الجزء الأول: أراد زوجي أن يبيعني لصديقه...

ولدتُ في عائلة فقيرة ولم أحظَ بالألعاب والثياب الجميلة كباقي الفتيات. كان أبي عاملاً بسيطاً لم يتحلَّ بأيّ طموح، أما أمي فكانت تقوم بتنظيف المنازل لتعيلنا بقدر ما تستطيع. أنجبا لي أشقّاء وشقيقات كُثُر دون أن يفكّرا بمشقّة إعالتنا في ظلّ وضعنا الماديّ المحدود. كان والدي يريد مني أن أترك المدرسة وأن أعمل مع والدتي لزيادة المدخول، ولكنّي رفضت. فواظبت على ارتياد مدرسة رسمية قريبة من بيتنا، وتعلّمت القراءة والكتابة والحساب على الرغم من المستوى التعليمي المتدنّي.
أمرٌ واحدٌ كان يشفع بي، هو أنني كنت جميلة. وكان والدايّ على دراية بذلك، إذ لم يكفّا الترديد: "ستجد من يتزوّجها بسهولة ويضمن مستقبلها".
كبرتُ محاطة بالمعجبين لكنني لم يلفت نظري أحد إلى أن ظهر سامي، شاب وسيم ولبق يجيد التحدث إلى الفتيات. عرف سامي كيف يستقطب اعجابي ويخطف قلبي. تودّد لي وتعرّف على أهلي فوراً، وأظهر نيّته الجدّية بالزواج منّي. وقبل أن نقترن ببعض، تردّدت على مسامعي أخبار عن سمعته السيئة، ولكنّي لم أوليها أية أهمّية ولم أتحقّق من صحّتها. فأنا اخترته أن يكون زوجي رغم أنه لم يكن ثرياً. فهذا الأمر لم يزعجني البتة إذ كنت معتادة على الفقر، لكنه كان يملك شقة صغيرة في حيّ شعبي من العاصمة، وبدا ذلك لي كافياً. بعد زفاف صغير ومتواضع ذهبت لأعيش مع عريسي، متأملة بأن أحظى بحياة هنيئة وسعيدة.
الأشهر الأولى التي تلت زواجنا، عشت أيام جميلة برفقة سامي، فقد أحاطني بحنانه واهتمامه، إلى أن بدأت الأحوال تتغيّر شيئاً فشيئاً. فما لم أعرفه إلا بعد أن فات الأوان، هو أن لزوجي مهنة سرية بديرها تحت غطاء مكتب الاتصالات الصغير الذي كان يملكه في الطابق الأرضي من البناية التي نسكن فيها...

ذات يوم، قررت تمضية النهار في مكان عمله، فلاحظت رجالاً كُثُر يأتون ويصعدون إلى الطابق العلوي، ومن ثمّ يتوزعون على غرف صغيرة ويمكثون فيها حوالي نصف ساعة على الأكثر ثم يرحلون. وفي نهاية اليوم، تنزل من تلك الغرف نساء عديدات.

سألت زوجي للإستفسار عمّا رأيته، فردّ عليّ بوقاحة دون أن يعقّب أكثر:
- لا أحب أن تتدخل زوجتي في أمور عملي. أنا لا أتدخل في أمورك المنزلية، أليس كذلك؟
لم أعاود السؤال إذ فوجئت بوقاحته ولم أعرف كيف أتعاطى معه.
لكنّي بقيت مشكّكة ولم يدأ لي بال إلى أن تقرّبت من فتىً مراهق كان يعمل في محل البقالة المواجه لبنايتنا. ونظراً لطبيعة عمله كنت متأكدة من أنه يعرف الكثير عمّا يجري في الحي وخاصة في مكتب سامي. فأعطيته مالاً وسألته أن يراقب هؤلاء الرجال الذين يأتون ويذهبون.
ردّ عليّ فوراً ببسمة:
- لا داعي لأن تدفعي لي المال، ولا أن أراقب الذاهب والآتي. فالكل يعلم ما يجري هناك... لا أدري كيف أقوله لك ولكن... زوجك يدير مقرّ دعارة وميسر في محله.

