بالرغم أنّني أخطأتُ بحق زوجتي، لم أتوقّع أبداً أن يحدث لي ما حدث وأقع ضحيّة مَن كان أذكى وأقوى منّي.
عندما طلبتُ مِن نجاة أن تربط حياتها بي، كنتُ حقّاً أحبّها ولم أتصوّر حينها أنّني سأنظر يوماً إلى إمرأة غيرها. ولكنّ الحياة تخبّئ لنا منعطفات تأخذنا إلى حيث لم نرد أن نذهب. فبعد حوالي العشر سنوات على زواجنا، أصبحَت علاقتنا الجنسيّة مملّة وميكانيكيّة ولم تعد زوجتي تعير أهميّة للموضوع وتتجنّب الأوقات الحميمة معي. ومع مرور الزمن كنتُ قد نسيتُ أنّني أستطيع جذب إمرأة وإرضاءها، حتى أن إلتقيتُ بمَن أيقظ شهواتي لدرجة لم أتخيّلها.
كل شيء بدأ، عندما جاءت موظّفة إستقبال جديدة إلى الشركة كبيرة حيث كنتُ أشغر منصب نائب مدير. كانت غنوة شابة وجميلة تهتمّ كثيراً بمظهرها الخارجي بإستعمال المساحيق وتلوين شعرها وإرتداء الفساتين الجميلة والأحذية المغرية. وعندما رأيتُها لأوّل مرّة، شعرتُ أنّها المرأة التي يمكن أن أهواها لولا إرتباطي. ولِفترة أشهر بقيَت علاقتنا رسميّة، نلقي التحيّة على بعضنا كلّما دخلتُ وخرجتُ من العمل، حتى أن حصل أن تغيّبَت لبضعة أيّام. عندها شعرتُ بشوق كبير لرؤيتها وبات مزاجي عكراً وكأنّ شيئاً مهمّا ينقصني. ولم أستعيد بسمتي إلّا عندما عادَت بعد أن تعافَت من زكام شديد. ركضتُ إليها:
- أين كنتِ؟؟؟
- لماذا تسأل؟ هل إشتقتَ لي؟
- للحقيقة... نعم... إشتقتُ إليكِ...
وضحكَت ونظرَت إليّ وأضافَت:
- كان بإستطاعتكَ زيارتي في البيت لتطمئنّ عليّ.
- لم أكن أعلم أنّكِ ستستقبلينني.
- الآن أصبحتَ على علم...
كانت الرسالة واضحة وأعترف أنّني في تلك اللحظة نسيتُ نجاة وأولادي وكلّ ما يتعلّق بعائلتي. وبدأتُ أحلم بما قد يحصل في حال ذهابي إلى شقّة غنوة ولم أعد أفكّر بشيء آخر. لاحظَت زوجتي تغيّراً في تصرفاتي وسألَتني عن السبب، فأعطيتُها التفسير الذي يستعمله كل الرجال: أشغال وهموم كثيرة في العمل ستزول قريباً. وصدّقَتني المسكينة وزاد إهتمامها بي ولكن كل ما كنتُ أريده كان جسد تلك الموظّفة. وبلغَ الموضوع حدّ الهوَس، حتى أن قررتُ أن أنفّذ أحلامي مع التي أيقظت شهوتي.
