لو قال لي أحد أنّ زوجي راغب سيحاول قتلي يوماً، لكنتُ ضحكتُ كثيراً! فكان زوجي، إنسان لطيفاً جداً ومحبّاًّ على الأقل في البدء. ولكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً ولزمني وقتاً لأكتشف وجهه الآخر على حساب فقدان حياتي.
عندما رأيته لأوّل مرة عند أصدقاء لي، أعترفُ أنّ قلبي بدأ يخفق بسرعة، فكان وسيماً جداً وله كاريزما قويّة لا تقاوَم. وهو عَلِمَ مدى تأثيره عليّ، لأنّه كان معتاد على جذب النساء ويستمتع كثيراً بهذا. وبما أنّ الإعجاب كان متبادلاً، بدأنا نخرج سويّاً وبإنتظام. وخلال هذه الفترة، لم ألاحظ شيئاً عليه وبدا لي كأي رجل يواعد إمرأة، لا بل بالعكس كنتُ سعيدة معه، حتى أنني قبلتُ بالإرتباط معه حين طلبني للزواج. هنّأني الجميع لإختياري شخص ناجح ومحبّ كراغب وظننتُ أنّ حياتي ستكون هنيئة، مليئة بالفرح والسعادة. وقبل الزفاف بأيّام جاء إليّ وأخبرني أنّ لديه رغبات جنسيّة "خاصّة وعديدة" وأنّ عليّ إشباعها بعد الزواج وعندما أطلعني عليها، رفضتُ رفضاً قاطعاً لأنّ نظرتي إلى الحب الموجود بين رجل وإمرأة تختلف كلّياً عن هذا. سكتً مطوّلاً ثم إبتسمَ وقال:
- كنتُ أختبركِ ولقد نجحتِ في الإختبار!
ثم عانقني وقبّلني ولم نتكلّم بهذا الموضوع مجدّداً.
ولكن بعد فترة قصيرة، أدركتُ انّ لزوجي حبّ مفرط للنساء وكأنّه يريدهنّ كلهنّ من دون إستثناء، فلم يكن يأبه إن كنّ جميلات أو قبيحات، طالما كنّ من الجنس اللطيف. ومن الرجل الرصين والمحبّ، تحوّل إلى صيّاد مغامر ولكن لم تتخطّى الأمور حدود المسايرة. وفي ذات ليلة، دُعينا إلى العشاء من قبل صديقة لي، فذهبنا إلى المطعم حيث أُقيمَت على شرفنا حفلة كبيرة. وهناك بدأ يغازل النساء الموجودات معنا وكأنني لم أكن برفقته. لم أقل شيئاً حينها لأنني تفاجأتُ بتصرّفه هذا ولأنني لا أحب إفتعال مشاكل أمام الناس، لذا إنتظرتُ حتى عودتنا إلى البيت لأوبّخه. فأجابني:
- لم أفعل شيء، سوى أنني كنتُ لائقاً مع السيّدات. من الواضح الآن أنّكِ تغارين عليّ بقوّة وهذا قد يزعجني.
في حينها إعتقدتُ فعلاً أنني أعطيتُ للأمر أهميّة أكثر من اللازم، فوعدتُ نفسي أن أقلّل من غيرتي وأثق به أكثر. ولكن بعد يومين، خابرتني رفيقتي التي كانت دعتنا الى العشاء، لتقول لي أنّ راغب إتصل بإحدى السيّدات الموجودات معنا في تلك الليلة، طالباً منها موعداً. وعندما سألتُها كيف حصل على رقمها، أجابتني أنّه لحقَ بها إلى الحمّام وطلبَه منها. أمّا هي فأعطته إيّاه خشية من أن يضايقها أكثر من ذلك أمام زوجها.
لم أصدّق أذنيّ! إن كانت تلك المرأة تقول الحقيقة، فهذا يعني أنّ زوجي إنسان غشاش ومعدوم الأخلاق! لا... هذا لم يكن راغب الذي أحببته وكانت هذه حتماً كذبة للإيقاع بي أو بزوجي، فأنا لم أره ينهض عن المائدة ويذهب إلى الحمّام. فقلتُ لصديقتي بقوّة:
- أنا لا أصدّق هذه القصة الخياليّة... قولي لهذه الكاذبة أن تركّز على زواجها بدلاً من إختلاق الروايات!
- هناء... لم أقل لكِ الحقيقة... لم يلحق بإحدى المعازيم... لحقني أنا إلى الحمّام وطلب رقم هاتفي لأنني أعجبته كثيراً ولكنني لم أعطيه إيّاه طبعاً. لم أكن أريد إزعاجكِ أكثر من ذلك، فقلتُ لكِ أن هذا حصل مع شخص آخر. حبيبتي... إحذري منه... أرجوكِ...
