ألوان الليل وتأثيرها على مشاعر الحب والرغبة

تتعدّد تدرّجات اللّيل كما تتنوّع مشاعر الحب والمرح والهموم والرغبات. ويختلف ليل الطفولة عن ليل المراهقة والبلوغ. لنقلّب صفحات اللّيل في ضوء النهار!

 

الأحمر

تكون طفلةً وتكون لياليها هادئة متموّجة بالظلال والعتمة المضاءة. ثم يأتي شبح اللّيل ليخيفها حين يتركها أهلها ويخرجون إلى حيث لا تدري. لكن حين تزول الأوهام من رأسها تنام نوماً عميقاً محميةً بقضبان سريرها الصغير إلى يوم (أو ليلة) تأتي حفلة ملابس النوم! وحين تُمنع من الخروج، تتمزّق مشاعرها وتحس بأنّها مسجونة بين جدران غرفتها. ومن حسنات المراهقة أنّها تعيد إحياء لياليها. باب مغلق بإحكام، جلسة بين الكتب والصور وشاشة الكمبيوتر وشاشة التلفاز والسمّاعات... أغراض باتت أساسية في هذا العصر. لكن مع ظهور حب الشباب سرعان ما تنفتح الأبواب لتخرج عبرها شابة مفعمة بالرغبات. فيضحك لها النهار من جديد وتتلوّن لياليها مع سهرات الديسكو والمواعيد الغرامية والنشاطات المسلية مع الأصدقاء.

ثمّ، بطريقة مفاجئة، تميل لياليها إلى اللون الأحمر. لا تعرف كيف بالتحديد لكن لا يمكنها أن تنسى البتة مع مَن. يتغلغل الشغف والعشق في قلبها وجسمها وتصبغ الحماسة العاطفية كل تفاصيل حياتها باللون الأحمر إلى أن تحمرّ رغباتها خجلاً! تتفتّح كالوردة وتشتعل حماسةً كشهب النار ثم تتحوّل امرأة!

 

قوس قزح

عندئذٍ، تبدأ لياليها بمغازلة قوس القزح بألوانه الجميلة مع المكالمات الهاتفية التي تداعب حواسّها والمدوّنات الالكترونية التي تشعل نار الشوق في داخلها. وتأخذ لياليها صيغة الزهري مع دفتر المذكّرات المخربش. ثمّ، بعد اللّون الزهري ومشاعر الحب، يأتي إلزاماً اللّون الأزرق... لون الانفصال والفراق المحتّم الذي لا يطاق ولا يُحتمل ولا يمكن تخطّيه بسهولة. فتكتئب روحها وتحسّ بأنّ اليأس ينهش عظامها، لكنّه شعور يُرجعها إلى أرض الواقع ليشفيها، بانتظار أن تجد شغفاً جديداً يطرد شبح المأساة السابقة.

 

ومن اللحظات التي لا تُنسى كل تلك الليالي الحافلة بالاضطرابات والتضحية المكرّسة للرجال أو لذكراهم... ليالٍ ناشطة تغرقها في بحر من المشاغل... ليالٍ زرقاء تتدرّج من الألوان الباستيلية كي تجعلها تؤمن بالحظ لتجد مخرجاً لمكنونات قلبها. وتلك الليالي التي تضجّ بالرغبات والتي تطول وتتميّز بكونها عذبة وهانئة حين تعرّب الملذّات بالمؤنث وحين تقارب البهجة الفناء المطلق.

 

الأسود

ثم يأتي الأسود خلسةً ليطغى على الرغبات فيأخذ الليل منحىً آخر. إذ يطول ويطول ويسرق النوم من عينيها المسمّرتين في سقف الغرفة، فيجعلها تنتظر ما سيحدث وتتخيّل تكملة لتلك القصة. ليلة شعف، ليلة ريبة وليلة خيانة... تصبح لياليها حالكة يفوق سوادها سواد القهوة، الرفيقة الوفية للانتظار الطويل، غير المجدي وغير المثمر. سوداء أكثر من ليالي الطفولة المرعبة تلك. لا بل أسوأ، إنّها ليالٍ لا توصف تُغرقها في ظلمة شاملة تطال الكوكب بكامله فتشعر بأنّها ستدوم إلى الأبد... إلى يوم تفهم فيه أنّ الأسود ليس سوى نتيجة لغياب الألوان!

 

الأبيض

أمّا الليلة المصبوغة بالأبيض على غرار التعبير الفرنسي "nuit blanche" فتستمدّ تدرجاتها من الرضّاعة والحليب والأطفال الصغار أو من صفحات الدفاتر الناصعة التي تنتظر قلماً ليمرّ عليها ويبدّل وجهها... ليالٍ تقطعها أحلام اليقظة، ليالٍ قصيرة تتأرجح بين النوم وتأدية الواجبات والتأمّل. فتشتهي عيون صديقتنا الأريكة وتحلم بالسرير تحت جسمها فتتذمّر قليلاً وتتأوّه كثيراً لكنّ ليلتها تعود لتصطبغ بالألوان عند الصباح الباكر...

