يُعتبَر إخبار أولادكِ بأنّكِ مصابةً بالسرطان من أصعب الأمور التي قد تواجهينها كأم. حيث يتطلّب الأمر الكثير من الشجاعة والصدق، ولكن الأهمّ هو أن تُقدِمي على هذه الخطوة بطريقةٍ تدعمهم نفسيًا ولا تُشعرهم بالضياع أو الخوف. لذا، إنّ معرفة طريقة التحدّث معهم عن هذا الأمر تساعدكِ على تخفيف وقع الخبر، وتجعلهم أكثر استعدادًا لدعمكِ خلال رحلة العلاج. في هذا المقال، سنقدّم لكِ أهمّ الخطوات العملية لإخبار أولادكِ بخبر إصابتكِ بهذا المرض بطريقةٍ تُبقي الأمل في نفوسهم، وتُعزّز من قوّة الأسرة.
1- اختيار الوقت المناسب
عندما تقررين إخبار أولادكِ، اختاري الوقت والمكان المناسبين بعناية; فمن الأفضل أن يكون الوقت حين يشعر الجميع بالراحة، ويفضَّل أن تكوني في المنزل حيث يتوفّر لهم الأمان والخصوصيّة للتعبير عن مشاعرهم. بالمقابل، تجنّبي الإفصاح عن الأمر عندما يكون هناك توتّر أو مشاكل أخرى قد تزيد من حدّة الموقف. واحرصي على أن تكوني مستعدّةً نفسيًا قبل الحديث، حتّى تتمكني من التواصل بوضوحٍ وثقة، رغم صعوبة الموقف.
2- استخدام لغة بسيطة ومباشرة
عند الحديث مع أولادكِ، استخدمي لغة واضحة وسهلة الفهم، مع الابتعاد عن استخدام المصطلحات الطبيّة المعقَّدة. اشرحي عن المرض بطريقةٍ تُبرز الجوانب الإيجابيّة، مثل الحديث عن الجهود الطبيّة المبذولة لعلاجكِ ودور الفِرَق الطبيّة المختصّة التي تتابع حالكِ. يمكنكِ القول: "اكتشف الأطباء مشكلة تُسمى السرطان، لكنهم يعرفون كيف يعالجونها، وأنا أتلقّى العلاج لأتحسّن". احرصي على عدم المبالغة في تبسيط الأمور، بل قدّمي لهم الحقائق بما يتناسب مع أعمارهم وقدرتهم على الفهم.
3- مراعاة ردود الفعل المختلفة
توقّعي ردود فعل متنوّعة من أطفالكِ. فقد يبكي البعض أو يعبّر عن غضبه، بينما قد يبدو البعض الآخر أكثر هدوءًا. عليكِ أن تحترمي طريقة تأثّرهم بسماع الخبر بمختلف أشكالها، وتوفّري لهم المساحة اللازمة للتعبير عن مشاعرهم بصدق. يمكن أن يستغرق الأمر وقتًا لاستيعاب ما قيل لهم، لذا كوني مستعدّةً للحديث مجددًا في حال أرادوا ذلك. اطرحي أسئلة مثل: "هل لديك أي استفسارات؟" أو "كيف تشعر بعد معرفتك بالخبر؟"، لتشجيعهم على التحدّث عن مشاعرهم بشكلٍ أكثر انفتاحًا.
4- إشراكهم في العلاج
قد يكون من المفيد أن تجعلي أطفالكِ جزءًا من رحلتكِ العلاجيّة بطريقةٍ مناسبة. يمكنكِ، على سبيل المثال، أن تطلبي منهم مساعدتكِ في اختيار الأطعمة الصحيّة التي تُفضّلين تناولها أثناء العلاج، أو تشجيعهم على كتابة رسائل تحفيزيّة لكِ. فعندما يشعرون بأنّهم قادرون على تقديم المساعدة، قد يقلّ شعورهم بالعجز، ممّا يمنحهم إحساسًا أكبر بالقدرة على دعمكِ.
5- التأكيد على الاستمراريّة والأمل
أثناء الحديث عن السرطان، من الضروري أن تؤكّدي لأولادكِ أنّ نمط حياتكم اليوميّة سيستمرّ بشكلٍ طبيعي قدر الإمكان. أخبريهم أنّكِ ستبذلين قصارى جهدكِ لتظلّي موجودة معهم في اللحظات المهمّة، مثل الاحتفال بأعياد الميلاد أو حضور المناسبات المدرسيّة. ركّزي على الأمور الإيجابيّة، مثل إخبارهم عن قصص ناجحة لأشخاصٍ تغلّبوا على المرض، وكيف أنّ تلقّي العلاج يُسهم في تحسين الحال.
6- التعاون مع مختصّين
قد تشعرين بالحاجة إلى استشارة مختصّين في علم النفس، خاصّةً إذا شعرتِ أنّ أطفالكِ يعانون من تأثيراتٍ نفسيّة شديدة. حيث يمكنهم تقديم الدعم لكِ ولهم، عبر توفير استراتيجيّات تساعدكم على التكيّف مع الوضع الجديد. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم إرشادكِ لكيفيّة التعامل مع الأسئلة الصعبة التي قد يطرحها أطفالكِ، مثل "هل ستشفين؟" أو "هل يمكنكِ أن تعدينا بأنّكِ ستظلّين معنا؟".
أخيرًا، لا يمكننا إنكار أنّ إخبار أولادكِ عن إصابتكِ بالسرطان يُعَدّ خطوةً صعبة. لكن تذكّري أنّ إظهار المحبة والشفافية هو الأساس في بناء علاقة قويّة معهم، وأنّ الأمل هو الركيزة التي ستساعدكم على تجاوز هذه المحنة معًا.