- أصمتي! أنتِ لستِ صديقتي! راغب يحبّني أنا ولا أحد سواي. صحيح أنّه يجامل النساء ولكن الأمور لا تذهب إلى أبعد من هذا. أرجو منكِ أن تبتعدي عنّي وعن زوجي.
ويا ليتني سمعتُ منها، فكانت طبعاً تقول الحقيقة. ورغم أنني لم أصدّقها بدأتُ أرى أشياء لم أكن أنتبه إليها سابقاً. فإضافة إلى أنّ زوجي لم يكن يفوّت فرصة للنظر بإمعان إلى النساء الأخروات، كان يتّلقى طوال الوقت رسائل عديدة على هاتفه. وبالرغم أنّ الأسماء التي كانت تظهر على شاشته كانت لرجال، بتُّ أعرف أنّها آتية من نساء بمجرّد النظر إلى البسمة التي كانت ترتسم على وجهه عند قرائتها.
ومَيل راغب المفرط إلى النساء لم يكن سرّاً، ففي أحد الأيّام إلتقيتُ بسيّدة عندما كنتُ أزور أهلي. وكانت تعرف أيضاً حماتي وتتردد دائماً إلى منزلهم. وعندما علِمَت أنني تزوّجتُ من إبن صديقتها قالت لي:
- أرجو أن يكون الله في عونكِ...
- لماذا تقولين هذا؟
- لم أقصد شيئاً ولكن... أعرفه منذ ما كان فتيّاً وواكبتُه عندما أصبح مراهقاً ثم رجلاً... حبيبتي... زوجكِ مهووس جنسيّاً وليس هناك من تعبير آخر لوصفه.
- أعتقد أنّكِ تبالغين قليلاً... معظم الرجال لديهم شهيّة جنسيّة كبيرة.
- هذا صحيح ولكنّه مختلف... وإضافة إلى ذلك فطبعه... كيف أقول هذا... إنّه عدائي جدّاً.
- راغب إنسان طيّب وطبعه هادئ جداً! هل أنتِ متأكّدة أننا نتكلّم عن نفس الرجل؟
- أرجو أن يكون قد تغيّر منذ ما تزوّج منكِ ولكنني أشكّ بذلك. على كل حال إنتبهي لنفسكِ وسامحيني إن كنتُ قد تطفّلتُ بحياتكِ الخاصة.
حديث تلك السيّدة، ذكّرني بما قاله لي راغب قبل زواجنا بما يختصّ برغباته الجنسيّة. أيعقل أنّه لم يكن يختبرني وأنّ الفظائع التي عدّدها هي فعلاً ما يحب فعله؟ ولكن حياتنا الجنسيّة كانت جدّ عاديّة ولم يكن رجلاً متطلّباً وكنّا نفعل ما يفعله كل الأزواج. وبعد التفكير بكل ما قيل لي، قررتُ أنّ أفضل طريقة هي أن أسأله مباشرة. فإنتظرتُ عودته من العمل وقلتُ له:
- حبيبي... هناك نساء تقول أنّك تحاول التقرّب منهنّ وأخريات أنّ لديك ماضٍ من الإنحلال الجنسي وللحقيقة أجد هذا صعب التصديق. ولكن لماذا كل هذه الإشاعات حولكَ؟
ضحكَ ووضع يده على شعري بحنان وأجاب:
- يا هناء... ألا تعلمين أنّ الناس تحسد بعضها ورؤيتنا سعيدين تثير غيرة الكثير منهم؟ هل لاحظتِ عليّ شيء مما يقال؟ هل أزعجتكِ يوماً؟
- لا... ولكنّك تحبّ رفقة النساء وتجاملهن أكثر من اللازم...
- هذا لأنني رجل حقيقيّ! وهذه ليست سوى حركات تطمئن رجولتي. أنتِ الوحيدة في قلبي وحياتي... أرجوكِ أن تكفّي عن الإستماع لتلك الإشاعات.
وصدّقته. وبعد فترة قصيرة إكتشفتُ أنني حامل ونسيتُ كل مخاوفي بما يخص زوجي، فأصبح لديّ إنشغال أهمّ بكثير. ولكن عندما أخبرتُ راغب أنّه سيصبح أب سكتَ مطوّلاً ثم قال:
- يا للأسف... كيف سنمارس الجنس بعد الآن؟ ما نفعله في السرير هو بالكاد كافٍ!
- ولكن كل الناس يمارسون الجنس أثناء الحمل، علينا فقط الإنتباه قليلاً. أهذا كل ما يهمّكَ؟ ألستَ فرحاً؟
نظرّ إليّ وكأنّه يراني لأوّل مرّة وقال بتجرّد:
- بالطبع أنا فرح ...
يتبع...
حاورتها بولا جهشان