إستقبلتُ عشيق زوجتي

ما يلي سرد للظروف التي أدَّت إلى اليوم الذي خسرتُ فيه كرامتي وشهامَتي وشرفي وشرف زوجتي أُمَيمة. هل أنا فخور بنفسي؟ بالطبع لا ولكنّ الدهر غدّار يلعب فينا وكأنّنا دمى ويحرّكنا عكس ما كنّا نتوقّع. لا أبحث عن أعذار أو حجج وسأكتفي بسرد الوقائع كما هي.

عندما تزوّجتُ مِن أُمَيمة لم أكن أحبّها ولم أكن أريدها ولكنّ أهلنا كانوا أصدقاء منذ زمن بعيد وكانوا قرّروا مسبقاً أنّنا سنكون لِبعضنا. فكبرنا ونحن نعلم أنّ يوماً سيأتي ونرتبط فيه وكأنّه أمر محتوم وخلال كل تلك السنين لم آبه حتى أن أتعرّف على إمرأة أخرى. ولماذا أفعل فكانت العروس جاهزة وبإنتظاري. فحين تخرّجتُ مِن الجامعة وبدأتُ بالعمل إرتأى أهلنا أنّ الوقت بات مناسباً لإقامة الزفاف. والعجيب في الأمر أنّني لم أفكرّ يوماً أن أقول لا ولا حتى هي بالرغم أنّنا لم نكن أبداً متحبّان. ليلة زفافنا كانت فاترة وميكانيكيّة ومارسنا الجنس لأنّنا كنّا مجبرَين على ذلك ولم نعاود الكرّة طوال سفرنا إلى الخارج. وعندما عدنا مِن شهر العسل وجدنا أنّه مِن المناسب أكثر أن يكون لكل واحد منّا غرفته. وأظنّ أنّ تلك كانت طريقنا للهروب مِن واجباتنا الزوّجية. ولأنّ الأهل كانوا ينتظرون منّا أن ننجب طفلاً إضطرّينا أن نلتقي في نفس السرير مرّة في الشهر. ورغم تلك المحاولات الخجولة لم نصل إلى نتيجة وبقينا مِن دون أولاد ننظر إلى بعضنا خلال وجبات الطعام التي كنّا نتقاسمها دون أن نتكلّم فعليّاً عن أيّ شيء.

ولأنّني كنتُ مهتمّاً جداً بعملي ظننتُ أنّ ذلك سيكون كافياً لأن أنسى أنّني أفتقد الحنان والحب ولكنّ الإنسان لا يمكنه العيش دون نصفه الآخر ولا بدّ له أن يبحث عنه يوماً ليشعر أنّه إكتملَ أخيراً. ولم أكن مَن بدأ بالتفتيش بل زوجتي التي أحسّت بملل عميق معي وقرَّرت إيجاد مَن يجعل قلبها يدق بقوّة. ولكنّها فعَلَت ذلك خفيَةً ككل النساء اللوات تواعد رجالاً آخرين.

في البدء لم ألاحظ شيئاً لأنّها كانت تتحجّج بصديقاتها ولكن عندما بدأت الإتصالات الغامضة تتكاثر شككتُ بأمرها. وللحقيقة لم أكن آبه إن كان لأمَيمة عشيق بل بالعكس فكان ذلك يعني أنّها إنسانة طبيعيّة تبحث عن معنى لحياتها وتطوق لأحضان مَن يحبّها. وفي ذلك الحين بالذات لم أكن مستعدّاً لمنعها مِن شيء لم أكن أعطيها إيّاه فتمنّيتُ لها ضمنيّاً التوفيق وأخذتُ أدوّر جديّاً على التي ستعطيني السعادة. ولكن في أحد الأيّام جاءَت زوجتي وطلبَت أن نتحدّث سويّاً بموضوع هام. وهذا ما دارَ بيننا:

 


ـ مِن أين أبدأ...

 

ـ لا تخافي... قولي ماعندكِ.

