الفروسية: رياضية لم تعد حكراً على الرجال

لسنا في مجال الكتابة عن آخر موضة ثياب للخيل. بل عن ، هذه الرياضة التي بدأت تتأنّث. كيف نفسر ظاهرة هذه النساء الفارسات التي سرقن الحصان من درب الرجال؟

 

تخوض الفروسية مرحلة تحوّل مهم. بعيداً عن التقنية القتالية التي كانت في السابق عنواناً لها، تصبح الفروسية اليوم رياضة بامتياز وطريقة فذّة للانعتاق من كبت المدينة. لقد كانت ولفترة طويلة بين أيدي العسكريين لتصبح هذه الأيام من اختصاص الرياضيين. وكان روّادها من الرجال البالغين، أصبحت اليوم رياضة لكل الأعمار، ومن الجنسين. تظهر الإحصائيات في فرنسا أن 62 في المئة من المداومين عليها هم من النساء و 58 في المئة ما دون الـ 18 سنة. وها هن الكويتيات يتبارزن مع رفيقاتهن من باقي البلدان في الفروسية خلال الألعاب الأولمبية، ويدخلن الفريق الرسمي الذي سيمثل الكويت في ألعاب آسيا التي ستدور في قطر. وها هي الأميرة هيا بطلة الفروسية العربية تترأس الاتحاد العالمي للفروسية.

رافق هذا التجديد بعض المتغيرات. قديماً كانت النساء تصعد الحصان على طريقة الأمازونيات، بالتنورة الطويلة، الساقان من الجهة اليسرى للحصان. في ما بعد، لبست النساء البنطلون وصعدن مثل الرجال. أما اليوم، فهناك عودة إلى التنورة الطويلة، في ما تبقى الأمازونيات الحقيقيات حقيقة نادرة.

 

بالهمس واللمس

بشكل عام، تتعامل النساء مع الحصان على طريقتهن. بينما يمضي الرجال وقتهم مع الحصان وهم على ظهره، تأخذ الفارسات الوقت معه وتتمتعن بالاهتمام به والتعامل معه بنوع من الأمومة. وهذا ما نلاحظه في مراكز الفروسية حيث تقبل الفتيات بالاهتمام بالحصان مكان الرجال.

يقول الكثيرون من مدربي الفروسية أن الفارسات تنجح حيث لا ينجح الفرسان لأنهن لا يدخلن مع الحصان في مبارزة خاسرة أصلاً: لا تبغي النساء ترويض الحصان بالقوة والسيطرة على ممانعته رغم إرادته. إنهن، وبطريقة عفوية يستعملن، وبحق، النعومة والاقناع. عندما يرفض الحصان التقدم بسبب حاجز ما (سيارة، جزع شجرة في عرض الطريق، كيس بلاستيكي، إلخ...) يحاول الرجل، بشكل عام، إرغام الخيل، مستعملاً القوة عن طريق الضرب بالسوط والنخز بالقدم. بينما تحلّ المرأة العقدة بالتكلم واللمس وطمأنة الخيل ومحاولة مواجهة الحاجز بطريقة أخرى. وهذا ما يجعل الكثير من المدربين يقولون بأن للنساء فرص نجاح أكبر من الرجال في بعض أنواع الفروسية، مثل قفز الحواجز، حيث يجب ترك مساحة من المبادرة للخيل.

 

بالانفتاح والمثابرة

إن أفضل طريقة لـ هي الاتصال بمركز للفروسية والاشتراك فيه. من المستحب أن يكون المدرب (أو المدربة) ذي عقل منفتح على الفروسية الحديثة التي تخرج من دوامة الدوران على ظهر الحصان في الحظيرة الضيقة، إلى الطبيعة الرحبة ومشاوير التجوال فيها.

ثابري في الدروس وكوني دائماً على احتكاك بالحصان، هذا الحيوان النبيل. لقد قال ميشال بارون في الحصان العربي: "حصان الآلهة، حصان البشر، إن العربي الأصيل يحيّرنا ويجعلنا نتوقف، نتساءل، ولا مجال لأن نبقى أمامه غير آبهين. إنه الوريث لجمالات كل هذا العالم..."

إن للعرب قصة طويلة، تاريخية، أدبية وتراثية مع الخيل الذي رفعه أبناء لغة الضاد إلى مستوى الرمز. كانت الفروسية في الصحراء مرادفاً للشجاعة والشرف والإباء والهيام في الطبيعة، وهي لم تزل كذلك، إن في الصحراء، في السهول الخصبة، أو في ذاكرة كل من عادت به ثقافته إلى الخيل والليل والبيداء...

وللنساء أيضاً قصتهن مع الخيل، إذ أنه من بعد قرون من خضوعها لسيطرة المفهوم الحربي، ها هي الفروسية اليوم تعود إلى بديهيتها الطبيعية ودورها الأول وهو تلاقي الإنسان بالحيوان وبالطبيعة. وهذا بفضل النساء. فالفروسية كما نعرف لكن كما ننسى دائماً، إسم مؤنث.

 

الحصان ليس سيارة

ليس مطلوباً أن "تقودي" الحصان وأن تشدّي على الحبال كمن يضغط على زر. إن للحصان دماغ يفكر ويحلل ويأخذ المبادرات ويستشعر ويفرح ويحزن.

لركوب الخيل يجب أن تستعملي الساقين ولكن أيضاً رأسك. وأن تحاولي أيضاً أن تستعملي لغة يفهمها الحصان ويتجاوب معها. الإنسان والحصان هما كائنان غريبان عن بعضهما وغالباً ما كانا لا يتلاقيان ولا يتحابان. بدل الطلب من الخيل بأن تتجاوب عن طريق وسائل الوخز والضرب التي تلاقي مقاومة تلقائية، أو بواسطة أوامر شفهية قاسية لا يفهم الحيوان منها أي شيء، عليك أن تتفاهمي مع الحيوان بلغته، أي بالحركات، وهذا أقل الإيمان... مصادقته ليست بالشيء السهل، وغالباً ما يفشل الرجل بذلك بالرغم من نيّته الصادقة. للتوصل إلى هذا الهدف علينا أن نصبح... حصاناً. لا ضرورة لأن نأكل عشباً طيلة النهار ولا أن نستريح على أرجل أربعة لنصطاد الذباب. بل، وبكل بساطة، أن نلعب مع الحصان، وبالطبع أن نعمل لنصبح محبّبين إليه.

 

تجهيزات ركوب الخيل

يلزمك بالطبع جزمة خاصة، تي شورت، كنزة، بنطلون خاص للخيل تكون درزاته خفيفة كي لا تزعج الساقين والفخذين. باستطاعتك أن تركبي الحصان بالتنورة الطويلة، تكوني هكذا جميلة، مرتاحة... وعلى الموضة.

للرأس بالطبع يلزمك القبعة الخاصة، وهي تحميك في حال السقوط.

المزيد
back to top button