"كُل كالملك في الصباح، وكالأمير عند الظهر، وكالفلاّح في المساء". مثلٌ شعبي تحول إلى حقيقة علمية وشعار لنظرية غذائية تُعرف باسم "الغذاء الموقوت" أو Chrono-nutrition، أطلقها في العام 1986 الطبيب آلان ديلابو Alain Delabos واختبرها الفريق الطبّي للمعهد الأوروبي للأبحاث حول التغذية IREN. لذلك فهي لا تعتبر حديثة العهد وإن كانت الأبحاث العلمية الجديدة قد ساهمت في تحديثها. وهي ليست سوى مجرّد عودة إلى جذور ساعة جسدنا البيولوجية المخبّأة تحت طيّات خلايانا...
فما هي حمية كرونو Chrono-nutrition Diet؟
المدة: إنها إعادة تأهيل للنظام الغذائي يمكن اتباعها لمدى الحياة
تاريخ الحمية: وضعها خبير التغذية الدكتور "آلان ديلابوس"
كيفية التطبيق: ينبغي تناول المأكولات الصحية في الوقت المناسب
الفوائد: تتيح هذه الحمية خسارة الوزن مع محاربة المشاكل الهضمية في الوقت عينه
السيئات: لا يمكن تناول الحليب والأجبان البيضاء والألبان والحساء
عودة صحيحة إلى الجذور
من الجدير ذكره أن الجسم يخضع لعدّة إيقاعات بيولوجية تنظّم جميع وظائفه كالحرارة، والدورة الشهرية، والتواتر الإحيائي اليومي، الأكثر "سيطرة". هذا التواتر يعمل بشكل دوري يتجدّد كل 24 ساعة ويقوم بمراقبة دورة الصحو/النوم، وعمليتا الهضم والأيض (التحوّل الغذائي). ويؤدي بنا إهماله إلى ارتباك كبير: فنصل إلى عملنا في الساعة 10 بدلاً من 8، ونسدّد ضرائبنا بعد الوقت المحدّد لها ونتناول الغذاء الصحيح مثلاً، وإنما في الوقت الخطأ... فدوره أساسي في عملية تنظيم حياتنا!
هذه الساعة التي تحكمنا
تقوم الأنزيمات بهضم الغذاء الذي نتناوله داخل معدتنا وأمعائنا. بعد ذلك تنضمّ الأغذية المهضومة إلى الدورة الدموية ليتمّ تحويلها من قبل الهورمونات المختصّة. ويسمح هذا الأيض لجسدنا باستخدام الأغذية كمصادر طاقة لخلايانا. أما إذا لم يحدث هذا الأيض، فإن الغذاء المهضوم يتكدّس بشكل دهون في الجسم وتضع الساعة البيولوجية جداول مواعيد جميع الإفرازات، من أنزيمات وهرمونات، التي ستقوم كلٌ بدورها بتحويل الأغذية لتجنبنا تكدّسها. ويعني ذلك أنه في وقت محدّد من النهار يحتاج الجسم إلى غذاءٍ معيّن. وهي قاعدة تمليها عملية إفراز الأنزيم الملائم في جهازنا الهضمي، لا أكثر ولا أقل.
وتظهر نتائج عدم احترام هذا الإيقاع الغذائي في أعراض كنوبات النعاس والوهن ـ وحتى الشعور بانزعاج ـ وتقطّع النوم. كلها أعراض تعب يمكن تفاديها ببساطة من خلال اختيارنا للأطعمة وفقاً لجدول هضمها.
العشاء غير ضروري
يجب تقسيم النهار الغذائي المثالي على 4 وجبات ثابتة، يحدّدها إيقاعنا البيولوجي (راجع مربّع الوجبات المثالية).
- الفطور: موعد غذائي أساسي يحدّد التوازن الغذائي طيلة النهار. إنه يؤمن الوقود اللازم للإيقاع. للدهون والبروتيناتوالسكر البطيء (نشويات كالخبز مثلاً) مكان كبير في لائحة الفطور.
- الغداء: وجبة أساسية لإعادة شحن بطارية الجسم. من المهم أن يضمّ مقداراً من البروتينات.
- العصرونية: وقفة مخصّة لإزالة التعب من الجسم وإراحة الدماغ وقطع الشهية بشكل طبيعي. الفاكهة الطازجة، والدهون النباتية كتلك المتوافرة في الجوز ضرورية لعمل خلايا الأعصاب السليم.
- العشاء: اختياري ويجب أن يبقى خفيفاً في مطلق الأحوال، بكميات ضئيلة من الدهون وكبيرة من الألياف. في الليل، ينشغل الجسم ببناء خلاياه، لذلك يتمّ تكديس أي عنصر غذائي من دون تحويله. من الخطأ العتقاد ـ الشائع بشكل كبير ـ بأنه يجب إنهاء النهار بوجبة طعام!
يجب إذاً حفظ هذه القاعدة الذهبية عن ظهر قلب: "دسم في الصباح، متماسك عند الظهر وحلو بعد الظهر"، والغلبة أكيدة على باقي قواعد الريجيم وعلى الوزن الزائد أيضاً الذي يرى فيه الخبراء عقاباً طبيعياً يردّ به جسدنا معبّراً عن عدم رضاه على الإيقاع الذي نفرضه نحن عليه.
النوعية والكمية
عدا عن تناول الطعام في ساعاتٍ محدّدة وتفادي "اللقمشة" بين الوجبات الرئيسية، يشدّد "الغذاء الموقوت" على أهمية كمية الطعام التي نتناولها. فأي سعرات حرارية إضافية، مهما كان مصدرها، سيتمّ تكديسها كدهون تتحول إلى كيلوغرامات إضافية نشتكي من تكوّنها.
إذاً فمفتاح نجاح أي نظام غذائي صحي وشكل مثالي يكون عبر الدمج بين الكميات المعقولة من الأطعمة وتناولها بما يتوافق وساعتنا البيولوجية، يرافقها نشاط جسدي مستمرّ... أمرٌ سهلٌ (قوله)، أليس كذلك؟
إليكِ في ما يلي بعض الوجبات المثالية في حمية الكرونو
الفطور:
100غ من أي نوع جبن = بروتين + كولستيرول.
70غ من الخبز = سكريات بطيئة.
ملعقة صغيرة من زيت الزيتون = دهون.
شاي، قهوة أو أي شراب ساخن من الأعشاب من دون حليب ولا سكر.
الغداء:
250غ سمك لحم أبيض أو أحمر، مع أو من دون صلصة = بروتينات.
كاسة صغيرة من النشويات (معكرونة، أرز، بطاطا...) أو 50غ خبز = سكريات بطيئة.
العصرونية:
من الأفضل تأخير تناولها حتى العصر.
30غ شوكولا أسود، أو نصف كاسة جوز وبندق، أو نصف حبة أفوكادو = دهون نباتية.
نصف كوب فاكهة طازجة أو مجففة، أو كوب عصير فاكهة طبيعي = سكريات نصف سريعة.
العشاء:
إن كنّا جائعين أم لا: لا شيء، أو شراب ساخن من دون سكر.
إن كنّا جائعين:
ـ 130غ من السمك القليل الدهون أو اللحم الأبيض = بروتينات خفيفة من دون دهون.
ـ كاسة صغيرة من الخضار المسلوقة أو النيئة = ألياف.