رنا القليوبي: الذكاء العاطفي يهدف إلى سدّ الفجوة بين الإنسان والآلة

تسعى رنا القليوبي في مجال عملها إلى إضفاء الطابع الإنساني على التكنولوجيا قبل أن تجرّدنا هذه الأخيرة من إنسانيتنا. هي عالمة مصرية أميركية ورائدة أعمال، كرّست دراساتها وأبحاثها لتُدخل الذكاء العاطفي إلى عالمنا الرقمي. هي شغوفة بالتطوير الأخلاقي ونشر الذكاء الاصطناعي، وفق معايير ومبادئ أخلاقية وتوجيهية. وهي مؤمنة تماماً بدور التواصل البشري في نجاح المجتمعات.
عن علاقة المشاعر بالتكنولوجيا، تحدّثنا الدكتورة رنا القليوبي في هذا الحوار.

 

كيف بدأت عملك في الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي؟

جذبني عالم التواصل بين الإنسان والآلة منذ صغري، وتصوّرت مستقبلاً تكون فيه التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. حصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة كامبريدج كرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي العاطفي (Emotion AI). وبعدها، انضممت إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا كباحثة، حيث طبقت الذكاء الاصطناعي العاطفي في أبحاث التوحّد والصحة العقلية. وخلال فترة وجيزة اتضّح لي مدى تأثير الذكاء الاصطناعي العاطفي في حياتنا فأسست شركتي Affectiva التي تهدف إلى سدّ الفجوة بين البشر والآلات.

ماذا يعني إضفاء الطابع الإنساني على التكنولوجيا وما الهدف منه؟

الاتصال والتواصل أساسيان في المجتمع للنجاح في الأعمال التجارية وفي الحياة بشكل عام. والذكاء العاطفي يكمن في القدرة على تحفيز الناس على التصرّف وكيفية بناء الثقة مع الآخرين. اليوم، بات الذكاء الاصطناعي في كل مكان، ومع الوقت سيتطور أكثر، ولكن رغم أن هذه التقنيات لديها معدّل ذكاء عالي (IQ)، فهي تفتقر بمعظمها إلى الذكاء العاطفي (EQ). لذا كرّست اهتمامي على مدى الـ25 سنة الماضية من أجل تحقيق قدرة التكنولوجيا على فهم المشاعر الإنسانية والتفاعل معها.

 

ما هي الصناعات التي يمكن أن تستفيد من عملك؟

يتم استخدام الذكاء الاصطناعي العاطفي اليوم من قبل 26٪ من أهم شركات العالم التي تُعنى بصناعات متعدّدة، والتطبيقات لا حدود لها. 
بالإضافة إلى أن أكثر من مليون سيارة باتت مجهّزة بتقنيّة مراقبة السائق، وهي تقنية خاصة بنا تهدف إلى مراقبة حالة السائق، إذا كان مشتّتاً أو نائماً، والإبلاغ عنها. فمن خلال تحليل تعابير الوجه والنغمات الصوتية وغيرها من الإشارات غير اللفظية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح أكثر فعالية.

ما هي التحديات التي واجهتها وكيف تغلبت عليها؟

كرائدة أعمال مصرية أمريكية، كان من الصعب جداً تأمين التمويل اللازم لتأسيس شركة Affectiva. ولكن مع مرور الوقت، أدركت بأن النجاح يأتي نتيجة التغلب على الخوف وتعزيز الثقة بالنفس بالإضافة إلى الشجاعة والمثابرة. كانت رحلتي طويلة، بالأخص مع تربية طفلين كأم عزباء (جنى 20 عاما، وآدم 14 عاما). وقد تحدّثت عن تجربتي الطويلة في كتابي “Girl Decoded: A Scientist’s Quest to Reclaim Our Humanity by Bringing Emotional Intelligence to Technology” لتكون إلهاماً للشابات الحالمات.  

 

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

حالياً أمضي الكثير من الوقت في دعم الجيل الجديد من مؤسسي الذكاء الاصطناعي، والشركات التي سيكون لها تأثير كبير وإيجابي على البشرية. كما شاركت في تأسيس صندوق الذكاء الاصطناعي للمشغّلين، وهو مشروع يهدف إلى الاستثمار في الشركات الناشئة المتخصّصة في هذا المجال، من خلال بعض التطبيقات في مجال الصحة، وتحديداً الصحة العقلية، بالإضافة إلى الروبوتات والتصنيع الرقمي. 

مجال التكنولوجيا غير متنوّع، ما الذي تقومين به لإحداث تغيير؟ 

أسعى إلى تغيير مفهوم الذكاء الاصطناعي بحيث يصبح قادراً على تمثيل البشرية كلّها. بالإضافة إلى سعيي الدائم لدعم النساء الرائدات في هذا المجال من خلال صندوق الاستثمار الخاص بي. فالمساعدات التي تأتي للشركات الناشئة التي أسستها سيدات هي أقل من 3٪ من إجمالي التمويل، حتى أنها تصبح أقل للشركات المتخصّصة بالذكاء الاصطناعي. 

 

ما هي نصيحتك لمن يرغب في دخول هذا المجال؟

الذكاء الاصطناعي هو مجال سريع التطوّر، لذا عليهم التمتع بالفضول وحب الاطلاع. كما أنصحهم بالاستفادة من الأدوات الجديدة المتوافرة مثل ChatGPT و MidJourney، والسعي دائماً إلى تعلّم المزيد وتعزيز المعرفة والمهارات. كما أن التواصل مع قادة الذكاء الاصطناعي من خلال حضور اللقاءات والجلسات الحوارية الخاصة بموضوع الذكاء الاصطناعي سيدعم مسيرتهم.

كيف أثرت جائحة كوفيد على مهمتك؟

لا شك بأن جائحة كوفيد ألقت بثقلها على عالمنا وتركت الكثيرين في حالة من التوتر والقلق والعزلة. ولكنها ساهمت في تعزيز مجال الذكاء الاصطناعي العاطفي بحيث أصبح بإمكاننا اكتشاف مستوى قلق الشخص عن بعد والتدخل في الوقت المناسب. كما ساهمت الجائحة في انتشار الذكاء الاصطناعي بشكل سريع وتبنّيه على نطاق واسع في عملية تشخيص الصحة العقلية ودعهما. 

المزيد
back to top button