بصفتها مديرة قسم الفروسية في Hermès، تحافظ كلوي نوبكورت على تقاليد الدار الراسخة بقوّةٍ هادئة ورؤيةٍ ثاقبة. بدءاً من عودة مسابقة Saut d'Hermès إلى Grand Palais وصولاً إلى براعة صناعة السروج الخالدة، تروي كيف يبقى الحصان مصدر إلهام الدار الأول والأخير.
من هو العميل الأوّل لدى Hermès: الحصان، أم الفارس، أم Grand Palais وبيئته الساحرة؟
لقد كانت العودة إلى Grand Palais تجربة ساحرة حقاً، وتجربة مؤثّرة للغاية بالنسبة للكثيرين منا. وبالرغم من أنّ دار Hermès تُنظّم الحدث، بالطبع، إلّا أنّ الفرسان يلعبون دوراً محورياً. بالنسبة للبعض، كانت العودة إلى مكان سبق أن عرفوه من قبل؛ ومع ذلك، فإنّ العودة إلى الساحة تحت ذلك السقف الزجاجي الشهير بقيت لحظة تخطف الأنفاس. ضمّت التشكيلة كلاً من نخبة قفز الحواجز من فئة الخمس نجوم ـ أعلى مستوى في هذه الرياضة ـ والمواهب الشابة الناشئة. فبالنسبة للذين يدخلون إلى Grand Palais لأولّ مرّة، كان الأمر أكثر من مذهل. كان الجمهور أيضاً سعيداً برؤية الخيول تعود إلى هذا المكان العريق، مستعيدةً روحه الأصلية. ففي النهاية، لقد وُلد Grand Palais مع الخيول. بالنسبة لي، إنّه أكثر من مجرّد خلفية. بالطبع، إنّه مكان رائع، لكنّه يلعب أيضاً دوراً فعالاً في أجواء الحدث وسرده. هناك تآزر حقيقي بين المكان والعرض ـ فهما يرتقيان ببعضهما البعض. وهذا ما يجعله فريداً للغاية. ثمّ هناك مجموعة أوسع من محبّي الخيول ـ مجموعة متنوّعة تتراوح بين أولئك الذين يأسرهم جمال الخيول والفرسان المخضرمين من الدرجة الأولى. سواء كانوا وافدين جدد أو فرساناً متمرّسين وأقدمين، فإنّ شغفهم المشترك يوحّدهم.
ما هي رؤيتك العامة لنسخة ٢٠٢٥ مقارنة بالنسخة السابقة؟ جاذبية المغامرة؟ عرض للفروسية؟
كلّ منهم مميّز بطريقته الخاصة، بالطبع. لكن هذه النسخة كانت مذهلة ومؤثّرة بشكلٍ خاص بالنسبة لي ـ لسببين رئيسيين. أولاً، كانت بمثابة العودة الكبرى التي طال انتظارها إلى Grand Palais. كانت هذه في حدّ ذاتها لحظة مؤثّرة. كان هناك انسجامٌ مذهل بين تصميم المشهد والمكان، فقد خلقا شيئاً آسراً بحقّ. كان بإمكانك أن تشعري بسعادة الجميع بالعودة، بدءاً من الفرسان وفريق Hermès وصولاً إلى الموظفين في الموقع وإلى ضيوفنا. بالنسبة لي، كانت هذه النسخة مليئةً بالفرح ـ شعورٌ حقيقي بالبهجة في إعادة التواصل مع هذه المساحة الأيقونية. ثانياً، كان عاماً مليئاً بالمشاعر العميقة، حيث فاز اثنان من شركائنا من الفرسان بالمراكز الأولى. وللتوضيح، لم يكن الأمر مُخطّطاً له! لكنّها كانت لحظةً مُفعمةً بالفخر والمشاعر. انضمّ أحدهما مؤخراً إلى الفريق، مما زاد من أهمية الفوز.
ما مدى أهمية Saut d’Hermès بالنسبة لدار Hermès؟
أعتقد أنّ الأمر، بالنسبة لدار Hermès، يتعلّق بتجسيد ـ إن جاز لي القول ـ حيوية جذورنا. لطالما ألهمت مهنة الفروسية وتراثها العديد من الحرف الأخرى داخل الدار، كما أشرتَ بحقّ. لكن بالنسبة لنا، فإنّ الحفاظ على الأصالة يعني الحفاظ على تلك الجذور حيةً ونشطةً للغاية. نعم، أنا مديرة قسم مهنة الفروسية، وبقدر ما نرى كم من الرائع أن يُلهم هذا العالم الآخرين في جميع أنحاء الدار، من المهم بنفس القدر أن نحافظ على سلامته ـ أن نبقى على طبيعتنا. تُجسّد Hermès، من نواحٍ عديدة، هذا الالتزام. ما زلنا نصنع السروج في مشاغلنا التاريخية بشارع فوبورغ سانت أونوريه. لا يدرك معظم الناس أنّه فوق متجرنا الرئيسي والأبرز، يوجد مشغل سروج ـ ليس متحفاً، بل مساحة إنتاج حقيقية حيث ما زلنا نصنع السروج يدوياً. ومع تكاثر الطلب لقد نمت Hermès، وفي إطار التزامنا بالحفاظ على هذه الحرفة حية، واصلنا تطوير وتحسين نماذج السروج لدينا. واستجابةً لهذا الطلب المتزايد، افتتحنا مشغل جديد في لوفييه، نورماندي، عام ٢٠٢٣، والذي تشمل صناعة السروج وإنتاج المنتجات الجلدية. هذه براهين ملموسة على أنّ قلبنا لا يزال ينبض شغفاً بالفروسية ـ ليس كرمز للماضي، بل كوجود حي ومتطوّر.
