تحوّل من حبيبٍ إلى مُدمن مخدّرات!

"يا ليتني وثقت بأمي" ، كررت هذه العبارة في رأسي وانا أخرج من ذلك المنزل الذي أصبح جحيماً على الأرض، حاملة حقائبي وألمي.  
لم أتخيل يوماً، أنني قد أهرب من الرجل الذي حلمت بأن أمضي حياته معه.
تعرفت على بسام يوم كانت شقيقتي مريضة في إحدى مستشفيات العاصمة. كان حنوناً وكريماً يحبّني دون قيدٍ أو شرط ولكن عائلتي رفضته. فهو بالنسبة لهم، غير متعلّم ولا يعمل في وظيفة ثابتة، فليس بامكانه أن يؤمن لي الحياة السعيدة.
أينما ذهبت، تعرضت للنقد وسمعت العبارة نفسها: "أنتِ أفضل منه، هو ليس من تظنين، لا تدمري مستقبلكِ."
 
ولكنني رفضت نصائحهم معتبرة أنهم أناس سطحيين لا يقيّمون الانسان بطينته، بل بمركزه الاجتماعي فتزوجت بسام بالرغم من حزن اهلي الذين وقفا بجانبي لانني ابنتهم الصغرى وليس بامكانهما التخلّي عني.
كانت السنة الأولى من زواجنا عادية، لكنه تغيّر فجأة، ملًّ من حياتنا المفعمة بالمشاكل الماديّة، حيث كنا نكاد نؤمن إيجار المنزل ومصروف الطعام!
أصبح عصبيّاً ومتزمتاً. ثم ما لبث أن طلب الطلاق!
تدمّر عالمي، ظننت للوهلة الأولى أن هناك امرأة أخرى في حياته ولكن لم تكن تلك حقيقة الأمر.
رفضت! رفضت وأمضيت الشهرين اللاحقين أتوسله باكية ليلاً نهاراً ألّا يتركني، هو كان عالمي وحياتي، فلم أستطع تخيّل حياتي بدونه.

لا أعلم إن بقي معي بدافع الشفقة أو الحبّ، لكنه عاد، ويا ليته لم يعد.
فبدل العاطفة والحب والحياة والأمان، أفعم حياتي بالغيرة العمياء، والصّراخ،التسلط والعنف!
يوم ارتديت ملابس لا تحلو له، ضربني!
يوم ألقيت على جارنا التحيّة، ضربني!
يوم طرحت عليه سؤال ما، ضربني!
بدا وكأنه حاول إلغائي من الوجود، فصمتت على وجعي متأملةً أن يعود لصوابه، مقتنعة بأنه يمر بمرحلة عصيبة، مرحلة استمرت أكثر من عامين.

وفي أحد الأيام، عدت الى المنزل من العمل باكراً بسبب الألم الذي كنت أعاني منه بفعل ضربه لي في الليلة السابقة، دخلت ورأيت صدمة حياتي..
كان بسام في المنزل، يتعاطى المخدّرات. هنا فقدت أعصابي، فهو تركنا نعيش في الفقر، كان يسلبني أموالي ويضربني، ولا يسمح لي بالخروج وحدي من المنزل أو ان ألقي التحيّة على أيٍّ كان، بينما هو طوال هذه المدة يتعاطى الكوكايين. فرحت أصرخ وأبكي، وبدأت أهمّ في الرحيل.
فيما كنت أحاول ان أجمع حاجياتي، لم أشعر إلا ببسام يشدّني من شعري بقوّة مهدداً بقتلي ان حاولت تركه، فهو... يحبني ولا يستغني عني!

أقفل عليّ باب غرفة النوم. فصرت سجينة داخل منزلي الزوجي...
جلست هناك ودموعي تنهمر وكلّ ما استطيع التفكير به هو ايجاد طريقة للهرب. ..
الشباك، عليّ أن اخرج من الشباك.
حاولت قدر المستطاع، أن أنزل دون احداث ضجّة. لربما هذه هي المرة الوحيدة التي يعود فيها الفقرعليّ بشيءٍ ايجابيّ، فمنزلنا كان تحت الأرض مما سهل هربي دون ان يراني.

ما لبثت أن وصلت الى منزل والدي وأخبرتهما بكل ما حصل خلال السنوات السابقة، حتى وجدته خلفي، حاملاً مسدّسه. دخل بكلّ غرور، آمراً أن أعود معه، متوقعاً أن يتخلّى عني والديّ. 
لكن والدي، ذات قلب ملئ بالعطف والحنان، لم يستطع ان يرميني لهكذا ذئب كاسر ووقف له بالمرصاد. انفعل بسام، وراح يهددني بالقتل، فالتم الجيران حولنا بسب الصراخ وطلبوا الشرطة التي اعتقلته. 

بسام، سجن 3 سنوات وسافر بعد خروجه، أما أنا فلا زلت اعيش بسجن الخوف....
تخيّلي بأن اكثر من أعطاك شعور الأمان، أصبح أفظع مخاوفكِ. يا ليتني وثقت بأميّ.

المزيد
back to top button