زوج شقيقتي إستبقَ موتها فأتى بغيرها!

أسأل نفسي دائماً كيف أنّ بعض الأشخاص كزوج شقيقتي مثلاً، يمكنهم أن يكونوا مجرّدين من أي رحمة أو عاطفة تجاه أقرب الناس إليهم.

كانت مُنى قد تزوّجَت من عدنان منذ عشر سنوات وأنجبا إبنتين جميلتين حين أصيبَت المسكينة بمرض خبيث.

وبالطبع تركتُ كل شيء وذهبتُ أنام عندها وأساعدها لتخطّي فترة العلاج الأليم.

ولكن بسبب عملي، إضطُررتُ للسفر لمدّة أسبوع وعندما عدتُ إلى البلد، توجهتُ فوراً عند أختي. وفوجئتُ برؤية فتاة في العشرين من عمرها تحضّر وجبة الطعام. وعندما سألتُ منى عنها، أجابتني أن عدنان إتّصل بمكتب للتوظيف قريب منهم لإيجاد من يهتّم في البيت والأولاد. فرحتُ لسماع هذا وإطمئنّ قلبي لوجود مساعدة ورفيقة لشقيقتي وكنتُ سأتمكّن من جرّاء هذا من الإهتمام بنفسي والنوم في منزلي.

ولكنني لم أتوقّف عن الذهاب لزيارتها كل يوم بعد العمل. ولم تغب عن إنتباهي الموّدة الموجودة بين زوج أختي ومساعدتها هناء. لم أقل شيئاً بالطبع ولكنني وعدتُ نفسي بأن أراقب الوضع من بعيد، خوفاً من أن أكون على خطأ وينتج عن ذلك ذهاب العاملة. ناهيك عن إرتياح الفتاتين لهذه الصبيّة التي كانت تطهو لهنّ وتدبّر جميع أمورهنّ.

ولكنني لم أكن الوحيدة التي لاحظَت تقرّب عدنان من هناء، فشقيقتي قالت لي في أحد الأيّام:

- هل تعتقدين أن عدنان يحبّني فعلاً؟

- أنا متأكّدة من ذلك... لما هذا السؤال؟

- هذه الفتاة... أعني هناء... أشعر أنّها تتصرّف وكأن المنزل منزلها و... وكأن زوجي وبناتي هم عائلتها.

- أنتِ مخطئة، فهي تقوم بعملها فقط وأنتِ أصبحتِ حسّاسة جدّاً بسبب حالتكِ الصحيّة. أرجوكِ أن تكفّي عن التفكير بهذا الموضوع وأن تركّزي على الشفاء فكلّنا بحاجة إليكِ.

- كلّكم؟ أشكّ بذلك.

وساءت حالة مُنى وتدهورَ وضعها يوماً بعد يوم وأخذتُ إجازة من عملي كي أكون معها في المستشفى حيث نُقِلَت لكي تُعالَج من جديد. وبقِيَ زوجها وحيداً مع بناته وهناء لمدّة طويلة وأظنّ أنّ ذلك وطدّ العلاقة الموجودة بينهما.

وبعد فترة عذاب لم أرَ مثلها، توفّت أختي وبكى قلبي عليها. عرضتُ على عدنان أن آتي للإهتمام بالبنات ولكنّه رفضَ قائلاً: "لقد إعتدنا على هناء وهي تقوم بعملها جيّداً... وأنتِ لديكِ عملكِ وحياتكِ... لا تشغلي بالكِ...".

وكان على حق، فعندما كنتُ أذهب لزيارتهم، كنتُ أرى تناغماً بين الجميع وكأنّهم عائلة منذ زمن بعيد. حزِنتُ لأنّ أختي لم تعد موجودة وأنّ الحياة إستمرّت من بعدها ولكن من ناحية أخرى، أدركتُ أنّه ليس ذنب أحد إن كانت مرضَت وماتَت. وإن كانت سعادة إبنتيّ أختي هي مع هناء فليكن. ولم أتفاجأ كثيراً عندما أخبرني عدنان بعد سنة أنّه سيتزوّج من هناء، فهي كانت الوحيدة التي إهتمّت به وبأولاده طيلة فترة مرض شقيقتي وبعده.