لم أصدّق ما سمعتّه أذناي. كاد يُغمى عليّ من وقع الخبر. أيُعقل أنني تزوجت من رجل قوّاد ومقامر؟! صحيح أنني فقيرة، لكنني ترعرعت في بيت محترم للأخلاق فيه أولوية. شعرت بالخجل بالكبير لا سيّما وأن الكل على دراية بالأمر، ولا بد من أن سمعتي كانت قد تلطخت أيضاً على غفلة مني. وَجُب عليّ أن أتحرّى عن سامي قبل أن أقبل بالزواج منه لكنني سُحرت بوسامته وتصرفاته المعسولة، وفات ما كان.
قررت أن أفاتح سامي بالأمر، علّ الصراحة والحوار يشجّعانه على إيقاف أعماله المشينة خاصة إذا أردنا إنجاب طفل. كان الوقت متأخراً جداً عندما رجع إلى البيت، وبدا في مزاج جيّد وقابل للحديث. أحضرت له العشاء، وجلست بقربه وقلت له برقّة:
- حبيبي، علمت مؤخراً ما يجري في محلك... وأظنّ أن هذه الأمور لا تليق بك أو بي.
نظر إليّ بتعجب ثم ابتسم وقال:
- أكملي.
- أقترح عليك أن تخصص المحل فقط للاتصالات لنعيش حياة محترمة ولو بمدخول أقل. فأنا أحبك ولن أتذمر أبداً إن لم يكن لدينا مالاً وفيراً.
مسح فمه ونظر إليّ بتعجب:
- لم أذكر أنني طلبت رأيك بما يخص عملي ولم أعتد يوماً على أن تتدخل امرأة في شؤوني الخاصة.
- أنا زوجتك، وهذه أيضاً شؤوني.
- لا... شأنك أنت أن تهتمي بأعمال المنزل ولاحقاً بأطفالنا. إعلمي أن هذا هو عملي ولن أغيّره وستقبلين به يا... بنت الأكابر! أنا أؤمن لك المأكل والمشرب فكوني ممنونة على الأقل!
- أفضّل أن أموت جوعاً على أن آكل من مال الدعارة والميسر!
عندما سمع ذلك صفعني بقوة وقال:
- إخرسي! أنا زوجك وأنا من يقرّر، أنت تنفذين فقط ما أقوله لك!
حدث الأمر بسرعة كبيرة لدرجة أنني لم أعِ ما قد حدث للتوّ. قام سامي لينام وأنا بقيت جالسة، يدي على وجنتيّ أفكّر بالذي حصل وبما سيحصل.

لم أجرؤ على أن أفاتحه بالموضوع مرة ثانية بعد تلك الليلة، فقد تلقّيت جواباً عنيفاً للغاية. ولكنّي استوعبت أن لا مجال للحديث ابداً مع شخص كهذا، فهو ليس فقط مجرد من الأخلاق والقيم بل عنيف أيضاً.
مرت الأشهر بسرعة، مع القليل من التواصل بيننا. إلى أن ذات يوم، اتصل بي سامي وأخبرني بأنه سيحضر معه ضيف فعليّ تحضير العشاء. وقال لي قبل أن يقفل الخط:
- أريدك جميلة الليلة، وأنيقة كما عهدتك.
وصل في المساء ومعه رجل في الخمسين من عمره. جلسنا على مائدة الطعام وبدأ سامي يتغنّى بصفاتي أمامه. شعرت بالخجل والإحراج، لكنّ ضيفنا أُعجب بردّة فعلي، فابستم قائلاً:
- جميلة وخجولة... نوعي المفضل!
وفجأة وقف سامي وقال لي بأنه نسي شيئاً في المحل وبأنه ذاهب لبضع دقائق ولن يطول غيابه. لم أرد المكوث مع ذلك الرجل لوحدي لكن سامي لم يترك لي الوقت لأعترض إذ ذهب فوراً. مرّت دقائق محرجة بدون أن أتفوّه بكلمة. إلى أن نظر الرجل إليّ وقال لي:
- لا تخافي... سأكون لطيفاً معك... آه! كما أنت جميلة! تستحقين كل قرش دفعته من أجلك!

إضغط هنا للجزء الثاني والأخير

 

 

 
المزيد
back to top button