عالم جديد تكتشفه الحياة الجنسية. إنع عالم الشاشات التي من خلالها، نعيش كلّ شيء، إفتراضيّاً، في جوٍّ من التفاعل وبحريّة تامّة. ولكن...
"أنا عازب. عمري 48 عاماً ولست متزوّجاً. والسبب! أنا قصير القامة، بدين، وشبه أصلع. لست فعلاً من فئة الرجال الجذّابين! خجول، لم أعش سوى علاقات عاطفيّة حزينة. على الإنترنت، اكتشفت المواقع "الممنوعة". ومنذ ذلك الحين، أطوف من موقعٍ إلى آخر كلّ مساء، لمدّة حوالى نصف ساعة. هذا يشبع عطشي الجنسي، وجانب التلصّص الكامن في داخل كلّ واحدٍ منّا. وهذا يغني استيهاماتي".
لم يمنع كبر السنّ والصلع أحداً من عيش حياة جنسيّة متألّقة! أسباب الفشل العاطفي موجودة في أماكن أخرى... زيارة المواقع الإباحيّة الموجودة بكثرة على شبكة الإنترنت ليست مضرّة بحدّ ذاتها، ولكنها تصبح كذلك عندما ندمن عليها، وعندما تكون الطريقة الوحيدة "للتعاطي" مع الجنس الآخر. يتعدّى الافتراضي الواقعي، فيطرده ليحلّ مكانه: لم يعد هناك من مكانٍ للاستيهام – إذا أمكن التحدّث بعد عن الاستيهامات – إلاّ عبر الشاشة.
نعيش في عالمٍ استهلاكيّ وفردانيّ في الوقت عينه. والحياة الجنسيّة الافتراضيّة تندرج في الإطار نفسه. نستهلك صوراً غالباً ما يكون علينا دفع ثمنها. ونخلق "علاقة" فرديّة ووحيدة: نمارس الجنس مع أنفسنا.
"اكتشفت الحياة الافتراضية وأجد ذلك خلاّباً. لديّ اسمٌ جديد، وكنية جديدة، وهويّة افتراضيّة جديدة. اخترت جنسي، وجسدي، والمدينة التي أعيش فيها. اشتريت أرضاً لبناء منزلي. أقوم بالمشتريات بعملة بلدي الافتراضي التي تُقارن فعليّاً مع الدولار الأميركي. واكتشفت أنّه بإمكاننا أيضاً أن "نتطارح الغرام". فتنني شاب وسيم. أمضينا معاً أوقاتاً لا تُنتسى. فعلت ذلك مع غيره، ثم مع شاب آخر. عندما اكتشف زوجي ذلك، جنّ جنونه. ثم حاول هو، فأصبح لديه بدوره حياةً إفتراضيّة. مارسنا نحن الاثنان الجنس، في الحياة الواقعيّة، كما لم نفعل منذ زمنٍ بعيد".
بالطبع، هناك جانب من اللهو في هذا الأمر. لم لا نعتبره لعبة؟ فالهدف هو التسلية، أو الاستسلام للاستيهامات. ففي نهاية المطاف، أليست الاستيهامات افتراضيّة؟ كلّ الخيال افتراضيّ! ولكن في هذه الحالة المعيّنة، يقلّد الافتراضي الواقعي، إلى حدّ الغموض، فيحلّ مكانه. وهنا، تصبح تتعقّد المشكلة. العديد من الرجال – وأكثر فأكثر من النساء – يستسلمون للألعاب الجنسيّة التفاعليّة على شبكة الإنترنت المحكومة بحبّ التلصّص. تقترح بعض المواقع اختيار شريك يخلع ملابسه لقاء المال، إذا أردنا أن تدوم اللذّة.