وذهبتُ إلى مكتب غنوة وأعربتُ لها عن رغبتي بزيارتها في المساء. رحّبَت بي وقالت أنّها ستنتظرني بفارغ الصبر. باقي النهار كان بمثابة عذاب لي، فكان الوقت يمرّ ببطء شديد وحين أصبحَت الساعة السادسة مساءً، ركضتُ خارج الشركة لأبتاع باقة من الورود وعلبة شوكولا لآخذها معي إلى موعدي. وتوجّهتُ إلى منزل غنوة وقلبي يخفق بسرعة، فكانت هذه أوّل مرّة أخون فيها زوجتي. وعندما فتحَت غنوة لي الباب وهي في ثياب مغرية، نسيتُ كل مخاوفي ودخلتُ المكان الذي كنتُ سأقضي فيه وقتاً لن أنساه قبل وقت طويل. مارستُ الجنس كما كنتُ أفعل أوّل ما تزوّجتُ، أي بحماس وشغف وعندما تركتُ المكان لأعود إلى بيتي، كنتُ أغنّي كالمراهق. لم تنتبه نجاة لِشيء لأنّني كنتُ قد أخبرتُها بأنّ لديّ إجتماع وقد أتأخّر في العودة ووجدتُها غارقة في نوم عميق. أخذتُ حماماً ساخناً ودخلتُ الفراش وأنا أفكّر أنّني سأرى عشيقتي في الصباح وهكذا نمتُ والبسمة على وجهي. وبدأت علاقتي مع موظّفة الإستقبال، والتي إستمرّت لفترة أشهر. كنّا نلتقي عندها أسبوعيّاً ولم أعد أكترث لخلق الأعذار لزوجتي لتغطية غياباتي الليليّة. وبما أنّ نجاة لم تكن غبيّة، بدأت تشكّك بصحة حججي وتسأل نفسها أسئلة عن كل تلك الإجتماعات الليليّة. حتى أن جاء نهار وصارحَتني عن قلقها:
- حبيبي... لديّ سؤال واحد... وأرجو منكَ ألّا تغضب بل أن تجاوبني بصراحة تامة...
- ما الأمر؟
- هل هناك إمرأة غيري في حياتكَ؟
وبالطبع نكرتُ بشدّة وأخبرتها أنّها الوحيدة في قلبي وأنّني لا أستطيع خيانتها أبداً. وصدّقَتني المسكينة، ربّما لأنّها ظنّت أنّني لا أزال ذلك الرجل الذي أحبّته وتزوّجته. أعترف أنّني في تلك اللحظة كرهتُ نفسي، لأنّني كنتُ أؤذي أمّ أولادي وحبيبة عمري ولكنّ اللذة التي كنتُ أحصل عليها مع غنوة، كانت أقوى من أي إعتبار آخر. وكنتُ سأستمر بالكذب لمدّة طويلة لولا الذي حصل بعد فترة قصيرة.
فبينما كنتُ أظنّ أنّني وقعتُ على العشيقة المثاليّة، توضّح لي أنّني لم أكن بالنسبة لها سوى مورد رزق يؤمّن لها رغماً عنه أياماً ومستقبلاً آمناً. جاءت غنوة إلى مكتبي في ذاك نهار وأقفلَت الباب وراءها. ظننتُ أنّها إشتاقت إليّ وأرادت أن تقبّلني، فطلبتُ منها ألّا تفعل هذا بالمكتب وأنّ عليها أن تنتظر حتى أن نكون وجدنا في شقّتها. إبتسمَت لي وقالت:
- أهذا كل ما تفكّر به؟ لم آتي لفعل أيّ شيء معك بل لأطلب منك خدمة...
- أطلبي ما تشائي!
- الأمر جديّ... أريد مبلغاً من المال...
- هذا ليس صعباً... كم تريدين؟
- أريد خمسين ألف دولاراً أميريكيّاً.
- ماذا؟ أنتِ تمزحين حتماً!
- أبداً... هناك أشياء أريد شراءها وستعطيني المال.
- أنا لا أملك ذلك المبلغ!
- بلى... أعرف أنّ لديك أكثر من خمسين الف...
- حتى لو كان هذا صحيحاً، فأولادي أولى بذلك المال... عليّ تأمين تعليمهم.
- لا يهمّني ذلك! أريد المبلغ!
- لن أعطيكِ فلساً واحداً! إذا كنتِ تعتقدين أنّ بإستطاعتكِ إستغلالي...
- أنتَ قلتَ لي منذ دقيقة أنّني أستطيع أن أطلب ما أشاء.
- إعتقدتُ أنّكِ بحاجة إلى فستان أو حذاء... أمّا هذا القدر من المال، فالجواب هو لا... إسمعيني يا غنوة... أنتِ إمرأة جميلة وجذّابة وأستمتع كثيراً بما نفعله سويّاً ولكن هناك حدود... وإذا كنتِ تتخايلين أنّني سأفعل أيّ شيء تريدينه فأنتِ مخطئة... عائلتي هي الأهم... ربّما علينا التوقّف عن رؤية بعضنا...
