لم أدرك تماماً جذور مرضي ألا عندما إستلقيتُ على أريكة الطبيب النفسي وبدأتُ جلسات العلاج. حتى ذلك الحين، كنتُ أعتبر نفسي إمرأة معدومة الأخلاق ومنحلّة جنسيّاً. وبعد سنين طويلة من العذاب، تجرّأتُ أخيراً على إستشارة أخصّائي. وهذه قصّتي كما رويتُها له:
بدأ كلّ شيء عندما كنتُ في الخامسة عشر من عمري، وجدتُ نفسي مهتمّة جداً بكل ما يتعلّق بالجنس حتى الغير إيباحي منه. فمجرّد الإيحاء بالتواصل الجسدي، كان يثيرني إلى حدّ كبير مثل صورة في مجلّة أو مشهد على التلفاز أو حتى حديث أسمعُه وكنتُ أجد نفسي في حالة إثارة قصوى تحملني على ممارسة العادة السريّة في المساء في سريري بعيداً عن الأنظار.
قد يقول البعض أنّه تصرّف طبيعي عند المراهقين ولكن في حالتي، كانت بداية مشوار طويل تصاعد مع مرور الزمن. فباتَ همّي الوحيد، البحث عن كلّ ما يمكنه إرضاء نزواتي والحل الوحيد كان طبعاً الإنتقال من الخيال إلى التنفيذ وبدأَت مرحلة الإغراء. أوّل تجربة لي كانت مع زميل لي في المدرسة، بعد أن سرقتُه من صديقتي لأنّه كان وسيماً ويشبه أحد أبطال مسلسل تلفزيوني شهير. لم يهمّني أنّه كان مأخوذاً أو أنّني قد أسبّب حزناً لإنسانة قريبة منّي، بل زادَ ذلك من إصراري على الحصول عليه. أمّا هو فلَم يرفضني، لأنّني على عكس صديقتي كنتُ مستعدّة لفعل أيّ شيء معه. مارسنا الحب على المقعد الخلفي مِن سيّارته ومِن بعدها في أيّ مكان نجده مناسباً، حتى أن مللتُ منه وقرّرتُ تركه. إستاءَ منّي كثيراً وركضَ يخبر الكل بما حصلَ بيننا وأصبحتُ محطّ كلام المدرسة بأكملها وبالطبع خسرتُ صديقتي التي قرّرَت عدم التعاطي معي مجدّداً.
لم أتأثّر كثيراً بما حصلَ ورحتُ أفتّش عن حبيب آخر ولكن أصبح الأمر صعباً بعد أن صارَ الكل يتجنّبني. فقرّرتُ البحث في أماكن أخرى وبرأسي شيئاً واحداً: الحصول على المتعة. وأدرتُ إهتمامي على الرجال الأكبر منّي سنّاً والمتزوّجين منهم، بسبب خبرتهم ولأنّني كنتُ متأكّدة أنّهم لن يخبروا أحد بالأمر وهكذا أكون رابحة من جميع النواحي. وأوّل عشيق من هذه الفئة، كان صديق أبي الذي كان يتردّد دائماً إلى بيتنا والذي كان يعرفني منذ ما كنتُ طفلة. لم يتوقّع المسكين أبداً أنّ تلك الفتاة الصغيرة أصبحَت راشدة وتتمتّع بحياة جنسيّة نشيطة وأنّها قررَت إغراءه. فتلبّكَ وإستنكرَ وحاولَ المقاومة ولكنّه وقع في شباكي أخيراً. وأصبحنا عشيقان نذهب إلى بيته الصيفيّ قرب الشاطئ وهناك تعلّمتُ معه أشياء جديدة وهو شعَرَ أنّه ما زالَ شاباً وجذّاباً ومرغوباً به. ولكن مرّة أخرى، ضربَني الملل بعد أن أصبحَت علاقتنا روتينيّة وأبلغتُه عبر رسالة هاتفيّة أنّني لم أعد أريده. وإنقطعَت زياراته إلى بيتنا. ومِن بعدها تتالَت المغامرات مع تقريباً أيّ رجل ألتقي به، لأنّني قرّرتُ ألا أرتبط بشخص واحد ولماذا أفعل؟
كان بإستطاعتي الحصول على أيّ منهم، فمَن سيقول لا لِشابة جذّابة وجميلة كانت مستعدّة لِفعل ما يحلَمون به سرّاً. وهكذا مارستُ الجنس مع الصيدليّ والطبيب وعامل الصيانة وفي أماكن لا تخطر على بال أحد. ولم أدرك فظاعة أفعالي، حتى أن وقعتُ في الحب. فلَم أكن أعلم أنّ هكذا شعور موجود، لأنّني كنتُ منهمكة بإشباع جسدي بدلاً من أحاسيسي، فعندما إلتقيتُ بِمازن علِمتُ أنّ للحياة معنى آخراً وأنّ ما كنتُ أفعلُه كان جديراً بالحيوانات. فركّزتُ معه على الناحية العاطفيّة ولم أدعه يلمسني لشدّة سعادتي بِما كنتُ قد إكتشفتُه معه. وهكذا أصبحتُ زوجته وقرّرتُ طيّ صفحات حياتي السابقة الغير مشرّفة.