 

ـ تعلم أنّ حياتنا الزوّجية...

 

ـ معدومة... نعم... أعلم

 

ـ لقد إلتقيتُ برجل و... إسمع... أحترمُكَ جدّاً ولا أريد أن أكذب عليكَ... أظنّ أنّه مِن الأفضل لو تطلّقنا.

 

ـ ولِما نفعل؟

 

ـ ماذا؟ أقول لكَ أنّ هناك أحد... أحبّه... هل تفهم حديثي جيّداً؟

 

ـ أجل... فهمتُ ما تقولينه... ولا أمانع فأنا أيضاً أبحث عن إمرأة تملئ فراغ قلبي... ولكنّني لم أجدها بعد...

 

ـ علينا أن نطلّق بعضنا


ـ وماذا سنقول لأهلنا؟ تعلمين كم هم مصرّين على نجاح زواجنا.

 

ـ أجل... أعلم ذلك ولكن...

 

ـ إسمعيني... إفعلي ما تشائين... كل ما أطلبه منكِ هو أن تكوني حريصة ألاّ يعلم أحد بالذي يجري... إتفقنا؟

 

ـ إن كان هذا يريحكَ... فَنَعم.

 

وهكذا بدأت أُمَيمة بالخروج لملاقاة عشيقها والعودة إلى المنزل وكأن شيئاً لم يحصل وأعترف أنّني لم أكن أبالي أبداً وكأنّها كانت صديقة لي تفعل ذلك. ولكن في ذاك يوم أخبرَتني زوجتي أنّ أحد أقرباءها رآها برفقة ذلك الرجل وخافَت جدّاً أن تعرف العائلة بالذي يجري وقرَّرَت أن تضع حدّاً لعلاقتها تجنبّاً للفضيحة. عندها قلتُ ما لم أتصوّر أن أقوله يوماً:

 

ـ حسناً... إجلبيه إلى هنا.

 

ـ إلى المنزل؟

 

ـ أجل سنقول أنّه صديقي... وعندما يأتي سأذهب في نزهة وأترككما لوحدكما.

 

نظرَت أُمَيمة إليّ مطوّلاً ورأيتُ في عينَيها مزيجاً مِن الدهشة والإحتقار ولكنّ ذلك لم يؤثّر عليّ. وهكذا تعرّفتُ إلى عشيق زوجتي الذي زارنا محمّلاً بالهدايا ربّما ليُنسيني مَن هو. وبعد أن شربنا القهوى وأكلنا الحلويات أخذتُ مفاتيح سيّارتي وقلتُ لهما:

 

ـ بالإذن... عليّ الذهاب إلى صديقتي... سأعود بعد ساعتَين.

 

وتركتهما ينظرون إلى بعضهما بخوف لأنّ ما كان يحصل كان صعب التصديق. وعندما عدتُ في تلك الليلة كان ضيفنا قَد رحلَ وزوجتي غارقة في النوم أو تتداعى النوم لكي لا تضطّر إلى التكلّم معي بشأن ما حصل. وهكذا بدأ الحبيب يأتي مرّة في الأسبوع ويمكث بعض الوقت ويرحل. أما مِن جانبي فلم أجد مَن أحبّه ربمّا لأنّني كنتُ مشغولاً بعملي ومرتاحاً مِن جانب أُمَيمة فلم يكن هناك عليّ أيّ ضغط زوجيّ بل أصبحَت علاقتنا أجمل مليئة بالفرح والتفاهم.

 


ولكنّ زوجتي وقعَت في غرام عشيقها وهو أيضاً وقرّرا أنّ عليهما عيش حبّهما على سجيّتهما وأنّ مرّة في الأسبوع ليست كافية لهما. لِذا طلَبَت أُمَيمة منّي مرّة ثانية أن نتطلّق. ولكنّ الفكرة لم تكن واردة بالنسبة لي فكيف أواجه أهلي بفشل زواجي خاصة بعدما ضحّيتُ بسعادتي لكي أرضيهم؟ فرَفضتُ طلب زوجتي وقلتُ لها بكل بساطة:

 

ـ بدلاً أن ترحلي مِن هنا دعيه يأتي هو.