وقبل الزفاف بشهر واحد وقعتُ عن السلّم وكسرتُ رجلي، فطلبتُ من عدنان إعطائي رقم هاتف مكتب التوظيف الذي بعثَ له هناء، لأنني كنتُ بحاجة إلى من يساعدني. وفوجئتُ كثيراً عندما تلبّك ولم يستطع إيجابي:

- لستُ... لستُ أدري... أعني لا أتذكّر...

- ما من مشكلة... سأسأل هناء.

- لا! ...أقصد أنّها لا تعلم رقم هاتفهم.

وبالطبع لم أقتنع بما قاله لي وبدأتُ أسأل نفسي عن سبب كل هذا الغموض. فقرّرتُ أن أتحرّى وطلبتُ هاتفيّاً كل المكاتب الموجودة في المنطقة وحتى خارجها والجواب كان واحداً: لم يسمع أحد بهناء. هنا فهمتُ أنّها لعبة ولكن ما الهدف منها؟ من أين أتَت مساعدة أختي؟

كنتُ بحاجة إلى أجوبة قبل أن أدع تلك المرأة تدخل عائلة أختي بصفة شرعيّة. والطريقة الوحيدة كانت بمواجتها بالذي أعرفه على أمل أن تبوح لي بالحقيقة. فذهبتُ إليها تحت ذريعة أنني أودّ تقديم مساعدتي لها في تحضير الزفاف. وقلتُ لها وبكل تجرّد لكي لا تشكّ بشيء:

- علمتُ من عدنان أنّكما تعرفان بعضكما من قبل أن تأتي لمساعدة مُنى... لا تنكري... فأنا لا أرى مانعاً لهذا... بالعكس... علاقة وطيدة أفضل من أجلكما ومن أجل الأولاد...

- نعم هذا صحيح... فبعد أن عَلِمَ عدنان أن زوجته مريضة إتّصل بي... كنّا جيران في السابق ورغم فارق العمر بيننا، كان هناك منذ البدء إنجذاب بيننا... عرضَ عليّ القدوم إلى هنا لكي تعتاد عليّ البنات.

- ولكن... ولكن لا أحد كان يعلم بعد أنّ وضع أختي خطير، فالعديد من المصابين بالسرطان يشفون وبصورة دائمة!

- بدا لي متأكّداً من أنّها لن تشفى... ليس عندي معلومات كافية عن هذا المراض... هو قال لي أنّها ستموت وأنّ من الأفضل أن أحلّ مكانها فوراً لكي لا يشعر أحد بفراغ.

هكذا إذاً... كان صهري قد دبّر بديلة منذ البداية! يا للسافل! كنتُ محتارة بأمري، فهناك مصلحة بنات أختي ولم أرِد خلق مشاكل وزعزعة حالة الإستقرار التي سادَت منذ سنة. سألتُ نفسي ما كانت أختي تريدني أن أفعل في مثل هذه الحالة. قررتُ أنّ عليّ على الأقل التكلّم مع صهري:

-لقد إنكشفَت خطّتكَ، فأنا أعلم أنّكَ لم تأتِ بهناء من أيّ مكتب لمساعدة شقيقتي بل لتصبح زوجتكَ... كيف إستطعتَ فعل هذا؟ كيف إستبقتَ الأمور وكأنّكَ متأكّد أنّ منى ستموت؟ مذا لو شفَت؟ ما الذي كنتَ ستفعله؟

-كنتُ أرجعتُ هناء إلى بيتها مع جزيل الشكر!

-أنتَ وحش! هل أنتَ مجرّد من أيّ شعور؟ كيف يمكنكَ التلاعب بحياة الناس هكذا؟ أسمعني يا عدنان... وإسمعني جيّداً... ما تفعله من عشيقتكَ ليس من شأني ولكن إيّاك ثم إيّاك أذيّة بنات أختي وإلا سأجعلكَ تندم كثيراً.

وتزوّج صهري من هناء ولكن بعد أقل من سنة تركَته، بعدما أدركَت أنّه لا يحبّها، بل إستعملها فقط كمربّية. وأتى إليّ طالباً منّي أن آخذ البنات وأهتمّ بهنّ. وبالطبع قبلتُ فكانت هذه أمنيتي من الأوّل. أمّا هو، فتركَ البلد وراح يكملُ حياته بعيداً عن أيّ همّ أو مسؤوليّة.

حاورتها بولا جهشان 

المزيد
back to top button