البدانة وتأثيراتها السلبية المرتبطة بالإصابة بفيروس كورونا

يُعد انتظام وظائف جهازنا المناعي عاملاً رئيسياً في المحافظة على صحتنا، خاصةً في ظل التحديات الصحية التي نواجهها في الوقت الحالي. كما غيّرت أزمة كوفيد-19 حياتنا بصورة عامة، وأثرت بشكل مباشر أو غير مباشر على الاقتصاد العالمي، فضلاً عن تداعياتها على صحتنا ونمط حياتنا أيضاً، بما فيها مشكلة . فعلى الرغم من الدور الإيجابي للاستراتيجيات المطبقة للتعامل مع الأزمة، مثل سياسات الإغلاق، في الحد من انتشار المرض، فقد كان لهذه الإجراءات تأثيرات سلبية أيضاً على عدد من النواحي الصحية الاخرى، ومن بينها مشكلة .

 

وانطلاقاً من دوري كخبيرة رعاية صحية في الإمارات، حيث تنتشر البدانة لدى أكثر من 70% من الذكور تحت سن الثلاثين، فإنه من واجبي تقديم التوجيه والدعم للراغبين بإنقاص وزنهم، إضافة إلى التوعية بأهمية اتباع نمط حياة أكثر صحة. ونظراً لانتشار البدانة لدى اثنين من كل ثلاثة أشخاص في دولة الإمارات، عادةً ما تكون الحمية الغذائية بمفردها حلاً غير كافٍ بالنسبة للكثيرين. وبالتالي، يكون من الضروري تحفيزهم لخسارة الوزن عبر تعزيز شعورهم بالشبع، مما يسهم في تخفيض كمية الطعام التي يتناولها المريض على مدار اليوم، وخسارته للوزن نتيجةً لذلك.

 

تؤثر فترات تقييد الحركة على توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه، وبالتالي على جودة النظام الغذائي. وكما لاحظنا خلال المراحل الأولى من أزمة كوفيد-19، حين ضاعفت الحكومات قيود الحركة بالتوازي مع ازدياد حالة عدم اليقين، فقد توجهت الكثير من العائلات إلى تخفيض نفقاتها، بما فيها نفقات الأغذية. ودفع هذا التوجه الكثيرين نحو زيادة استهلاك الأطعمة الأقل تكلفة، والتي غالباً ما توفر قيمة صحية وغذائية منخفضة. وأظهرت دراسة متعددة القطاعات حول العادات الغذائية وأنماط الحياة الخاصة بسكان الإمارات خلال فترة الإغلاق، أن قسماً كبيراً من المشاركين اختاروا عادات غذائية غير صحية، بما فيها زيادة استهلاك السعرات الحرارية واستهلاك كميات أكبر من الوجبات الخفيفة، إلى جانب انخفاض استهلاك الخضار والفواكه.

 

كما سجل الكثيرون زيادة في أوزانهم توازياً مع تراجع أو حتى غياب الأنشطة البدنية خلال تلك الفترة، نتيجة إغلاق المنشآت الرياضية والقيود المفروضة على الحركة بصورة عامة. ومع تهديد فيروس كورونا المستجد لصحة الجميع، بغض النظر عن مؤشر كتلة الجسم الخاص بهم، لاحظنا مؤخراً أن البدانة هي أحد عوامل الخطورة المرتبطة بالفيروس. وأشار استعراض تحليلي، ضم 75 دراسة على امتداد 10 دول شملت حوالي 400 ألف مصاب بفيروس كورونا، إلى لعب البدانة لدور رئيسي في زيادة خطورة تداعيات كوفيد-19 على الصحة، حيث أنها تزيد احتمالية الدخول إلى المستشفى بنسبة 46% ودخول غرفة العناية المركزة بنسبة 113%، وترفع خطر الوفاة بنسبة 48%[4]. ويعود السبب في ذلك إلى أن المصابين بالبدانة أكثر عرضةً للإصابة باضطرابات الجهاز التنفسي نتيجة انخفاض السعة الرئوية لديهم، الأمر الذي يفرض عليهم صعوبات أكبر خلال التنفس.