أيّ أثرٍ على المراهقين؟ من الصعب السيطرة على نفاذ أولادنا إلى هذه المواقع، حتى غير المجانيّة منها... ولكن هل هي حقّاً خطرة؟ تختلف آراء المتخصّصين. لا يظنّ جاك هينو، العضو في مجموعة العمل حول حماية الطفل واستخدام الإنترنت في فرنسا، أنّ هذه الألعاب تسهّل الانتقال إلى الفعل أو انتزاع المسؤولية عن عاتق المراهقين. "يعود نقاش الافتراضي/الواقعي إلى أعوامٍ قديمة، وقد بدّأ حتى قبل الإنترنت. بحسب الدراسات المختلفة التي أُجريَت عن هذا الموضوع، يتمكّن الشباب من المقارنة بين هذين العالمين. ولذلك، يتّخذ النقاش الذي يسعى إلى ربط وسائل الإعلام هذه بزيادة العنف والجرائم الجنسيّة بعداً تبسيطيّاً".
بحسب ميشيلا مارزانو، الفيلسوفة والباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا، تبسيط هذه الصوَر وهذه العلاقات الإباحيّة من شأنه أن يلوّث الخيال الجنسي لدى المراهق. إنّ هذه الصوَر تفرض رؤية معياريّة تنشىء نوعاً من قواعد استعمال تُبعد المراهقين عن الواقع. الحياة الجنسيّة معقّدة بالتأكيد، غير أنّها غنيّة بالامكانات اللامتناهية. الحلّ الأسهل هو أن نغازل الآخر ونطارحه الغرام إفتراضيّاً! أمّا محاولة الهروب من الواقع، فهي واقعيّة بكلّ تأكيد.
كلمة الختام؟ حاجة الحياة الجنسيّة إلى الصوَر، والخيال، والاستيهامات لأمرٌ صحيح. إستخدام الإنترنت، كما كانت الحال من قبل مع "الفيديو" أو المجلاّت الإباحيّة لأمرٌ عادي. ولكن أن نعيش حياتنا الجنسيّة فقط عبر الشاشة، كي يحقّق بعض الأشخاص مكاسب ماليّة، لأمرٌ يصدم الطبّ، والطبّ النفسي... ورشدنا أيضاً.
الأولاد والإباحيّة الافتراضيّة
بحسب جان إيف هايز، مؤلف كتاب عن هذا الموضوع، "إنّ الإنترنت أسوء الأمور، وأفضلها، خاصة عندما تجيب المواقع الإلكترونيّة على أسئلة الأولاد. وما يفرض إشكاليّة هو الجنس الإفتراضي، حتى لو كان يسمح لنا بالتخلّص من بعض النزوات. أمّا الأكثر سلبيّة بالنسبة لي، فهو العلاقة التي تربطنا بالإباحيّة. أظنّ أنّ معظم الأولاد سيتحمّلون هذه الصوَر، لكنّ الأصغر سنّاً قد يتعرّضون لتصرّفات مضطربة. في عمر النزوات، قد يركّز بعض المراهقين على الإباحيّة. هناك فعلاً مخاطر تربط بين الحياة الجنسيّة والإنترنت".
(la sexualité des enfants لجان إيف هايز، منشورات أوديل جاكوب)
عندما تمرّ السعادة بالكمبيوتر
لقاء 30 دولاراً، تقترح علينا عدّة مواقع إلكترونيّة الغوص في عالم الترفيه الجنسيّ الثلاثيّ الأبعاد! هذه التكنولوجيا الجديدة، التي اتّخذت تسمية XXX، تقدّم تفاعلاً أكثر من ذاك الذي نحصل عليه عبر شاشات الـ15 أو 17 إنشاً. يمكننا أن نختار حوريّات الـMangas، أو جمالاً أكثر تقليديّة. من المؤكّد أنّ الحوار ليس نقطة القوّة في التبادلات الشهوانيّة. لا، "يا إلهي، الجوّ حارٌّ هنا" ليس مداخلة هبّات امرأة اقتربت من سنّ انقطاع الحيض، وتعاني من هبّات حرارة! إنّها دعوة واضحة لخلع القليل ممّا يغطّي عورة الجنس الافتراضيّ. هل ما زلتم بحاجة إلى المزيد من التوضيح؟
بحسب www.doctissimo.fr
د. سامي سالم