سارة شاكيل: "الإبداع الحقيقي ينبع من اللحظات العفوية"

الفن هو رحلة اكتشاف الذات، وأحياناً تأخذنا الحياة في مسارات غير متوقّعة لنجد شغفنا الحقيقي. في هذه المقابلة، نتحدث مع الفنانة الموهوبة سارة شاكيل التي تركت عالم طب الأسنان لتكرّس نفسها بالكامل للإبداع والفن. بأسلوبها الفريد الذي يمزج بين البريق والكريستالات، تضيء سارة جوانب خفيّة من الحياة وتعكس رؤيتها العميقة للعالم، مقدّمة تجارب فنيّة تجمع بين التقنيات الرقمية والأساليب التقليدية. 
في هذا الحوار، تكشف سارة شاكيل عن رحلتها الفنية، مصادر إلهامها، ورؤيتها لمعرضها الأول في شرق آسيا.

 

ما الذي دفعكِ للانتقال من طب الأسنان إلى الفن؟

بصراحة، أشعر أن الفن وجدني قبل أن أبحث عنه. أحببت الدقة والصبر اللذين يتطلبهما طب الأسنان، خاصة عند التعامل مع التفاصيل الدقيقة والعناية بالناس، لكن بداخلي كانت هناك دائماً شرارة إبداعية أكبر. ذات يومن بدأت ابتكار تركيبات رقمية كوسيلة لتخفيف التوتّر، وشعرت حينها بأنني وجدت شغفي الحقيقي. منحني طب الأسنان الانضباط ودقة الملاحظة، لكن الفن خاطب قلبي بطريقة لم أستطع تجاهلها.

 

لماذا تستخدمين الكريستالات والبريق في أعمالكِ؟ وماذا يمثلان بالنسبة إليكِ؟

الكريستالات والبريق يشكّلان بالنسبة إلي رمزاً للأمل، فهما يعكسان الضوء بطرق عديدة، مما يذكّرنا بأن الحياة مليئة بالزوايا والاحتمالات المتعدّدة حتى في أصعب اللحظات. عندما أستخدم هذه العناصر، أشعر وكأنني أسلط الضوء على الجمال الخفي في العالم وعلى القوة الكامنة في التفاصيل البسيطة. 

 

ما هو أفضل جزء في تأسيس علامتك واكتساب شهرة عالمية؟

التواصل مع الناس حول العالم هو أفضل جزء بالتأكيد. من الرائع أن أتلقى رسائل من أشخاص في دول مختلفة يخبرونني أن أعمالي الفنية قد منحتهم شعوراً بالأمل. هذه اللحظات تؤكد لي أن الفن يمكنه تجاوز كل الحدود وجعلنا نتشارك المشاعر نفسها. 

 

كيف تمزجين بين الفن الرقمي والفن المادي في أعمالكِ؟

لطالما أحببت الحرية التي يمنحها الإبداع الرقمي عبر إمكانية تركيب الصور، والتلاعب بالتكوين، ونقل المشاهد إلى عوالم خيالية على الفور. لكن في مرحلة ما، أشعر بالحاجة إلى تجربة حسّية وملموسة، وهنا يأتي دور الكريستالات والدهانات والمواد المختلطة، حيث أطبع تركيباتي الرقمية وأضيف إليها يدوياً البريق والقوام المختلف. هو أشبه بتحويل الأحلام الرقمية إلى واقع مادي، وأنا في رحلة دائمة لاكتشاف إمكانيات هذا المزج.
إحدى تجاربي المفضّلة كانت The Great Supper، إذ انطلقت من فكرة "فطور كريستالي" نشرته على إنستغرام، وسرعان ما تطوّرت إلى طاولة عشاء كريستالية حقيقية. ومن هناك، قمت بإنشاء سلسلة من الحلويات المزيّنة بالكريستال كتركيبات رقمية، والتي تحوّلت في غضون عامين فقط إلى أول وأكبر صحراء كريستالية في العالم تم عرضها في الرياض.
واليوم، بفضل الذكاء الاصطناعي، تمكّنت من الارتقاء بإبداعي إلى مستوى جديد تماماً، وابتكرت مؤخراً تصوّراص رقمياً لنظام شمسي مصنوع بالكامل من الأحجار الكريمة، أطلقت عليه اسم Jewel System، وشاركت تفاصيله عبر إنستغرام. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، بدأت بتحويل هذا المفهوم الرقمي إلى عمل فني ملموس، من خلال تركيب كوكبي ضخم في هونغ كونغ بالتعاون مع Swire Properties، ليشمل حتى استكشاف لحظة الانفجار العظيم.