أخذنا شقّة جميلة زيّنتُها بذوق وحضّرنا غرفة للأطفال، لأنّ مازن كان يحلم بإنشاء عائلة صغيرة يرعاها ويحبّها. وبدأَت حياتي كزوجة شريفة أزور مع مازن أقاربنا وأستقبلُ الأصدقاء على العشاء الذي كنتُ أحضّره بحبّ. حياتي الجنسيّة مع مازن كانت عاديّة بعيدة كل البعد عن ممارساتي مع من سبقَه ووجدتُ الأمر مقبولاً لأنّه كان ممزوجاً بالعواطف والحنان وإعتدتُ على ليالي هادئة وهنيئة. وولِدَ إبننا البكر ثمّ إبنتنا الجميلة. وبعد تلك الولادتين، شعرتُ بتغيّر في نفسي وهذا ما كنتُ أخشاه. فبدأَت تعود شهواتي شيئاً فشيئاً وعملتُ جهدي على إسكاتها. كنتُ أحلم ليلاً بأنّني ألتقي برجال وأمارس الجنس معهم وأصدر أنيناً خلال نومي يستفيق عليها زوجي. كنتُ أدّعي أنّ السبب هو ألم تارة في معدتي وتارة في اسناني وكان المسكين يصدّقني، فكيف له أن يعرف حقيقة ما يجري؟ قاومتُ نفسي كثيراً بالتركيز على تربية ولديّ والإهتمام بالمنزل وعندما يعود مازن من العمل كنتُ أنقضُّ عليه لأشبع غليلي. سعِدَ كثيراً بهكذا شغف ولم يسأل نفسه لماذا هذا الجوع الجنسيّ المفاجئ وإعتقدتُ أنّ هذا سيكفيني. ولكنّني كنتُ مخطئة. فبَعدَ ولادتين متتاليتين تغيّرَ جسمي وشكّلَ هذا أزمة لديّ فإقترحَ زوجي أن أنتسبَ إلى النادي الرياضيّ لإستعاد قوامي.