- لا يهمّني إن أنهينا علاقتنا... أريد المال... خمسون ألف دولاراً! وإلّا...
- وإلّا ماذا؟
وفتحَت حقيبة يدها وأخرجَت منها قرصاً مدمجاً ووضعَته على مكتبي وخرجَت بِصمت. لم أفهم قصدها في حينها ولكن عندما أدخلتُ القرص إلى حاسوبي ورأيتُ شريطاً مصوّراً عن أوقاتي الحميمة معها فهمتُ أنّها تهدّد بفضحي. طلبتُ من السكريتيرة عدم إزعاجي لباقي النهار ليتسنّى لي التفكير بهدوء بما حصل لي وإيجاد حلّ لمشكلتي. مِن الواضح أنّ غنوة كانت تعلم ماذا تفعل، فكانت مجهّزة بالكاميرات الموضوعة في كل أنحاء الشقة وتأكّدتُ أنّها لن تتردد في تنفيذ تهديدها في حال لم أدفع لها. وتخيّلتُ ما قد يحصل لعائلتي إن علمَت نجاة بخيانتي خاصة أنّها سترى بعينيها زوجها يمارس الفحش مع إمرأة غيرها وستحصل على دليل قاطع يمكّنها من تركي وأخذ الأولاد منّي. ناهيك عن الفضيحة إن إنتشر الشريط بين موظّفي الشركة، فكان من الممكن أن أخسر عملي. لم يبقى لي خياراً سوى أن أجمع المبلغ المطلوب وأعطيه لهذه الماكرة. وعندما دخلتُ منزلي كنتُ في حالة يُرثى لها مما أثار إنتباه نجاة التي ركضَت إليّ لتسألني إن كنتُ بخير. وبعد أن أجبتُها أنّ أمراً هاماً يشغل بالي قالت:
- حبيبي... أنا زوجتكَ ويمكنكَ إخباري أي شيء... تزوّجتكَ لأنّني أحببتكَ وحلفتُ أن أكون معك في الحلو والمرّ... قل لي ما الذي يشغلكَ إلى هذه الدرجة... يمكنني تفهّم أيّ شيء...
- إلّا هذا...
- حتى هذا!
ولكنّني لم أقبل أن أفتح لها قلبي وأجرح شعورها. نظرتُ إليها بحزن وقلتُ لها:
- أنا لا أستحقّكِ... أنتِ زوجة وأمّ مثاليّة وطمعتُ بكِ... أهملتكِ فترة طويلة... سامحيني...
وتعانقنا بقوّة وفي تلك الليلة مارستُ الجنس مع زوجتي وشعرتُ باللذّة الحقيقيّة لأنّني كنتُ أحبّها فعلاً. ولكن سرعان ما عاد الهمّ إليّ، فكان تهديد غنوة ما زال قائماً ولم أكن قد وجدتُ حلّاً بعد. وأمام تصرّفي الغريب في العمل جاء المدير إلى مكتبي ليستفسر عن الموضوع. وبحتُ له بكل شيء لأنّني كنتُ بحاجة إلى إخبار أيّ أحد بما يجري وأن أحمي نفسي في حال إنتشار الشريط. سكتُ مطوّلاً ثم قال:
- لست الوحيد...
- ماذا تقصد؟
- أنا أيضاً وقعتُ ضحيّتها... كلّفني الأمر الكثير مِن المال... أظنّ أنّها كانت تواعدنا في آن واحد.
- هذا يعني أنّ عليَ أن أدفع لها ما طلبَته.
- أجل وإلّا ستهدم عائلتكَ.
- كان علينا عدم الوقوع في هذه التجربة... خنتُ ثقة زوجتي وأهملتُ أولادي... ولماذا؟ لبضعة دقائق لذّة؟ سأدفع لها ما تريد وأعمل ساعات إضافيّة لِتجميع المبلغ مجدّداً لأعلّم أولادي في أفضل الجامعات... كم كنتُ غبيّاً...
وغادرَت غنوة العمل بعد أن قبضَت المال ولم تعد، ربما لِتعاود نصب أفخاخ جديدة في أماكن أخرى لِرجال قليلوا الوفاء مثلي.
حاورته بولا جهشان