كيف يعمل ضوء النهار على تحسين المزاج؟

إنّ ضوء النهار يعمل على بمساعدة الهرمونات طبعاً. فما إن يصبح الطقس جميلاً حتّى نحيا من جديد ونمتلئ بالحيويّة والطاقة والرغبة، لدرجة أن يصف الطبّ علاجات بالنور!

منذ فجر التاريخ البشري، يستيقظ الإنسان مع شروق الشمس وينام مع غروبها. وتتأقلم ساعتنا البيولوجيّة مع المؤشّرات اليوميّة للنور والظلمة، وهي تستعين بتلك المعايير لتنظيم دورات النوم والطاقة في الجسم. وتشكّل تلك الدورات ما يُعرف بإيقاع الساعة البيولوجيّة، كما أنّها تتحكّم بمزاج المرء وبنشاطاته. في النهار، وكذلك الأمر في الصيف، يحيينا نور الشمس. أمّا في الليل والشتاء فنصبح أكثر انغلاقاً ونفقد حماستنا.

 

صباحٌ أزرق

اكتشفنا على أجسامنا في أوائل الثمانينيّات حين استنتج باحثون من National Institutes of Health (NIH) في الولايات المتّحدة الأميركية أنّ نقص النور يؤدّي إلى مشاكل في النفسيّة في الشتاء وأنّ ارتفاع نسبة النور في المقابل يحسّن كثيراً من معنويّات الأشخاص الخاضعين للدراسة. وقد دفعت هذه الاكتشافات بالعلماء إلى التساؤل عمّا إن كانت كلّ أنواع الأنوار تتحلّى بالفعاليّة ذاتها. ولم يتأخّروا في الحصول على الإجابة والاستنتاج أنّ الضوء الأزرق، بالتحديد أزرق السماء عند الصباح، هو الذي يتفاعل بأفضل شكل ويحجب المسمّى الميلاتونين. إنّه اختراق علميّ يشبه حقيقة مضحكة فبعد عقود طويلة وملايين كثيرة خُصّصت للبحث، اكتشفنا ما كان يعرفه الأقدمون وهو أنّ مسألة المزاج والحيويّة مرتبطة بالدورات الطبيعيّة لنور الشمس!

 

لعبة هرمونات

في الجسم توازنٌ بين كالسيروتونين وهرمونات النوم كالميلاتونين ولكن أيضاً الأدينوزين والأوركسين. حين تلحظ العين، لا بل البشرة، انخفاضاً في قوّة الضوء تبعث برسالة إلى الساعة البيولوجيّة لوقف إفراز هرمونات النشاط وتبدأ هرمونات النوم بالتفاعل. والعكس صحيح! كلّما ازدادت قوّة النور ازدادت معها حيويّة الجسم. بالتالي في مناطق خط الاستواء يكون التناغم المرتبط بالنور مهمّاً جداً. على عكس المناطق القريبة من القطبين حيث يقتصر النهار على ساعتين أو ثلاث يومياً فقط في الشتاء، فهناك نلحظ اضطرابات أوضح في النفسية وتقلّبات أكبر في المزاج. من هنا ارتفاع نسبة حوادث الانتحار في البلدان الشماليّة.

لنستفد إذاً من الشمس ومن حسناتها المجّانيّة فهي تفيض في بلادنا وتبقى واحدة من هبات الطبيعة القليلة التي لم نلوّثها بعد.

 

مشاكل النور الاصطناعي

لا يضاهي النور المنبعث من المصباح، من أيّ نوع كان، نور الشمس الطبيعي، لا من حيث القوّة ولا من حيث طول الموجات ولا حتّى من حيث الفعاليّة على حيوية الجسم ونشاطه. وقد صرّحت الدكتورة نانسي سيندرمان الخبيرة الطبّية لقناة NBC التلفزيونية في Today Show بأنّ توماس إديسون حين اخترع المصباح اكتشف معه مشكلة .

 

علاج النور المضادّ للاكتئاب

في الغرب، تزداد نسبة اللجوء إلى هذا النوع من العلاجات أكثر وأكثر في حالات أو في بعض المشاكل المتعلّقة بالنوم، وذلك فقط استناداً إلى وصفة طبّية. فهذا العلاج يبدأ في مركز طبّي ثمّ يُستكمل في المنزل مع استئجار أو شراء ألواح ضوئية إضاءتها بيضاء قريبة من النور الطبيعي وخالية من الأشعّة فوق البنفسجيّة وفيها الحدّ الأدنى من الأشعّة تحت الحمراء. وترواح قوّة الضوء فيها بين 5 آلاف و10 آلاف لوكس. كما تُستعمل أثناء تناول الفطور أو العشاء أو حتى أثناء قراءة الصحيفة أمام المصباح لمدّة تراوح بين نصف ساعة وساعة يوميّاً.

 

د. أنطوان ضاهر

المزيد
back to top button