رغم أن التدخين يُعدّ أحد أبرز أسباب الوفاة المبكرة حول العالم، متسبباً بأكثر من 7 ملايين حالة وفاة سنوياً، لا يزال الأمل موجوداً بالنسبة إلى من يقرر الإقلاع عنه، حتى في مراحل متقدمة من العمر. فقد كشفت دراسة حديثة أن التوقف عن التدخين، ولو متأخراً، يمكن أن يساهم في حماية الذاكرة وإبطاء التراجع الإدراكي المرتبط بالعمر.
العلاقة بين التدخين والخرف
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن الخرف يصيب نحو 50 مليون شخص حول العالم، ويتجلى في ضعف تدريجي في الذاكرة والقدرات المعرفية، إضافة إلى اضطرابات في السلوك، ما يجعله أحد الأسباب الرئيسية لفقدان الاستقلالية. من هنا، فإن التحكم بعوامل الخطر مثل ارتفاع الضغط، السكري، السمنة، وقلة النشاط البدني، يُعد خطوة أساسية للوقاية. أما التدخين، فقد تبيّن أنه عامل مؤثر بشكل خاص في تسريع هذا التدهور الذهني.
فوائد الإقلاع حتى بعد سن الأربعين
في هذه الدراسة التي شملت نحو 9,500 شخص من 12 بلداً، قارن الباحثون بين من واصلوا التدخين ومن أقلعوا عنه بعد سن الأربعين. وأظهرت النتائج أن من توقفوا عن التدخين سجّلوا تراجعاً أبطأ في الذاكرة بنسبة 20%، وفي الطلاقة اللفظية بنسبة 50% مقارنة بالمستمرين في التدخين. بمعنى آخر، كان لدى المقلعين عن التدخين تباطؤ ملحوظ في فقدان القدرات الذهنية يعادل تأخيراً يتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر في معدل التدهور السنوي. والأهم، كما أوضح الباحثون، أن خطر الإصابة بالخرف لدى من توقفوا عن التدخين قبل عشر سنوات، يصبح مشابهاً لخطر الإصابة لدى من لم يدخنوا يوماً.
كيف يؤثر التدخين على الدماغ؟
يرتبط التدخين بتلف الأوعية الدموية التي تغذي الدماغ بالأوكسجين، ما يحدّ من قدرته على العمل بكفاءة. كما أنه يسبب التهابات مزمنة في أنسجة الجسم ويزيد من إنتاج الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة تُحدث ضرراً في الخلايا العصبية وتُسرّع عملية الشيخوخة الدماغية. ويؤكد الباحثون أن الإقلاع عن التدخين حتى بعد الخمسين يساعد على الحفاظ على صحة الدماغ على المدى الطويل وأن فوائد الإقلاع لا تقتصر على الجسد فحسب، بل تمتد أيضاً إلى الذهن والذاكرة.