حاولتُ عدَم الذهب لأنّني كنتُ أعلم أنني سأجد هناك شبّان أقوياء وقد يحصل ما أخشاه. ولكنّني لم أجد عذراً مقنعاً وتسجّلتُ في النادي. وعندما رأيتُ المدرّب علِمتُ فوراً أنّه سيصبح عشيقي. وهذا ما حصل. وعُدتُ إلى عادتي القديمة ونسيتُ أنّني متزوّجة وأمّ لولدَين، فشهوتي كانت أقوى من قِيَمي وأعترفُ أنّ خلال لقاءاتي مع المدرّب كنتُ أنسى مازن وكلّ ما يتعلّق به. وعندما أعودُ إلى المنزل كنتُ أشعر بذنب كبير حيال زوجي وأحاول بشتّى الطرق التعويض له عمّا فعلتُه إلى حين أعاود الذهاب إلى النادي ويبدأ كل شيء من جديد. ولَم يكن ليوقفني شيء عن ممارساتي لولا أنّني لم أعد أريد عشيقي، لأنّني وجدتُ في النادي رجلاً آخراً أغواني أكثر منه، فأطلعتُه على قراري بتركه. ولكنّه لم يكن مثل سابقيه فلم يتقبّل الأمر لأنّه لم يكن متزوّجاً وليس له ما يخاف عليه أو منه. فقرّرَ الإنتفام منّي لأنّه شعَرَ أنّني أتلاعب به وقرّرَ إخبار زوجي عن علاقتنا. حصَلَ على رقم هاتف مازن من الإستمارة التي ملأتُها عند إنتسابي تحت فئة "في حال الحصول حادث الإتصال بِ" وإتّصلَ به وقالَ له بكل بساطة أنّه كان عشيقي وتركتُه لأنّني وجدتُ غيره. في البدء ظنّ مازن أنّها دعابة، لأنّه لم يكن ليتصوّر أبداً أنّ المرأة التي يحبّها قد تفعل شيئاً فظيعا كهذا. ولكنّ المدرّب أصرَّ على أقواله وعرَضَ عليه الذهاب إلى النادي للتأكّد بِنفسه. ولكنّ زوجي لم يفعل هذا لشدّة ثقته بي وأنهى حديثه مع عشيقي السابق قائلاً:
- لا تعاود الإتصال بي! لا أدري ما هي دوافعكَ الحقيقيّة ولكن عليكَ أن تخجل من محاولتكَ لِتشويه سمعة إمرأة شريفة.
ولكنّ مازن قرّرَ مراقبتي وهكذا إكتشفَ أنّني لا أذهب إلى النادي، بل إلى شقّة صغيرة لألتقي بها عشيقي الجديد. وشعَرَ المسكين أن عالمه إنهار من حوله وأنّ المرأة التي أنجبَ منها عائلة جميلة ليست سوى خائنة حقيرة. وبَعد سكوت دام حوالي أسبوعين، قرّرَ أخيراً مواجهتي بما يعلمه. تلبّكتُ كثيراً وحاولتُ الكذب والتبرير ولكنّه كان قد رآني بعينيه، فإعترفتُ له أخيراً بكل شيء. أخبرته عن نزواتي وشهواتي ومغامراتي ومحاولاتي لِخوض حياة طبيعيّة معه. إستمعَ لي وأنا أروي له كل هذا ثم قال:
- أيّ رجل آخر لو كان مكاني لأخذَ تدابير صارمة أو عنيفة بحقّكِ... ولكنّني رجلاً مثقّفاً وأعلم أنّ حالتكِ مرضيّة وأنّ رغبتكِ بالجنس ليست طبيعيّة، فهي ليست مقرونة بأشخاص معيّنين بل بالرجال عامة. ستذهبين للمعالجة ولا مجال للرفض. هذه فرصتكِ الوحيدة وإلا سأضطر على طلب الطلاق وأخذ ولدينا منكِ. هل كلامي واضح؟
- أجل...
- هل تحبّينني ولو بعض الشيء؟
- أحبّكَ كثيراً وسأفعل كل شيء للحفاظ عليكَ وعلى ولدينا.
وهكذا بدأتُ أذهب مرّتين في الأسبوع إلى الطبيب النفسيّ، الذي أخبرَني أنّ سبب أفعالي هو نقص حاد في العاطفة التي حُرمتُ منها وأنا صغيرة. وكان على حقّ، فوالديّ كانا قاسيان لا يعرفان الحب والحنان. أخبرَني أيضاً أنّني في الواقع لا أبحث عن الجنس بحدّ ذاته، بل عن إهتمام هؤلاء الرجال بي والوسيلة الوحيدة لِنيل ذلك الإهتمام كان عبر الجنس. وعندما أشعر بتدنّي إهتمامهم بي، كنتُ أنتقل إلى عشيق آخر. وبِفضل هذا العلاج بدأتُ أفهم نفسي والدوافع وراء أفعالي وبدأَت تخفّ حاجتي إلى الجنس وأصبحتُ أرى العلاقات من زاوية أخرى. أنا الآن أتابعُ علاجي، على أمل أن أشفيَ كليّاً وأستعيد حبّ زوجي لي وأكسب ثقته بي مجدّداً.
حاورتها بولا جهشان