منذ نعومة أظافرها ومنذ أن تتطورت حاسة الشم لديها، عرفت كريستين ناجيل Christine Nagel أنها ستكون ما هي عليه اليوم، من أشهر مصممي العطور في العالم. فتدربت كباحثة كيميائية وكمحللة سوق قبل الانتقال إلى باريس عام 1997، حيث انطلقت في مجال تصميم العطور وتحولت الى واحدة من أبرز مبتكري العطور في العالم فاحتلت منصباً راقياً خوّلها العمل جنباً الى جنب مع دور عالمية لإطلاق مجموعة من العطور أولها عطر نارسيزو رودريغيز Narciso Rodriguez النسائي، وعطر جيمي شو فلاش Jimmy Choo Flash، ومجموعة Les Elixirs Charnels من غيرلان Guerlain.
وبعد اختيارها للعمل لعدة سنوات في مركز جو مالون Jo Malone للعطور في لندن، انتقلت مؤخراً إلى دار هيرمس Hermès للعمل إلى جانب صانع العطور جان كلود إيلينا Jean Claude Ellena. فمخيلتها الإبداعية ورغبتها الجامحة في مجال تركيب العطور، ساهما في خلق جو من التناغم بينها وبين جان كلود إيلينا. ونحن بصدد اكتشاف ثمرة هذا التعاون من خلال هذا اللقاء العفوي الذي أجرته Elle Arabia معها..
ELLE Arabia: ما هي أجمل البلاد التي قمت بزيارتها؟
Christine Nagel: لقد قمت بزيارة العديد من البلدان، ولبنان هو من البلاد التي وقعت في غرامها، كما أنوي زيارتها مجدّدا" والذهاب إلى جبل بشرّي لرؤية الأرز الشهير. وفي دعاني السفير اللبناني وزوجته خلال عشاء في لندن لزيارة ونحن في صدد ترتيب هذه الرحلة متى سنحت لنا الفرصة.
E.A: ما الذي جعلك تختارين عالم العطور؟
C.N: أني من أصول سويسرية وفرنسية، وقد درست في سويسرا مادة الكيمياء وكانت أول وظيفة لي في شركة أبحاث وعطور، فأكتشفت عالم العطور وعشقته وقررت التخصص فيه. ولكنّي واجهة الرفض القاطع لكوني أمرأة، وفي ذلك الحين كان هذا العمل مكرّث للرجال فقط. أما اليوم، فمدارس العطور ممتلئة بالنساء! كنت المرأة الوحيدة في هذا المجال، خاصة" أني لست أبنة صانع عطور أو أنحدر من عائلة العطّارين، ولست من منطقة غراس في جنوب فرنسا ودرست الكيمياء... لكنني أمرأة ومثابرة، وبما أنني لم أستطيع دخول مدرسة العطور، كان عليّ معرفة مصدر الروائح من خلال حاسة الشم فقط، وهذا أمر صعب ومعقّد. فعلى سبيل المثال، يجب أن أحدّد مصدر أي رائحة منعشة، فهل هو الحامض أو البرتقال ومن أي منطقة بالتحديد؟ مصرية أو إيطالية؟ عمل دقيق جدا"! ولكني قررت أن أصبح مبتكرة عطور وها أنا اليوم عطّارة... يحتاج ذلك للكثير من العمل والخبرة. واليوم هذه التقنية سمحت لي بالقيام بكل ما أرغب به.
E.A: أخبرينا عن عطرك الجديد...
C.N:عطري الجديد هو Galop وهو مزيج من رائحة الورد والجلد. والمعروف أن الجلد في عالم العطور هو دائما" من الروائح الطاغية والأساسية خاصة" في تركيبة العطور الرجالية. من الجميل أضافة القليل منه في عطور النساء، إنما في عطر Galop استخدمت نسبة" كبيرة. وقد سمحت لي تقنية الشم التي تعلمتها في بدايتي بخلق توازن بين الوردة والجلد. ما يميّز هذا العطر، أنه حين يلمس جلدك، تشعرين وكأنه رقصة متناغمة بين الوردة والجلد.
E.A:هل هو عطر للنساء فقط؟
C.N: أبتكرت هذا العطر للنساء، إنما كل من أختبره من الرجال أكّدوا أنهم لا يمانعون في استخدامه. ربما لأنه عطر يحاكي المرأة المستقلّة والقوية، وأنا أرفض أن يحدد العطر لجنس معيّن. بالنسبة لي العطر هو أمر شخصي... ففي القدم كانت العطور مركّبة من جميع المكوّنات... فمن له حق التحديد؟ عند تناول وجباتنا، هل نحدّد الحلويات للنساء واللحوم للرجال؟ أنه عطر قوي ولكن ناعم في نفس الوقت.
E.A: من أين ولد هذا العطر؟
C.N: أبتكرت هذا العطر بأسلوب حر، فقد ذهبت إلى مخزن الجلود الخاص بدار هيرميس، وهو مكان سرّي للغاية، لا أستطيع حتى أعطائكم العنوان! أنه في العاصمة الباريسية، حيث يحتوي على المئات من قطع الجلود، لذلك يعتبر كنز العلامة. وفورا" عندما لمست هذا جلد، قلت لنفسي هذا عطري... ومنذ ذلك الحين لم تفارقني هذه القطعة الجلدية أبدا".لن أطلب منك شمّها لأنها في حقيبتي منذ سنة، ولكن عند لمسها ستشعرين بعومتها التي تشبه جلد المرأة. ومن هنا ولدت فكرة هذا العطر وقررت أضافة رائحة الورد. وعندما قدّمت العطر للمدير الأبداعي للعلامة، قال لي: "كريستين.. عشقته، هذا العطر سوف ييصر النور!"