كيف تُجسّد Hermès الحرفية والتميّز بأناقةٍ وجمال لا تشوبه شائبة؟
تميّز تييري هيرميس، مؤسّس الدار عام ١٨٣٧، وفي عصره تحديداً، بسبب التباين الذي قدّمته إبداعاته. في ذلك الوقت، كانت أحزمة الخيول غالباً ما تكون مزخرفة وثقيلة ومزيّنة ببذخ. لكنّه اتبع نهجاً مختلفاً تماماً ـ حيث قدّم أحزمة خفيفة، أنيقة وبسيطة. كان هناك سببان رئيسيان وراء ذلك. أولاً، كان الأمر يتعلّق براحة الحصان: فتخفيض الوزن سمح للحصان بالتحرّك بحرية أكبر. ثانياً، كان الهدف هو إبراز جمال الحصان الطبيعي، بدلاً من إخفائه. منذ نشأة Hermès، نجد هذه المبادئ: الراحة، والرقي، ومفهوم "الأقلّ هو الأكثر"، والفعالية. وحتى اليوم، لا تزال هذه القيم في قلب كلّ ما نقوم به. كما وقد اشتهر تييري هيرميس بجودة أحزمة سروجه. وفي Hermès، لا تُعرّف الجودة بالكمال الجمالي ـ بل تُعرّف بالمتانة. وتتمحور حول إنشاء قطع تصمد أمام اختبار الزمن، ويمكن إصلاحها، وصنعت لتدوم. وكما اعتاد روبرت دوماس أن يقول، فإنّ القطعة الفاخرة هي التي يمكنك إصلاحها. هذه الفكرة ـ إلى جانب كلّ ما ذكرته ـ تشكّل حقاً أساس Hermès. بمجرد أن تفهم ذلك، تبدأ في رؤية كيف أنّ هذه القيم موجودة في كلّ ما نصنعه. حتى لو لم يكن المنتج مصنوعاً للحصان اليوم، فإنّه لا يزال بحاجة إلى تجسيد نفس المبادئ: يجب أن يكون مريحاً وعملياً ويتبع فكرة أنّ القليل هو الأكثر. أنت لا تريد زينةً غير ضروريّة ـ وهذه العقلية، وهذا النهج في التصميم، والحرفية، تنبع حقاً من الحصان.
ما نوع الدعم الذي تقدّمونه لكلّ من الفارس وشريكه الأهمّ ـ الحصان؟
أودّ أن أقول أنّه يجب أن نبدأ بالحصان قبل الفارس. وكما نقول غالباً في Hermès، فإنّ الحصان هو العميل الأول. لدينا دور رئيسي نلعبه مع السرج، وهو قلب Hermès. غالباً ما أصفه بأنّه الرابط بين الحصان والفارس. كفارس، ما تحاول تحقيقه هو التواصل مع الحصان. الحصان حيوان كبير، يزن من ٥٠٠ إلى ٦٠٠ كيلوغرام. إذا قرّر القيام بشيءٍ ما، فلا يمكنك إجباره على فعل أي شيء آخر. وإذا حاولت، ستخسر. ما تهدف إليه حقاً كفارس هو هذا التواصل، هذا التعايش مع الحصان. والسرج بمثابة الرابط بين الاثنين. أنت بحاجة إليه لتحقيق التوازن والراحة، لكل من الحصان والفارس. هدفنا كصانعي سروج هو ضمان أن تكون سروجنا مريحة للحصان. لهذا السبب يتمّ تصنيع كلّ سرج خصّيصاً في حالتنا، لضمان ملاءمته المثالية مع الحصان. غالباً ما أعطي مثل الشخص الذي ذهب للمشي لمسافات طويلة بحقيبة ظهر. إن لم تكن حقيبة الظهر متوازنة جيداً، فبعد المشي لمدّة ١٥ أو ٣٠ دقيقة، سيؤلمه ظهره. سيحتاج إلى التوقّف وضبط حقيبة الظهر لديه ثمّ استكمال المشي. وينطبق الأمر نفسه على الحصان ذي السرج غير المتوازن. وأكثر من ذلك، لا يمكن للحصان التوقّف لإعادة توازنه. إنّ دورنا كصانعي سروج هو التأكّد من أنّ سروجنا مصمّمة بشكل مثالي للحصان، مما يسمح له بالتحرّك بحرية. بمجرّد أن نعتني بالحصان، نركّز على الفارس. سيكون الفارس دائماً قادراً على إخبارك بما هو صحّ وما هو خطأ. الخطوة الأولى هي خلق ذلك الاتصال بين الحصان والفارس. ومن ثمّ، من خلال شراكاتنا، نهدف إلى دعم الرياضة وجمالها من خلال التعاون مع أفضل الفرسان.