 

بعدئذٍ، تمضي هذه المرأة نفسها ليلها وهي تفكّر بشريك حياتها فتشعر بوجوده بقربها فتسترسل في نوم عميق وتغمرها السعادة لمجرد كونها بين يدي من تحبّه. إنّه هنا إلى جانبها، ويمكن للزمن أن يتوقّف عند هذه اللّحظة. لكنّها سرعان ما تقف أمام احتمالين، فإمّا أن ترافقها السعادة مدى الحياة وإمّا...

 

... أن تنقلب البهجة جحيماً فتصبح لياليها مرهقة. حيناً بسبب العمل في الليل حتى حين يكون عمّال التنظيفات غارقين في الأحلام وحيناً آخر لشّدة التفكير، فالحانات حتى قد أقفلت أبوابها. تعيش لحظات صعبة بين ضباب سيجارتها وتقاوم من غير أن تسأل لمَ وأينَ وإلى متى فتتنقّل حيناً بين الشجاعة والقوة والإصرار، وتضيع حيناً آخر في بحر من الهلوسات وخيبات الأمل. في مثل هذه الليلة، تكون تدرجات الأسود في حداد رسمي. لكن لا بدّ لها من أن تميل إلى الأخضر، مؤشر السير قدماً، كي تضع حداً لما مضى وتكمل طريقها نحو الأفضل.

 

بين ليالٍ شاحبة وأخرى داكنة أكثر، تندرج اللّيالي الباهتة والمسطّحة، ليالي الوحدة. بوجه الفراغ اللامحدود، تجد نفسها فاقدة لمفهوم الألوان. وحتى عقلها يتجاهل كلّ التفافاته فبالنسبة له يسير كلّ شيء على خط واحد يؤدي إلى العدم في نهاية طريق يبدو أنّها لن تبصر النور يوماً.

 

لكنّ نور النهار يأتي في كلّ الأحوال، ولو في طرف آخر الطريق، حين تقول في نفسها: لقد انتهيت، حين تترنّح الثريا وتخفت الأضواء، حين يمتزج العمر باليأس والتعب. عندئذٍ، تأخذ العديد من "الاستراحات" بينما يكون الآخرون غارقين في عالم الأحلام. ينحل خيط الحياة وتتشابك لفافات الألوان فيمتزج الرمادي مع الزهري والأزرق مع الأحمر. ويبدو كل شيء جلياً، سواد على بياض. نعم، ليس شبح الليل ببعيد. نعم، رحل أهلها إلى مكان ما... إلى مكان لا تعرفه!

 

قواعد النوم الصحي

لا تعود المرأة التي تعمل في اللّيل إلى منزلها في الصباح كي تنام بل كي تصطحب أولادها إلى المدرسة وتهتمّ بشؤون المنزل. لكن مع ذلك، يجب ألاّ تغفل القيام ببعض الأمور الضرورية:

 

  • أن تنام قدر المستطاع. وإن أمكن، أن تأخذ قيلولة خلال المساء قبل الذهاب إلى العمل وذلك داخل غرفة مظلمة وهادئة.

 

  • أن تمتنع عن تناول الكافيين قبل خمس ساعات من موعد نومها على الأقل. يصعب اتّباع هذه النصيحة إذ تكون بحاجة ماسة إلى منبه يسمح لها بإكمال ليلتها. لكن في الحقيقة، إنّ القهوة التي تمنعها من النوم حين تكون متعبة جداً في نهاية الليل، تُبقيها مستيقظة لساعتين أو ثلاث ساعات وتمنعها من النوم حين تصل إلى بيتها.

 

  • أن تتناول فطوراً خفيفاً لكن مغذّياً في الوقت عينه قبل أن تذهب للنوم. عليها أن تتفادى المأكولات الدهنية والغنية بالبهارات. بهذه الطريقة، تنام أفضل ولا تستيقظ باكراً وهي تشعر بالجوع.

 

  • أن تحاول الابتعاد عن المنوّمات لتنام خلال النهار لأنّ تناول هذه الأودية بانتظام يزيد من احتمال اعتيادها والتعلّق بها، مما قد يُفسد نوم الليل خلال أيام العطل.

 

 

الليل والساعة البيولوجية

لمَ يصعب السهر في الليل والنوم في النهار؟

تجدر الإشارة إلى أنّ درجة قوة الضوء في أي مكتب أو مصنع تتراوح بين 300 و400 لوكس. وهذا قليل مقارنةً مع ضوء النهار الذي يعد 50 مرة أقوى عند الفجر و500 مرة أقوى عند الظهيرة! بالتالي فإنّ التعرّض لضوء النهار، ولو جزئياً (مثلاً أثناء الذهاب إلى العمل أو العودة إلى المنزل)، كافٍ لإبقاء ساعة الجسم الداخلية لدى الإنسان الذي يعمل ليلاً، منتظمة حسب دورة النهار/ الليل التي تسيّر محيطه. إذاً، تكمن الفكرة الإجمالية في زيادة قوة الضوء في العمل والحد قدر الإمكان من التعرّض لضوء النهار. هكذا، تسير الأمور على أفضل ما يرام فيبلغ هذا الشخص أقصى درجات نشاطه في مركز عمله لا خلال النهار حين ينام في المنزل (وحين يكون التعرض للضوء خفيفاً).

المزيد
back to top button