 

وخلصت أعمال Barry Popkin، بروفيسور التغذية لدى مدرسة جيلينجز للصحة العامة العالمية التابعة لجامعة نورث كارولينا في تشابل هيل[5]، إلى أن التغيرات الاستقلابية المرتبطة بزيادة الوزن قد تؤثر على قدرة الجهاز المناعي على محاربة الأمراض، الأمر الذي قد يلعب دوراً مهماً في تحديد نتائج الإصابة بفيروس كورونا المستجد. كما تؤدي البدانة إلى نشوء التهابات تسهم في الإصابة بالسكري وأمراض القلب.

 

وفي ضوء ذلك، يتعين علينا دراسة التأثيرات المحتملة للبدانة على حملات التطعيم، حيث ما زلنا نفتقر للأدلة الدامغة على أثر البدانة على لقاحات كوفيد-19. ومع ذلك، لطالما لاحظنا انخفاض فعالية اللقاحات الخاصة بكثير من الأمراض، مثل لقاح الإنفلونزا، لدى المصابين بالبدانة.

 

ورغم أن الآليات البيولوجية التي تربط تأثيرات البدانة مع الإصابة بكوفيد-19 معقدة للغاية، إلا أنها ترجّح أن فقدان الوزن قد يفيد في تفادي تلك التأثيرات السلبية. ولعل الجانب الإيجابي الوحيد المرتبط بهذه الأزمة الصحية هو إسهامها بتشجيع المرضى على خسارة الوزن واتباع ممارسات الحياة الصحية. وقد سجل محرك البحث جوجل زيادةً بنسبة 20% في عمليات البحث المرتبطة بخسارة الوزن بعد رفع قيود الإغلاق الأولية في كثير من الدول.[8] وبجانب ذلك، بيّن تقرير صادر عن ماكينزي أند كومباني زيادة الإنفاق على مجالات اللياقة البدنية والعافية والعناية الشخصية بنسبة 14% في الصين بعد فترة الإغلاق الأولية، تزامناً مع تراجع الإنفاق على عدة مجالات اخرى.

 

وتوصلتُ خلال عملي كاستشارية تغذية إلى أن اتباع نمط حياة صحي طويل الأمد ليس بالأمر السهل، حيث يتطلب ذلك بذل كثير من الجهد لتحقيق هذا الهدف. ويتجسد أحد الحلول التي من شأنها تحقيق هذا الهدف في برامج خسارة الوزن الفعالة التي تستند إلى الأسس العلمية وخدمات الرعاية الصحية رفيعة المستوى. وبغرض مواجهة مشكلة البدانة، من الضروري تبني أسلوب حياة جديد يحمل تغييراً إيجابياً على كافة المستويات واتباع أساليب ينصح بها المختصون في مجال الرعاية الصحية، وهي المنهجية التي أعتمدها في عملي لدى شركة Allurion.

 

كما لا يقتصر مفهوم برنامج Elipse من Allurion على بالون المعدة وحده، فهو يجمع بين الحل المعروف لبالون المعدة المبتكر وحزمة كاملة من طرق الدعم لمساعدة المرضى على تطوير أنماط حياة جيدة يمكن أن يلتزموا بها لفترة طويلة بعد انتهاء مدة العلاج بالبالون. ويمثل البرنامج إنجازاً متميزاً نوفره بين أيدي المرضى، وبشكل خاص أولئك الذين يلتزمون بنمط حياة صحي ولكن يعانون من إحساس مستمر بالجوع، نظراً إلى قدرة هذا الحل على منحهم شعوراً بالشبع عبر ملء حيز كبير من المعدة. كما يتيح Elipse للمرضى فرصة الاستغناء عن أنظمة الحمية والإحساس بالجوع الذي يرافقها، والذي يمثل عادة السبب الرئيسي لزيادة الوزن.

 

وأخيراً، يجب علينا أن نتذكر أننا نعيش فترة صحية استثنائية، تفرض علينا ضمان عمل أجهزتنا المناعية بأفضل صورة ممكنة. وتجسد خسارة الوزن بالنسبة للمصابين بالبدانة أو الوزن الزائد الخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف.

 

بقلم سينتيا بو خليل Cynthia Bou Khalil، استشارية التغذية ومديرة التميّز السريري لدى شركة Allurion

 

المزيد
back to top button