تؤمن الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي بالقوّة العلاجية للفنّ، والثقافة، والعلاقات. إنّها المؤسِّسة صاحبة الرؤية لمهرجان "تنوير" في الشارقة الذي يقام هذا الشهر، وهذه هي الطريقة التي تبني بها جسور السلام والتسامح، وتربط الثقافات، وتجمع وتوحّد الفنّانين المبدعين من جميع أنحاء العالم لتعزيز السلام والتفاهم.
وتقول الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، التي استلهمت رؤيتها للمهرجان من الحكمة العميقة والروحانية للشاعر الفارسي والصوفي جلال الدين الرومي في القرن الثالث عشر: "تنوير أكثر من مجرّد مهرجان ـ إنّه مساحة للحوار والتعافي، يذكّرنا بأنّ التعبير الإبداعي يمكن أن يلهم الأمل، ويعزّز القبول، ويرسي السلام". يجمع مهرجان تنوير المواهب الناشئة والمشهورة في الفنّ، والثقافة، والموسيقى، والشعر، ويقام الفصل الافتتاحي لمهرجان تنوير في صحراء مليحة في الشارقة تحت شعار "أصداء الحبّ والنور الخالدة". ويتضمّن المهرجان الذي يستمرّ ثلاثة أيام عروضاً لفنّانين بارزين مثل سامي يوسف، وسيني كامارا، وزياد سحاب، وجوليان بريتون، وأنس الحلبي وغيرهم الكثير.
وتبقى الروابط العاطفية والتأمّلات الثقافية من خلال الفنّ، والشعر، والموسيقى، جزءاً لا يتجزّأ من المهرجان، وهو الجانب الذي تحرص الشيخة بدور على تحقيقه بالنسبة لموضوع توحيد الناس. وقالت: "في الأوقات الصعبة، لا يربطنا الفنّ فحسب، بل يساعدنا أيضاً على الشفاء، ويرشدنا نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً وأكثر اتحاداً"، مؤكّدةً على توافق رؤية المهرجان ورؤية الشارقة المتمثّلة في إلهام مجتمع أكثر اتحاداً وتعاطفاً. العالم يستخدم الفنّ، والثقافة، والإبداع لتعميق التفاهم. عند النظر في المشاعر المرتبطة بالفنّ، والثقافة، والأرض، والتراث، والهوية، هناك ارتباط متأصّل بالرحمة، والتسامح، والاحترام داخل كلّ مجتمع تقدّمي، ويصبح هذا حجر الزاوية في مهرجان "تنوير".
ومع الأخذ في الاعتبار أهمية الحفاظ على التراث، فإنّ الفعالية التي أقيمت في مليحة لها أهمية كبيرة، بحيث يعود تاريخها إلى ١٢٥ ألف سنة باعتبارها إحدى أقدم المستوطنات المعروفة في شبه الجزيرة العربية. تقول الشيخة بدور: "إنّ تاريخ مليحة الغني ومناظرها الطبيعية الخلّابة يوفّران الخلفية المثالية لمهرجاننا، حيث تمزج بين العناصر القديمة والمعاصرة، تماماً مثل هدفنا المتمثّل في دمج التقاليد مع الإبداع الحديث". وتتجاوز رؤيتها القيود الجسدية، وتتواصل رؤيتها مع الناس والكوكب، وتقدّم هدفاً متجدّداً من خلال التفكير. وتقول: "آمل أن يلعب مهرجان "تنوير" دور بطل للأمل والمجتمع ـ مساحة تجتمع فيها الأصوات ووجهات النظر المتنوّعة معاً، مما يشعل روحاً جماعية تحتفي بإنسانيتنا المشتركة". يشمل جانب الاستدامة في المهرجان جميع المشاركين الذين يتبعون سياسة الاستدامة في الشارقة، وقد اعتمد البائعون استخدام المواد المستدامة واستخدموا استراتيجية خالية من التأثير والحدّ الأدنى من النفايات في جميع تخطيطاتهم.
تبدو فكرة اختبار الطبيعة، والسلام، والوئام بمثابة ترف لأولئك الذين لديهم عائلات وأصدقاء يعيشون في مناطق النزاع، لكن المهرجان يتماشى أيضاً مع سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن التسامح والتعايش. توضح الشيخة بدور: "إنّ العنصر الأساسي لمهرجان "تنوير" متجذّر في ثلاث ركائز أساسية: "الموقّر"، و"المغذّي"، و"التحويلي"، والتي تقدّم مجتمعةً رسالة تعزّز التسامح والاحترام بين جميع الثقافات". ومن خلال تكريم الممارسات التقليدية، والانغماس في الرفاهية الشاملة، يتمّ منح الزوّار مساحة "لإعطاء الأولوية لصحتهم الجسدية، والعقلية، والروحية من خلال الغذاء الصحي وممارسات الوعي الذهني"، كما تقول الشيخة بدور التي سلّطت الضوء على أهمية الرعاية الذاتية من أجل إحساس أعمق بالذات، والمجتمع والانتماء. وتؤكّد: "تخلق هذه الركائز معاً جوّاً متناغماً حيث يكون الفنّ بمثابة وسيلة قوية للتواصل والشفاء والنمو ودعوة جميع الثقافات لتجربة القبول والتفاهم في دولة الإمارات العربية المتحدة".
بدءاً من المأكولات الشهية التي تحتفي بالمأكولات الإقليمية، وصولاً إلى الحرفيين المحليين الذين يعرضون أعمالهم الفنّية وحرفهم اليدوية، هناك الكثير مما يمكن الاستمتاع به لجميع الأعمار. فكّري في الجولات المصحوبة بمرشدين في المواقع الأثرية القديمة و"وادي الكهوف"، جنباً إلى جنب مع مشاهدة القمر، والطيران المظلّي، وركوب الخيل، و"التخييم" حيث يمكن للزوّار إما إحضار خيمة أو استئجارها لتجربة رائعة حقيقية في أرجاء الطبيعة ومعها.
المهرجان، الذي يقام في الفترة الممتدّة من ٢٢ إلى ٢٤ نوفمبر، هو المهرجان الذي تعتزم الشيخة بدور تأسيسه ليكون بمثابة محفّز للتغيير. وتقول: "من خلال مهرجان "تنوير"، نهدف إلى رؤية التحوّل في مجتمعاتنا على مدى السنوات الخمس المقبلة، حيث أنّ الناس سيطوّرون احتراماً عميقاً لماضينا القديم وارتباطاً قويّاً بالطبيعة الأم، من أجل عالمٍ رحيمٍ وواعٍ". ويبدو أنّ هذا هو بالضبط ما نحتاج إليه جميعاً.