كل ما يجب معرفته عن رياضة "اليايدو"

موروث من "الساموراي" وقتالهم، يهدف "اليايدو" إلى السيطرة على الذات... فنٌّ قتاليّ أصبح أسلوب حياة.

في القِدَم، عندما كان المحارب الياباني ملكاً للسلطان، كان هذا جسم هذا المحارب كالكنز، يُصان ويُحمى. لكن زمن السلاطنة ولّى، أمّا الذهن، فبقي هو هو. تحوّل صراع البقاء إلى أسلوب حياة. "اليايدو"، أو بتعبيرٍ آخر "طريق اتّحاد الكيان الإنساني"، واحدٌ من هذه الفنون التي كانت حربيّة...

 

تعود أصول "اليايدو" إلى العصر الحجري الياباني، في حقبة الحروب (بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر). كان الأمن هشّاً، واعتاد المحارب ("الساموراي" أو "البوشي") على حمل "الكاتانا" على خصره بشكلٍ يكون فيه حدّ السيف موجّهاً نحو الأعلى. لاحظ المحاربون أنه خلال الهجمات غير المتوقعة، سرعة تفادي الضربة والقيام بهجوم مضادّ تسمح باكتساب منفعة أساسيّة للتقدّم على المنافس. ومن هذه النظريّة، وُلد "اليايدو".

طُوّر الشكل الحالي للـ"كاتانا" خلال حقبة موروماشيي (1573ـ1392). كي يسهل استعمال السيف، أصبح أقلّ طولاً، وراح المحاربون يركّزون على الفعاليّة. كان العصر الذهبي لإنشاء مدارس السيف، وعلى رأسها، الـ"كينغو"، أسيادٌ اشتهروا في ساحات القتال وفي المواجهات الفرديّة ضدّ متخصّصين آخرين خلال رحلات مُسارّية...

 

يشمل ما يُسمّى بالـ"ياي" مجموعة تقنيات المُسايفة بالسيف الياباني الطويل (كاتانا) - راجع المربّع - التي تقوم على امتشاق السيف للقتال والضرب بحركةٍ واحدة، فيما يكون الهجوم الأوّل عادةً على مستوى صُدغ أو عيني المنافس. سلسلة حركات تُجزّأ بهجمات، وعروض، وهجمات مضادّة.

خلال التمرين، يمكننا إمّا استعمال "الكاتانا" الحقيقي، إمّا استعمال "الإيياتو" (أي السيف غير الحادّ)، وهذه هي حال غالبيّة التلاميذ.

 

لا صدمة ولا هبوط، بل سيطرة

"الكاتا" (أي الهجمات المقنّنة) هي اللقاء بين واحد أو عدّة متنافسين تجبرهُم على استباق الهجوم، وتجنّبه أو القيوم بهجوم مضادّ.

عادةً، يجري التمرين في صالة بأرضيّة خشبيّة (دوجو) تساعد في التحرّك بخطوات منزلقة أو على الركبتين. ما من ضربات، ولا صدمات، ولا هبوط.

في الواقع، هدف اللعبة ليس التغلّب على منافسٍ وهميّ، بل السيطرة على الذات. يؤدي التزامٌ صريح إلى وحدة الفكر والجسد، ويعزّز النموّ الشخصي، فيصبح السيف امتداداً للجسم. الحركة "الصحيحة" هي الأساس. نتفادى ونتحرّك بسرعة. تحكّمٌ من شأنه أن يأخذ الجسم إلى أبعد حدود ممكنة، مع الحفاظ على سلامته. فالصراع في الذهن أوّلاً: نتفادى لنخترق...

في "اليايدو"، الجسم ليس هدفاً بل وسيلة تنقل الطاقة، ولذلك يجب حمايته. إنّها طريقة تصرّف، و"أسلوب حياة" نوعاً ما. من هنا أهميّة الوقفة والقامة في "اليايدو". وقفة كالسيف تعكس في شكلها الخارجي تحفّظاً عميقاً، وتيقّظاً حاضر دوماً للاستباق.

 

نظام حياة، وجسد

بعيداً عن كونه رياضة بدنيّة أو سبيل تسلية، "اليايدو" نظام حياة وجسد يتطلّب احترام مقتضيات خاصة بالفنون القتاليّة.

كيف نشعر بعد ممارسة "اليايدو"؟ "إحداهنّ تقول:"قريبة من الأرض والسماء في الوقت عينه"، وتضيف أخرى:"تشعر بأنّك تواجه نفسك، وبأنك خفيف وحاملٌ في الوقت عينه لطاقة تشعر بها في بطنك."

إذا رغبتم بالتحكّم بجسمكم، وإيجاد تناغمٍ بينه وبين ذهنكم، لعلّ "اليايدو" هو الحلّ. ما سبيل الدخول في هذا المسار؟ لا تقلقوا! "عندما يكون التلميذ جاهزاً، يصل المعلّم." مدارس "اليايدو" وصلت*...

 

 

"ياي": كيف نتجهّز

في البداية، نستعمل سبفاً خشبيّاً (Boken) مع هادَن إذا أمكن. لاحقاً، يمكن استعمال سيف تدريب (Iaito).

سترة سوداء (Keikogi)، وسروال أسود واسع ومتموّج، مع حزام (Obi) بطول 4 أمتار وعرض 9 سنتمترات كي يثبّت السيف.

إختياريّ: صندل (Zoori) لخارج الصالة ذات الأرضيّة الخشبيّة، وواقيتان للركب من جلد "الشاموا".

من المستحسن أن تتدوا لباس "اليايدو" خلال سنة التمرين الأولى، ولكن في البدايات، يمكنكم اعتماد أيّ لباس بسيط وليّن.

 

هدوء... كي نفكّر!

ممارسة "الياي" الذهنيّة تهدف إلى التوصّل إلى حالة الوعي التي تسمّى Mushin (الفراغ). يصل الممارس إلى هذه الحالة من خلال التمرّن من دون كلل على "الكاتا" وهو جالس أو واقف. وهو وحده، عليه أن يتخيّل ظروف الهجوم بطريقة تصبح فيها استعراضاته وهجومه واقعاً، وبدقائق تركز قليلة، يتخلّص من أيّ شعورٍ خارجيّ (بالممارس الآخر، أو الضجيج، أو الحر والبرد...). على ممارسة "اليايدو" أن تبدأ دوماً بـ"طقسٍ" يهدف إلى وضع الذهن في حالة سكون تام وقابليّة تأثّر بالشعور بالذات (Ushin)، كي ينتظر الممارس أخيراً في فراغٍ ذهنيّ تام (Mushin) حركة منافسه العدائيّة. عندما يغيب الإدراك وتهدأ كلّ الأفكار، يظهر "جوهر" الفنون القتاليّة: حالة الفراغ Mushin.

 

ذهن ممارس "اليايدو" يتأثّر بثقافة الـzen التي كانت في عصر "الساموراي" ممارسة ضروريّة لفنّ القتال بالسيف. كانت تسمح للجنود بالتغلّف على الخوف من الموت وتطوير حسّ إدراك الهجوم. ونجد هذه الطريقة في التفكير والتصرّف في تعاليم مياموتو موساشي، مؤسّس مدرسة نيتوريو (مدرسة السيفين). وإحدى الحالات الذهنيّة الأكثر ملاءمة للفوز هي الـFudoshin التي كانت تقوم على الحفاظ على هدوء الذهن وسكونه أمام أصعب الحالات.

 

بناءً على الموقع الإلكتروني www.cnkendo-da.com

المزيد
back to top button