 

ما هو مصدر إلهامكِ؟

بالنسبة إلي، الإلهام الأعظم يأتي من الله. رحلتي الروحية تؤثر بشكل كبير على رؤيتي للعالم، إذ تذكرني دائماً أن هناك قوة أعظم توجّه كل لحظة من الجمال أو النضال أو التحوّل. هذا الوعي يجعلني أرغب في إنشاء فن يحمل معنى أعمق. كل كريستالة، كل بريق، وكل تركيبة هي بمثابة صلاة وتذكير بأننا جميعنا جزء من نسيج إلهي عظيم.

 

هل هناك عمل فني معيّن يحمل معنى خاصاً لكِ ولماذا؟

قد يكون مفاجئاً للبعض أن أول تركيبة فنيّة لي لم تحتوِ على أي كريستالات أو بريق. كانت صورة تلفاز يتفجّر منه سيل من الأدوية والمُسكّنات، وقد عكست حالتي حينها، إذ كنت أعاني من نوبة حساسية شديدة جعلتني بالكاد أتنفس، وأتناول أدوية متعدّدة.
عندما أنظر إلى هذه القطعة الآن، ادرك أنها كانت فوضوية وصادقة، ولم تكن "جميلة" وفقاً للمعايير التقليدية، لكنها كانت حقيقية تماماً. لقد علّمتني تلك اللحظة أن الفن لا يحتاج إلى أن يكون مصقولاً أو مثالياً ليكون له تأثير، بل يكفي أن يكون صادقاً. واليوم، رغم أنني اشتهرت بالكريستالات والبريق، سأحتفظ بهذه القطعة الأولى لأنها تذكرني بأن الإبداع الحقيقي ينبع من اللحظات العفوية، حتى لو لم تكن مغلّفة بلمعان فاخر.

 

ما الرسالة التي ترغبين في إيصالها من خلال فنكِ؟

أرغب في أن يشعر الناس عند رؤية أعمالي بجرعة من التفاؤل. نحن نعيش في عالم مليء بالتحدّيات، وأتمنّى أن تذكّرهم أعمالي بأن هناك دائماً مساحة للأمل، أو حتى بإمكانهم خلقه بأنفسهم. 

 

أخبرينا عن معرضكِ الأول في شرق آسيا وتعاونكِ مع ArtisTree ضمن Swire Properties.

أنا متحمّسة للغاية لعرض أعمالي في هونغ كونغ، فهي مدينة تتميّز بمزيج رائع من التقاليد والابتكار، وهو ما يتماشى تماماً مع نهجي الفني.
كان ArtisTree، تحت إشراف Swire Properties، الشريك المثالي لهذا المشروع، فهم يقدّرون حقاً الحوار الإبداعي والتجارب الغامرة. يحمل المعرض عنوان "نظام الجواهر"، وهو يمثل فصلاً جديداً في مسيرتي، إذ يحوّل تركيباتي الرقمية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي إلى منشآت فنيّة مادية.
استوحيت أعمالي من الكون، وصمّمتُ قطعتين جديدتين: "نظام الجواهر" و"التكوين في الجواهر"، حيث استخدمتُ الكريستالات والمنسوجات المطرّزة لتمثيل الأجرام السماوية ولحظة الانفجار العظيم. جوهر هذا المعرض هو استكشاف كيف يمكن للحرفية التقليدية أن تلتقي بالتكنولوجيا الحديثة لخلق تجربة فنية تبهر الحواس وتوحّد بين الناس.

المزيد
back to top button