بلا شك، يظنّ البعض أنّ المشي مسألة تخصّ سكان مدن أوروبا وأنّ من المستحيل أن نمشي في بلداننا ولا سيما في الخليج. ولكن لا! من السهل جداً المشي في دبي وأبو ظبي أو في مدن المملكة العربية السعودية، فمن تشرين الأول/ أكتوبر حتى نيسان/ أبريل يكون الطقس مقبولاً مما يسمح للجميع بالخروج من المنازل. ولمَ لا نخرج مشياً على الأقدام، ولا سيما حين نعرف أنّ السمنة التي يمكن محاربتها بالمشي تطال 60 إلى 70 في المئة من الناس؟ من أيار/ مايو حتى أيلول/ سبتمبر يصبح المشي صعباً وهذا صحيح لكنّ آلات المشي في صالات النوادي الرياضية تنتظرنا بشوق!
تخلَّي عن السيارة واجعلي من السير على القدمين خيارك الأول للتنقّل، هكذا تتفادين أطناناً من الأمراض!
ندرك هذا الواقع لكن حين نقرأه على أنّه حقيقة علمية لا يسعنا إلاّ أن نفرح. وفقاً لدراسة أجريت في بريطانيا* (قدّمت معطيات صحّية لعشرين ألف شخص يسكنون في كافة أنحاء المملكة المتحدة)، نتوصّل إلى هذه الخلاصات الجميلة:
- لدى الأشخاص الذين يذهبون إلى أعمالهم مشياً على الأقدام يبدو خطر الإصابة بداء السكري أقل بأربعين في المئة مقارنةً مع أولئك الذين يختارون السيارة أو سيارة الأجرة. ومن ناحية الأوعية، عندهم 17 في المئة خطر أقل للإصابة بمشكلة ارتفاع ضغط الدم. - على صعيد المنافع على الصحّة، يأتي خيار التنقل بالمواصلات العامة بين ركوب السيارة والذهاب مشياً على الأقدام إلى العمل. - في ما يختص بسائقي الدرّاجات، أثبتت الدراسة أنّ خطر إصابتهم بداء السكر أقل بمرّتين من سائقي السيارات!
ويقول أنطوني لافيرتي، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة: "قد تؤدي الفوارق بين البنى التحتية والاستثمارات في مجال النقل المشترك والمشي على الأقدام والتنقل على الدراجة دوراً مهماً لدفع الناس إلى عيش حياة سليمة ولكن أيضاً حثّهم على عدم الاعتماد على السيارة".
استعدّي للمشي!
يضمن المشي السريع الذي يدوم ثلاثين دقيقة يومياً صحّة من ذهب وقد ثبَتَ تأثير هذا النشاط الجسدي اليومي مرات عديدة وفي كل مرة احتُسب فيها احتمال الإصابة بكل نوع من الأمراض. هكذا، من خلال المشي سريعاً وبانتظام لمدة نصف ساعة يومياً، يخف خطر الإصابة بسرطان القولون بنسبة 60 في المئة، والإصابة بكسر في عظم الفخذ لدى المرأة بنسبة 50 في المئة، وأمراض القلب والأوعية بنسبة 50 في المئة... من دون ذكر التأثيرات الإيجابية على شكل الجسم إذ ننحف من دون الحاجة إلى تغيير عاداتنا الغذائية.كل هذا من دون إنفاق فلس واحد ومن دون بذل الكثير من الجهود والتضحيات.
في مدننا التي تعج بالسيارت من كل الأنواع ومن أجل صحّتنا المهدّدة بكافة الأمراض المنتشرة حول العالم، ألم يحن الوقت لترك مفتاح السيارة جانباً والاتكال على الأقدام؟
د. أنطوان ضاهر
*بحث أجراه معهد Imperial College of London ونشر في مجلة The American Journal of Preventive Medicine. ENCADRE