حديث خاص مع سارة حمدان المحرّرة والصحفية الفلسطينية الأميركية

تتحدّث المحرّرة والصحفية الفلسطينية الأميركية ومؤلّفة كتاب What Will People Think عن الروابط الإنسانية التي أغنت حياتها. إنّها تشعل القلوب بروايتها الأولى، وتشاركنا بعض اللحظات التأمّلية والملهمة من رحلتها عبر أزمة الهوية، والحبّ، والعلاقات، والأحلام التي أصبحت حقيقة!

 

حبّي لرواية القصص جاء من العيش في العديد من الأماكن المختلفة في سنٍّ مبكرة. أنا مواطنة أميركية ولدت في الكويت. انتقلت عائلتنا إلى كاليفورنيا لنعيش مع أقاربنا بعد حرب الخليج. بعد ذلك، أنهيت الصف الأول في كاليفورنيا، والصف الثاني في تونس، ثمّ الصف الثالث حتى المدرسة الثانوية في أثينا، اليونان. لقد منحني هذا التعرّض للعديد من الثقافات المختلفة تقديراً لجميع أوجه التشابه التي نتشاركها جميعاً.

لقد كتبت روايتي بشكلٍ متقطّع على مدى عشر سنوات، وأبرزت فيها امرأتين عربيتين أميركيتين في دور البطولة (إحداهما ممثلة كوميدية!) لأنّني أعتقد أنّ لدينا الكثير من الجمال الذي يمكن مشاركته من ثقافتنا. أردت أن أكتب عن امرأة شابة في نيويورك تحاول فهم هويتها الثقافية بشكلٍ أفضل ولو بقليل، استناداً إلى تجربتي الخاصة عندما كنت أعيش في المدينة. أردت أيضاً أن أوضح أنّه يمكننا الحصول على رواية جميلة تظهر فيها أنثى عربية أميركية كشخصية رئيسية ـ مجرّد امرأة عادية تحبّ رجلاً قد لا يكون مناسباً لها، قلقة بشأن مهنتها، تحاول ألّا تأكل كامل طبق البطاطس المقلية... مشاكل الناس العاديين. على الأقل، في الخيال، قد نتمكّن من تحقيق ذلك…

أشعر أنّ النجاح مستحيل بدون حواجز تعترض طريقك. إنّ المرونة التي تكتسبينها خلال الأوقات الصعبة هي التي تساعدك على بناء قوّتك وعضلاتك للصعود إلى القمة. قبل كتاب "ماذا سيفكّر الناس؟"، كنت قد كتبت مخطوطة قوبلت بالرفض من عشرات الأشخاص، وتساءلت عما إذا كنت غير كفوءة إلى هذه الدرجة. لقد كنت أمّاً عاملة دائمة الإنشغال، وتتعامل مع الوباء والحزن على فقدان الأصدقاء الأعزّاء فوق كلّ شيء ـ فهل كان الأمر يستحقّ تخصيص الكثير من الطاقة لمخطوطة قد لا يكون لها أي مستقبل على الإطلاق؟ كان عليّ أن أتغلّب على هذه المشاعر، وأن أحسّن حرفتي، وأن أحفر بعمق لكتابة قصة أولية ملؤها العاطفة.

لدي علاقة مضحكة بالهوية، لأنّني عشت في العديد من الأماكن المختلفة وأعتبر نفسي طفلة من أبناء الثقافة الثالثة. أجدادي فلسطينيون، لكن أنا ووالداي لم نزُر بلدنا قطّ. كثيراً ما أتساءل عما إذا كان حبّي لليونان، حيث عشت جزءاً كبيراً من حياتي، يعود جزئياً إلى أُلفتي المجهولة منّي بأرضي، فلسطين ـ ببساتين الزيتون، وزيت الزيتون، والرقص على طراز الدبكة. وكلاهما لهما تاريخ يعود إلى آلاف السنين.

عندما كنت أعيش في أميركا كطالبة، لم أشعر مطلقاً بأنّني أميركية تماماً. وعندما عشت في دبي بعد سنوات، لم أشعر قط بأنّني عربيّة تماماً. لا أستطيع تحمّل الشيشة ولغتي العربية تبدو وكأنّني تلميذة في الصف الثالث. كان عليّ أن أشقّ طريقي بنفسي، وكانت دبي مكاناً رائعاً بالنسبة لي للقاء زملائي غير الأسوياء ـ والأهمّ من ذلك كلّه، زوجي، وهو لندني نصف إيرلندي ونصف فلسطيني ولد في الكويت أيضاً. لقد اجتمعت النجوم لصالحي مرات عديدة خلال وجودي في دبي: لقاء رفيق روحي، الفوز بجائزة نتفليكس، تربية طفلينا الجميلين، الحصول على صفقة الكتاب ـ لقد كانت دبي المكان الذي تتجلّى فيه الأحلام بالنسبة لي. وإنّ المرونة التي بنيتها مستوحاة من هذه المدينة الجميلة ـ نشأت فيها، وأخطأت فيها، وأبدعت فيها. وهذا فوز جماعي لنا جميعاً.

 

"كأميركيين فلسطينيين، يبدو أنّ مجرّد وجودنا هو شكل من أشكال الاحتجاج أو بيان سياسي. في الواقع، نحن من الجيل الثالث، أطفال الثقافة الثالثة الذين تمثّل حياتهم أزمة هوية متطوّرة. نصلّي قليلاً ونلعب قليلاً. غالباً ما نرتبك كثيراً"- مقتطف من القصة القصيرة الحائزة على جائزة نتفليكس وجزء من ?What Will People Think.

المزيد
back to top button