من عادتي، في بداية مرحلة الأبتكارأن أضع له أسما".في البداية لقبته روزي كيستر، ولكن في نفس اليوم ونفس المقابلة مع جان بيار ألكسي، جضر مدير متحف العلامة وبيده قارورة عطر قديم أسمه هيرميس رقم 1 والذي ابتكر كهدية أفتتاح أول متاجر لعلامة خارج فرنسا في عام 1929 في مدينة نيويوك، ولم يعرض أبدا" للبيع. قارورة مكسورة وخالية من العطر، رأينا بأنها مثالية لأبتكارنا الجديد. وبعد حوالي شهرين كانت الزجاجة حاضرة. قارورة بسيطة الشكل لكن صعبة التنفيذ. أنها مكوّنة من 13 قطعة مجموعة يدويا" وعالية الكلفة.. وهنا قال بيار ألكسي:" نحن هيرميس... هيا إلى العمل!" وهي تحتوي على خمسين ملل لأن الحجم الأكبر يفقد شكلها الأنيق. كما أن هذا العطرسوف يباع حصريا" في محلات هيرميس. اني سعيدة جدا" لأنه يمكن أعادة تعبئة هذه القارورة، مما يجعلها مناسبا" للنساء في العالم العربي حيث يمكنهن أضافة العود.
E.A: من أين جاء الأسم؟
C.N: أقترح بيار اسم Galop وأعجبني كثيرا". لست من يقرر على الأسم ولكن حين طلب رأيي رأيته مناسب.
E.A: ما هي قصة هذا العطر؟
C.N: إنها رقصة رائعة بين الجلد والورد. فالتزاوج الرائع بين الرائحتين ..... أخترنا للحملة الأعلانية العارضة أوديليا لأنها ترقص بجدارة، ولذا شعرنا أنها تمثّل هذا الععطر لكونها تجمع بين القوّة، الأنوثة والأناقة. في الفرنسية نسميها "باناش". كما هنالك الكثير من الحريّة والأصرار، أنها المرأة التي تثبت قدميها على الأرض وتقود...
E.A: هل يختلف العطر بأختلاف الحضارة، البلد والطقس؟
C.N: أعتقد أن الثقافة ممكن أن تغيير الأمور. العطر يشبه اللوحة، فهو نوع من أنواع الفنون التي قد تنال إعجاب أي شخص مهما" كان. أنها مسألة ذوق وأحساس. أظن أنني في حياتي السابقة شرق أوسطية، لأني أعشق هذه الحضارة. عندما بدأت العمل مع هيرميس، أردت مقابلة النساء من الشرق الأوسط في كل من دبي والبحرين، كما أن لدي العديد من الصديقات اللبنانيات في باريس، اكتشفت أن هنالك ترجمتان لمعنى العطر في الشرق الأوسط: نظرة الشرق والعطورالعربية والعود وأخرى من وجهة نظر دور العطور الغربية. في أعتقادي، النساء الشرقيات تبحث عن أجود أنواع العود وهي حاصلة عليه. أن وضع كمية بسيطة من العود ليس لها معنى. وبعد أن أختبرت مرارا" ما هي الزيوت والعطور المكثّفة التي تستخدمها العربيات عدت إلى فرنسا وعملت بجهد للحصول على هذا العطر. فالرطوبة والحر يلعبان دورا" هاما" في الرائحة وقد يتغير من شخص لآخر وجلدة لأخرى. هذا العطر لا يشبه غيره، يشبه هيرميس فقط!
E.A: وبعد Galop هل من مشروع مجموعة كامة؟
C.N: كلا، أنها مميّز ومنفرد.... لن يكون غيره وسوف يباع حصريا" لدى محلات هيرميس.
E.A: ما هي مشاريعك المستقبلية؟
C.N: أعمل كثيرا"، ولكني سعيدة بذلك. بعد Galop سوف تلتقوني بعد سنة مع عطر جديد.
E.A: احضرت الغرب للشرق، فهل تنوين العكس؟ هل في نيتك تحضيرعطرا" حصريا" لدبي؟
C.N: تجيب ضاحكة... لا أستطيع أن أخبرك عن كل شيء، لكني سوف أعود. اليوم أستوحيت وبعد سنة أعود، كل ما استطيع قوله أنني سوف أعود بأبتكار جديد أنتم قلبه وروحه.
E.A: ما رأيك في مدينة دبي؟
C.N: أبهرتني المرأة العربية ولا سيما الإمارتية. فكما تعرفين، عندما تعيشين في الغرب، فكرتك خاطئة وتنحصرفي المرأة العربية المحجّبة. ولكن عندما قابلتهم فوجئت بحرية التعبير والثقافة وأسلوبهم في الأناقة وتكيّزهم في أختيار أرقى أنواع العطوروأهتمامهم الرائع بمظهرهم... والضحك! أن المرأة العربية فائقة الجمال والحجاب يزيد من جمالها حيث تظهر روعة العيون العربية السوداء والمكحّلة وكأنه أمضاء! أهم سعيدات... وبصراحة لا أجد هذا في الغرب. أني سعيدة لمقابلة النساء العربيات في دبي والبحرين وانه بالتأكيد مصدر كبير لأيحائي.
E.A: ما هو شعارك في الحياة؟
C.N: الجرأة. تجرئي وحاولي... فالجرأة هي الحرية، ومن الطبيعي ارتكاب الأخطاء... وأعادة المحاولة!
E.A: كلمة أخيرة
C.N: تجرّئي....أرتدي العطرالذي يناسبك....أتبعي أحساسك... نتعلم طريقة القراءة والكتابة، آداب المائدة ولكن الأحساس غريزة بشرية... فأتبعي غريزتك وكوني حرة
حاورتها ندى قباني