 

ـ ماذا تقصد؟ أن يعيش هنا معنا في البيت؟

 

ـ أجل... تنامين في غرفة تتسع بكل سهولة لإثنين... سنقول أنّ هذا الصديق فقَدَ مسكنه وأنّني إستقبله عندنا ريثما يجد مكاناً آخراً...

 

ـ أليس لديكَ أيّ كرامة؟

 

ـ تريدين أن أقف بوجه سعادتكِ؟

 

ـ لا...

 

ـ أرأيتِ؟ أفعل ما بوسعي لتكوني مع الذي تحبّينه.

 

وهكذا جاء الرجل مع أمتعته وسكَنَ معنا. وبالرغم مِن العلاقة الجيّدة التي كانت موجودة بيننا آنذاك كان يسود دائماً جوّ مِن التوتّر خاصة مِن جانبهما ولم أفهم لماذا فكنتُ قد سهّلتُ لهما الطريق لأقصى حدّ. وبدأت الناس تتكلّم عنّا لأنّ الوضع كان واضحاً وضوح الشمس وأظنّ أنّنا كنا الوحيدين المقتنعين بأنّ قصّة الضيف الصديق قد تمرّ وتُقنع الآخرين. وإجتمعَت العائلتَين للبحث بالموضوع وإقرار الخطوات اللازمة وطلبوا منّا الحضور. فأخذتُ أُمَيمة وذهبنا إلى منزل أهلي حيث كان الجميع بإنتظارنا وطلبوا منّا أن نطرد الضيف وأن نعمل على إنجاب طفلٍ. ورفضتُ بقوّة الإمتثال لهذه القرارات. عندها نظرَ إليّ أبي وسألَني:

 

ـ أليس لديكَ أيّ كرامة؟

 

ـ سألَتني أُمَيمة السؤال نفسه... ولم أجبها في ذلك الحين ولكنّني سأفعل الآن... كرامة تقول؟ وهل تركتوا لي أيّ كرامة عندما قرّرتوا عنّي مَن سأحبّ وأتزوّج وكم ولد سأنجب؟ تحاسبون الذي حرمتوه مِن أي فرصة للسعادة؟ عذراً يا أبي ولكنّها وقاحة مِن جانبكم جميعاً... 

 

وأخذتُ زوجتي ورحلنا. وبالطبع تمّ على الفور نبذنا مِن كِلتا العائلتَين ولكنّ ذلك لم يؤثّر عليّ. ولكن لم تتحمّل أُمَيمة الوضع لذا رحلَت مِن البيت بعد يومَين فقط تاركة لي الرسالة التالية:

 

"أنا ذاهبة بعيداً عنكَ وعن الحياة الني جعلتَني أعيشها... كم تمنّيتُ أن تأخذني في ذراعَيكَ وتمنَعني بِحنان أن أقيم علاقة مع آخر... لم أتصوّر يوماً أن تستقبل عشيقي في بيتكَ وأن تعيش معه... لقد طالَت المهزلة وعليّ إنهاءها لأنّكَ لا تدرك كم عانيتُ مِن هذا الوضع الشاذ... إن كان هناك أي كرامة باقية لديك فأرجو منك أن تطلّقني... الوداع."

 

وطلّقتُها لكي تكون سعيدة. أمّا بالنسبة لي فلَم أجد بعد مَن يحبّني خاصة بعدما أُشيعَ الخبر عن الذي فعلتُه. فأيّ فتاة سترضى أن ترتبط بي؟ اليوم أعيش في وحدة قاسية وأتمنّى في كلّ لحظة لو لم أقبل أن يحدّد الآخرون مصيري.

 

حاورته بولا جهشان

المزيد
back to top button