُلِدَ بينهما حبّ دام لسنين طويلة. ولكن فارق السن بينهما كان شاسعًا لدرجة غير مقبولة، فخالة أمّي كانت تكبرها ببضع سنوات فقط وكان سنّ أدهم يُناهز سنّي. لِذا أبقيا علاقتهما سريّة خوفًا مِن الناس.

 

ومضَت سنتَان ولم ينتبه أحد إلى شيء، إلى حين ماتت الخالة بعد أن أصابها مرض سريع وفتّاك.

 

عندها، صار مِن المستحيل أن يُواصل أدهم العيش معنا. ولم تجد أمّي وسيلة سوى أنّ يتزوّج منّي ويبقى قريبًا منها.

وبالطبع، لم أكن على علم بعلاقتهما، إذ كانا يلتقيان إمّا في الفندق وإمّا في إحدى غرف البيت عندما مرضَت أمّ أدهم. وبعد أن توفَّيت الخالة، كانا ينتظران أن أذهب إلى الجامعة كي يُطلقا العنان لحبّهما.

 

ولم أرضَ بأدهم، لأنّني لم أكن أحبّه إذ كان إنسانًا غليظًا يتصرّف بفظاظة. وشَعَرَت أمّي بخوف شديد لفكرة ابتعاد عشيقها عن نظرها ويجد امرأة أخرى أكثر شبابًا. لِذا مارسَت عليّ ضغوطات عدّة وصَلَت إلى التهديد بطردي إن لم أقبَل بابن خالتها. وبعد صراع طويل، وجدتُ نفسي مجبرة على الرضوخ.


كان يوم زفافي أتعس يوم في حياتي. بكيت كلّ دموعي خلال الحفل، وخشيتُ جدًّا وصول الليل وتواجدي مع أدهم في غرفة واحدة. وكم سررتُ وارتحتُ عندما غَرِقَ في النوم بدون أن يلمسني. ولم يحصل أيّ اتصال جسدي بيننا طوال زواجنا، بسبب منع أمّي عشيقها مِن الإقتراب منّي. فعَلَت ذلك بدافع الخوف والغيرة وليس لحمايتي منه.

 

وواصلنا حياتنا نحن الثلاثة وكأنّ الزواج لم يحصل، أي أنّني تابعتُ دراستي وهما حبّهما السرّي. بالطبع سألتُ نفسي عمّا أسمَيتُه " إمتناع زوجي عنّي" ولكنّني ردّيت الأمر إلى عاهة جسدّية لم تكن لتزعجني. حتى أنّنا لم ننم في غرفة واحدة إلّا ليلة الفرح ممّا أتاح لي تكملة حياتي وكأنّني لا أزال عزباء. ولم أخبر أمّي عن هذا الوضع غير الإعتيادي خوفًا مِن أن توبّخ صهرها فيُحاول القيام بواجباته الجنسيّة، واكتفَيت بتبرير نوم أدهم في غرفة أخرى، لعدم إزعاجي بشخيره القويّ.

ولكنّ الكلّ كان على علم بما يحدث إلّا أنا، فاعتقدَ العاشقان أنّ بإمكانهما إبقاء علاقتهما سريّة، ولكن لكثرة اعتيادهما على بعضهما بدآ فعلًا بالتصرّف كزوج وزوجة.

 

ووصلَني الخبر مِن إحدى زميلاتي في الجامعة. كانت قد سمعَت أهلها يتكلّمون مرارًا عن" العاشقين" و" العروس المسكينة"، ولم تعد تتحمّل رؤيتي أتصرّف وكأنّ شيئًا لم يكن. ولم أصدّق روايتها بل نَعَتُها بالكاذبة، وغضبتُ منها وقرّرتُ الإبتعاد عنها. ولكنّ حديثها لم يذهب سدىً، وبقيَ يدور في عقلي رغم رفضي القاطع للفكرة. لِذا بدأتُ أتنبّه إلى تصرّفات أمّي مع زوجي، واستطعتُ رؤية ما كان يجري فعلًا. كانت حركات صغيرة ونظرات خاطفة وبسمات وتلامس. وتبيّنت اللعبة، وراجعتُ بعقلي كلّ الذي جرى أمام عينيّ بدون أن أنتبه إليه، وفهمتُ إصرار والدتي على تزويجي مِن إبن خالتها ورفضه ممارسة الجنس معي. ومنذ تلك اللحظة، أدركتُ أنّ الشر موجود فعلًا حتى عند أقرب الناس. فأيّ أمّ تقضي على مستقبل إبنتها فقط لإرضاء نزواتها مع شاب يصغرها بعشرين عاماً؟ أيّ أمّ تهدّد ابنتها بالطرد لتحافظ على عشيقها؟ ما الذي حلّ بتلك المرأة الحنونة والمُحبّة التي كانت تعتبرني أغلى وأهمّ شخص في حياتها؟ وكي أحصل على الأجوبة قرّرت مواجهتها. وانتظرتُ رحيل أدهم إلى عمله لأقول لأمّي:

ـ ماما... أعرف كلّ شيء... أعني بما يدور بينكِ وبين... لن أسميّه زوجي... أقصد أدهم.

ـ ماذا تقولين؟ لا أسمح لكِ أن...

ـ كفى كذبًا! الناس كلّهم على علم بالأمر!

ـ يا إلهي! يعلمون؟ فعلنا جهدنا كي نُبقي الأمر سرّاً... كان يجدر بنا أن ننتبّه أكثر.

ـ أهذا كلّ ما يهمّكِ؟ وماذا عنّي؟ لقد زوّجتني مِن عشيقكِ!

ـ وممّا تشتكين؟ لم يُعاشرك ولم يتغيّر شيء في حياتكِ... أنتِ لا تفكرّين سوى بنفسكِ!

ـ أنا؟!؟ لقد قضيتِ على فرصتي بأن أحبّ وأتزوّج وأنجِب! انا لا أفكّر سوى بنفسي؟ سأطلب الطلاق!

ـ إيّاكِ أن تفعلي! كيف سأعيش مِن دونه؟ هو إن رحَلَ مِن هنا سيجد غيري...

ـ كنتِ مستعدّة لطردي والعيش مِن دوني، يا أمي...

ـ الأمر يختلف... لم يكن أبوكِ مثل أدهم... كان فاترًا يقوم بواجباته الزوجيّة مِن دون شغف... لم يُشعرني يومًا بأنوثتي مثلما فَعَل إبن خالتي... معه أحسّ بأنّني لا أزال شابة وأنّ هناك مَن يُريدني باستمرار... لستُ مستعدّة للتخلّي عن ذلك مِن أجل أحد."


علمتُ حينها أنّ والدتي لم ترَ فيّ سوى وسيلة لبلوغ هدفها، وركضتُ عند صديقة لي أبوها محامٍ، وشرحتُ لها وضعي مع زوجي بدون أن أطلعها على الذي يجري بينه وبين أمّي. ذكرتً لها فقط أنّه لم يلمسني يومًا.

وبدأتُ قضيّة الطلاق، وخضعتُ لفحص مِن قِبل طبيبة شرعيّة أفادَت أنّني لا أزال بتولًا. وحين علِمَت أمّي بالأمر، بدأت تهدّد وتصرخ ولكنّني أكّدتُ لها أنّني لن أترّدد في فضحها إن لم تقبل بأن يُطلّقني عشيقها. وحصلتُ أخيرًا على مرادي، وانتقلتُ فورًا إلى منزل جدّتي أبي.

 

وفي هذه الأثناء، إضطّر أدهم إلى ترك منزلنا وحصل ما كانت تخشاه والدتي. فبعد أقلّ مِن شهرَين، وجد العشيق مَن تناسبه أكثر، أي فتاة مِن سنّه وقطَعَ علاقته نهائّيًا مع أمّي.

 

وبعد أن علِمتُ بما جرى، عدتُ إلى البيت لأجد المسكينة منهارة كليًّا.

نظَرَت إليّ والدّموع تملأ عَينَيها وقالت لي:

ـ ما الذي فعلتُه بكِ يا حبيبتي؟

ـ أردتِ أن تعيشي قصّة حبّ كبيرة... وخفتِ مِن الزمَن...

ـ هل ستسامحيني يومًا؟

ـ بالطبع يا ماما، ولهذا السّبب أقف أمامكِ الآن.

وتعانقنا مطوّلًا، وبكيتُ لأنّني استرجعتُ أخيرًا أمّي.

 

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button