زوجة أخي دمّرت حياتي

شعرت بسعادة عارمة حين علمت أنّ شقيقي ربيع سيعود من الولايات المتّحدة الأميركية مع زوجته. لقد رحل لمتابعة دراساته العليا وخلال إقامته هناك تعرّف إلى أليسون. أصلها لبناني لكنّها المرة الأولى التي تأتي فيها إلى الشرق الأوسط.

كان شقيقي قد بنى منزلاً له لكنّه كان يحتاج لبعض اللّمسات الأخيرة حتّى يتمكّن وزوجته من العيش فيه، لذا بانتظار أن تنتهي الأعمال فيه قرّرا الإقامة معنا في المنزل. أعددنا لهما غرفة رائعة تليق بعريسين جديدين.

كانت الأمور تسير على أفضل ما يرام. كلّ صباح يخرج ربيع إلى الجامعة للتعليم فيما تذهب زوجته لتهرول في الحديقة العامة، ونلتقي على الغداء، أمّا عند المساء فغالباً ما كانا يخرجان. ولكن كنت أقلق بشأن أليسون فهي لا تعرف أحداً غيرنا في البلاد وتمضي باقي يومها في غرفتها. في صباح أحد الأيام، اقترحت عليها أن أرافقها، وبعد القليل من التردّد قبلت. لبست ثياب الرياضة وخرجنا للركض. كانت أليسون تتلفّت من حولها كما لو أنّها تبحث عن أحد. بهذه الطريقة لاحظت رجلاً يتبعنا. كان يتوقّف في كلّ مرة نأخذ فيها استراحة... لم أقل أيّ شيء لزوجة أخي كي لا أشغل بالها ولكنّني حرصت على الانتباه منه.

في صباح اليوم التالي وفيما كنت واقفة أمام الباب جاهزةً للخروج والركض معها جرى تغيير في البرنامج! قالت أليسون إنّها تريد الذهاب للتبضّع في السوق.

ممتاز! أنا بحاجة لشراء الملابس. لنذهب معاً ونتسلَّ...

شعرت بأنّ الأمر لم يعجبها لكنّها لم تقل شيئاً. جلنا المحالّ واشتريت الكثير من الثياب، أمّا هي فلم تشترِ شيئاً. شعرت بأنّها غير مرتاحة، لذا ومن أجل تلطيف الأجواء دعوتها إلى فنجان قهوة. هناك مزحنا وحاولت طمأنتها بأنّها ليست وحيدة فأنا مثل شقيقتها وبإمكانها أن تعتمد عليّ لنقوم بالعديد من النشاطات معاً. لكنّ جوابها لم يكن كما توقّعت:

اسمعي يا صونيا، أقدّر كثيراً ما تقولينه وتفعلينه من أجلي ولكنّني لست معتادة على هذا الاهتمام. أفضّل أن تبقى هناك مسافة بيننا. في الولايات المتّحدة، نعيش بطريقة مختلفة. أحبّك كثيراً ولكن أحتاج لمزيد من الوقت كي أعتاد على نمط العيش. وحين أصبح جاهزة ستكونين أول من يعلم.

قالت هذا وقبّلتني على خدّي وابتسمت.

حسناً، سأتركك بسلام ولكن إن أردت صديقة فأنا موجودة. لنعد إلى المنزل.

في هذه الأثناء رنّ هاتفها فنظرت إليّ متردّدة قبل أن تجيب:

كلّا سيدتي، الرقم خاطئ... لا مشكلة!

راحت تفاجئني أكثر وأكثر. لقد سمعت صوت رجل فلمَ ادّعت أنّها سيدة؟ هل المتّصل هو رجل الحديقة ذاك؟ بالتأكيد تخبّئ أليسون أمراً ما ولكن ما هو؟

عدنا إلى المنزل من دون أن نتكّلم. دخلت إلى غرفتها وأقفلت الباب خلفها أمّا أنا فجلست في الصالون أفكّر في اللّغز الذي يلتفّ حول زوجة أخي. ما العمل؟ هل أبلغ والديّ وشقيقي أم أنتظر؟

جاء الجواب بعد يومين... خرج ربيع وأليسون لزيارة أحد أفراد العائلة حين سمعت صوت هاتف أليسون يرنّ في المنزل. لقد نسيت أن تأخذه! حين وجدته كان قد توقّف عن الرن ولكن سرعان ما وصلت رسالة قصيرة: "لمَ لا تجيبي؟ أهو بجانبك؟ أنتظرك غداً في الحديقة حبيبتي. قبلاتي الحارة!".

لأليسون عشيق! لهذا السبب إذاً لا تريدني أن أرافقها ! فتّشت في الهاتف ووجدت العديد من الرسائل الشبيهة بتلك التي قرأتها وبينها رسائل أكثر حميمية وجرأة تخدش الحياء. وضعت الهاتف مكانه وانتظرت عودة أخي وزوجته. ما إن وصلت حتى هرعت في كلّ الاتجاهات بحثاً عن هاتفها. قلت لها بنبرة طبيعية جداً:

سمعته يرنّ للتوّ.

نعم... هذه صديقتي بلا شك!

