البغاء الكتروني خارج السيطرة!

تطورت الحياة وتجددت وسائلها. وها هو الزنى، أقدم مهنة في العالم، يدخل عالم التكنولوجيا، ويخرج عن إطار المراقبة.

على مرّ السنوات، تطوّر مفهوم الإغراء وتطوّرت معه الطرق التي تصطاد بها المومس المارة في الطرقات. فقد ولّى زمن المومس التي تقف في زاوية أحد الشوارع المظلمة لتدعو الزبون إلى اكتشاف الجنة المنتظرة والتعرّف إلى مواهبها مقابل النقود. إذ طالت أيادي التكنولوجيا الحديثة كلّ الميادين وصولاً إلى تجارة الجنس الواسعة الأفق.

اليوم، توضع الثورة الإلكترونية، من الهاتف المحمول إلى المواقع الالكترونية مروراً بالمدوّنات والرسائل القصيرة والتواصل عبر MSN وغيرها، في خدمة أقدم مهنة في العالم. إنّها تجارة مربحة تدرّ الكثير من الأموال على وسيط شؤون البغاء وتضمن مردوداً متوسّطاً للمومس المهدّدة بخطر البطالة الجنسية إن لم تكن مطّلعة على حد أدنى من المعلوماتية كي تبيع جسدها لزبائن شبكة الانترنت التي تحتوي على مواقع لا تعدّ ولا تحصى لمومسات مستقلات أو لوكالات تقدّم فرصة إقامة علاقات جنسية مقابل المال. وهي وسيلة تواصل مستعملة ورائجة كثيراً!

زبائن عبر الانترنت

تستعين العاملات في ميدان الجنس بشبكة الانترنت وكلّ الوسائل التقنية الأخرى من أجل اصطياد زبائن يرغبون في مشاطرة تجاربهم الجنسية مع أشخاص من قارات مختلفة. ويخصّص لهذا النوع من التبادل الكثير من المجموعات والمواقع الالكترونية، ومن أقدمها alt.sex.prostitution التي تحتفظ بالرسائل المتبادلة في أرشيف يمثل دليلاً عالمياً حقيقياً للجنس. يقدّم الموقع معلومات عن نشاط الدعارة في أكثر من 90 بلداً موزّعة على القارات الخمس، فضلاً عن معلومات عن أماكن البغاء وتعرفة الفنادق والخدمات الجنسية المؤمنة وآراء حول الفتيات في ما يتعلق بنوعية الأداء الجنسي والوضعيات الجنسية والعمر ولون البشرة وغيرها. ويذهب بعض الزبائن إلى حدّ معاينة هذا الموقع قبل تحديد وجهة سفرهم!

جنس عبر الهاتف

أصبح الهاتف المحمول وسيلة التواصل الأبرز حول العالم وهو أداة استثنائية تصطاد من خلالها المومس زبائنها في العالم الثالث تحت عنوان التجارة الجنسية. لأن الهاتف باهظ الثمن، تبدأ المومس ببيع ذاتها أولاً كي تجمع المال لشرائه بعدئذٍ تستعمله كي تصطاد الزبائن عبره، وذلك من أجل كسب المال... إنّها بالفعل حلقة مفرغة! ويقول Kassi Awoua Abel من ساحل العاج: "إنّه غرض تسعى لأن تحصل عليه الفتيات مهما كلّف الأمر، فهنّ مستعدّات لفعل أي شيء مقابل الحصول على هاتف لأنّ الأهل غير قادرين على تحمّل تكاليفه. لذا، يكثر عدد الفتيات ـ في عمر 15 سنة أو أقلّ أحياناً ـ اللّواتي يقمنَ علاقات جنسية مع رجال بعمر آبائهنّ، وذلك مقابل هاتف محمول. بهذه الطريقة في بلادنا، يتحوّل غرض عصري ومفيد وضروري إلى أداة تسهّل الدعارة في زمن يسيطر عليه مرض السيدا...".

سلامة عبر الشبكة

تطرح مسألة عولمة الدعارة الخارجة عن إطار الرقابة الصحية مشكلة ازدياد المخاطر. أفليس من الممكن لعدد الإصابات بالسيدا أو بغيرها من الأمراض المتناقلة جنسياً أن تزداد وتؤدي إلى موجة جديدة من الأوبئة ناتجة عن بغاء غير مرئي يمارس في المنزل من دون مراقبة قواعد الوقاية؟ في هذا الإطار، تتوفّر بعض الأرقام الدقيقة التي تخصّ البلاد العربية وتحديداً الجزائر: 4 في المئة من النساء الجزائريات اللّواتي يمارسنَ البغاء يحملنَ فيروس السيدا. إنّه رقم بسيط مقارنةً مع نسبة السيدا عند متعاطي المخدرات التي تصل في البلد ذاته إلى 30 في المئة، لكنّه رغم ذلك رقم مقلق. فإذا اعتبرنا أنّ نسبة المومسات المصابات بالسيدا هي ذاتها في باقي العالم العربي أي 4 في المئة، مع العلم بأن نسبة السيدا في العالم العربي تقارب الواحد في المئة، بالتالي فإنّ كلّ علاقة غير وقائية مع مومس معرّضة لأن تضاعف خطر العدوى أربع مرات!

وساطة الفحشاء عبر الانترنت

عام 2003، حكمت محكمة البداية في باريس بالسجن أربع سنوات وبدفع غرامة مالية قيمتها 150 ألف يورو على مارغريت ماك دونالد المعروفة في تجارة الجنس باسم كارولين وذلك بتهمة الإفراط في الوساطة في شؤون البغاء. فقد كانت تدير شبكة من حوالى 600 فتاة وشاب يعملون بأوقات غير منتظمة ويتوزّعون في كلّ أنحاء العالم باستثناء آسيا. أمّا الأسعار التي تحدّدها بنفسها فكانت تتغيّر وفقاً للزبون وطبقة الفتاة الاجتماعية ثمّ تخصّص لنفسها نسبة مئوية في مختلف العملات النقدية. كانت مارغريت ماك دونالد تنظّم تجارتها عبر موقعين إلكترونيين يعطيان أرقام هواتف الشبكة في سويسرا، ثمّ تقوم هي بتوزيع المواعيد على الفتيات. "عند استجوابها، كانت في حوزتها أربعة هواتف محمولة وآلة تصوير تلتقط بها صوراً للمرشحات فضلاً عن ست بطاقات اعتماد و16 خطاً للهاتف المحمول". ظاهرة جديدة لممارسة قديمة!

دلال حرب.

المزيد
back to top button