آه، صار عندك صديقات الآن؟ أنا سعيدة من أجلك. من هي؟

امرأة تعرّفت إليها وأنا أهرول.

ما اسمها؟

قاطعني ربيع:

لمَ كلّ هذه الأسئلة يا صونيا؟ دعي أليسون وشأنها. هيّا حبيبتي لنخلد إلى النوم.

رغبت في أن أفضح أمرها ولكن فضّلت جمع أدلّة أوضح. في اليوم التالي، قرّرت أن ألحق بها إلى الحديقة ومعي كاميرا للتصوير. أردت إمساكها بالجرم المشهود. حين وصلت بالقرب من الحديقة رأيت رجلاً يلاقيها. كانا بعيدين فلم ألحظ وجه الرجل جيداً. تبادلا الحديث ثمّ توجّها إلى داخل الحديقة. هناك، قدّم الرجل ورقة لأليسون فوضعتها في جيبها. التقطت صورة للمشهد. الآن صارت الخيانة موثّقة.

في الأمسية ذاتها، دعوت شقيقي وزوجته إلى العشاء. في المطعم، دخلت في صلب الموضوع:

ما سأقوله يا أخي العزيز سوف يؤلمك جداً ولكن اعلم أنّ زوجتك مخادعة وعندها عشيق.

فوجئ أخي وحاولت أليسون مقاطعتي ولكنّني أصررت على التكلّم:

دعيني أُنهِ. لا حاجة لأن تنكري، لقد رأيتك مع ذاك الرجل اليوم في الحديقة وقرأت رسائل الحب بينكما على هاتفك. اعترفي ولننتهِ.

قدّمت الصور لأخي، وعلى خلاف ما توقّعته راحت أليسون تضحك ثم شرحت لربيع:

عزيزي، هذا الرجل هو صاحب محلّ للحلويات. تعرّفت إليه منذ بضعة أيام فأعطاني رقمه حتى أتمكّن من طلب قالب الحلوى لذكرى لقائنا غداً، هل نسيت؟ أمّا في ما يتعلّق بهاتفي فانظر، لا وجود لتلك الرسائل إلا في مخيّلة شقيقتك المريضة.

لقد ألغت كلّ الرسائل! وذاك الرجل الذي كان بصحبتها اليوم ليس نفسه الذي رأيته ذاك اليوم. بالتأكيد طلبت منه ألا يأتي إلى الموعد خوفاً من أن تقع في الفخ!

نظر إليّ شقيقي بحزن وقال:

لا أدري لمَ فعلتِ هذا صونيا. هل لأنّني متزوّج وأنتِ لا؟ أم أنتِ تكرهينني لدرجة أنّك لا تستطيعين رؤيتي سعيداً؟ لقد تغيّرتِ كثيراً بعدما كنت لطيفة للغاية... اتركينا بسلام الآن.

نظرت إليّ أليسون نظرة انتصار مع ابتسامة ساخرة ارتسمت على شفتيها. لقد فازت!

في صباح اليوم التالي، حزما الأمتعة ورحلا من دون أن يقولا شيئاً لوالديّ. لقد كنت مستاءة من أجله وخفت عليه من الأسوأ. رحت أمضي معظم وقتي وأنا أبكي فقد خسرت شقيقي وشقيقتي التي ظننت أنّني وجدتها أخيراً.

مرّت ثلاثة أشهر من دون أن نعرف شيئاً عن شقيقي، إلى أن دقّ الباب في أحد الأيام ووقف أمامي منهزماً:

سامحيني صونيا... كان عليّ أن أثق بك.

ادخل وأخبرني كلّ شيء.

جلس على الكنبة في الصالون وقال:

حين انتقلنا إلى منزلنا الجديد كانت الأمور تسير على أفضل ما يرام. لكنّني لم أنسَ ما قلتِه ذاك اليوم لأنّني أعرفك وأعرف أنّك لا تودّين إيذائي. قرّرت البقاء متيقّظاً ورحت أراقب كلّ التفاصيل الصغيرة وشعرت بأنّ أمراً غير اعتيادي يحدث. لم يكن هناك شيء واضح لكنّ أليسون لم تكن صريحة دائماً. لذا قرّرت في أحد الأيام العودة من الجامعة أبكر من العادة ولم أكن أنتظر أن أرى ما رأيته. لقد كانت مع عشيقها في فراشنا! لست أدري كيف تمكّنت من المحافظة على هدوئي. وهنا بدلاً من الاعتذار قالت لي أليسون: "لا أحبّك!  ولم أحبّك يوماً. لقد تزوّجتك فقط لأنّ الرجل الذي أحبّ كان متزوّجاً. أمّا الآن فقد عاد لي أخيراً". وحين سألتها لمَ لم تخبرني بكلّ شيء لأمنحها الطلاق وننتهي أجابت ببساطة أنّها كانت تنتظر لتضع يدها على المنزل والمال!  وكما يمكنك أن تتخيّلي رميتهما خارجاً من دون أسف. سامحيني يا شقيقتي الصغيرة. أرجوكِ سامحيني، لقد نسيت أنّ رابط الدم أقوى من أيّ شيء آخر في الدنيا.

حاورتها بولا جهشان

المزيد
back to top button