إلهام صفي الدين: "الشهرة طريقها شاق وإلهام شاهين مثلي الأعلى"

منذ صغرها، كانت إلهام صفي الدين محاطة بعالم السينما، فكبرت بين الكاميرات والأضواء، تراقب التفاصيل وتطرح الأسئلة بشغف كبير. ورغم أنها تنتمي إلى عائلة فنيّة عريقة، فضّلت أن تشق طريقها بنفسها، معتمدة على موهبتها الفريدة وإصرارها على التميّز. في فترة قصيرة، استطاعت إلهام أن تترك بصمتها في عالم التمثيل، حيث وقفت أمام كبار نجوم السينما المصرية وأبهرت الجمهور بأدائها العفوي والصادق. بين تجسيد الأدوار المركّبة وخوض تجارب سينمائية غير تقليدية، تعيش إلهام رحلتها الفنية بروح متجدّدة، ساعيةً لاستكشاف آفاق جديدة، سواء في اللغة، أو النوع الفني، أو حتى في كسر القوالب النمطية.
في هذه المقابلة، تكشف إلهام عن شغفها العميق بالفن، عن الشخصيات التي أثرت بها، والتحدّيات التي واجهتها، كما تتحدث عن مشاريعها المقبلة.

 

ما الذي دفعكِ إلى اختيار التمثيل وكيف ساهمت هويّتك اللبنانية - المصرية في تشكيل شخصيتكِ وأسلوبكِ الفني؟

لطالما كان الإبداع وسيلتي المفضّلة للتعبير عن ذاتي، وكان الفضول هو الدافع الأساسي لي. عائلة والدتي تعمل بالكامل في صناعة الأفلام، وبالتالي أمضيت طفولتي ونشأتي في مواقع التصوير، أطرح الكثير من الأسئلة حول كل ما يحدث من حولي، من طريقة عمل الكامير إلى الهدف من استخدام الميكروفون وصولاً إلى الإضاءة وتأثيرها على التصوير الليلي... إلا أن أكثر ما كان يدهشني هم الممثلون وأداؤهم المؤثر. وقد حالفني الحظ بداية مسيرتي في التمثيل، أن عملت إلى جانب أكبر الأسماء في الصناعة المصرية. وعلى الرغم من أنني لم أمثل في لبنان بعد، فأنا متحمّسة جدًا لهذه التجربة، فالثقافة في لبنان مختلفة تماماً، وأعتقد أنني سأتمكن من إظهار جانب جديد مني لم يُكشف بعد – شخصيتي اللبنانية، التي تشكل جزءاً كبيراً من هويتي.

 

كونكِ إبنة شقيقة الفنانة الكبيرة إلهام شاهين، كيف أثر ذلك على مسيرتكِ الفنية؟ وهل كان لهذا الرابط العائلي دور في توجيهكِ نحو عالم التمثيل؟

إلهام شاهين كانت دائماً مثلي الأعلى في التمثيل. لقد صنعت إرثها من الصفر، وأكنّ لها كل التقدير والاحترام. ولكن عندما بدأت رحلتي في صناعة الأفلام، أردت أن أشقّ طريقي بنفسي دون العودة إلى أحد، وأعتقد أنني كنت أريد أن أختبر قدراتي على اتخاذ القرارات، وها أنا أشعر اليوم بكل فخر وثقة بما حقّقته. كنت أعلم أن طريق الشهرة طويل وشاق، والتمست هذا الأمر من خلال الأحكام التي كان يطلقها الناس على إلهام شاهين دون أن يعرفوها حقاً. لذا، اتخذت على نفسي عهداً بألا أسمح للضوضاء الخارجية والآراء السلبية بالتأثير عليّ، ولكن هذا الأمر ما كان ليتحقّق وما كنت لأكون بهذه القوّة من دون دعم خالتي وعائلتي بأكملها.

 

شاركت في العديد من المسلسلات الرمضانية والأفلام القصيرة، أي نوع من الأدوار تجدينه الأقرب إلى قلبكِ ولماذا؟

حصلت على فرص كثيرة اتّسمت كل واحدة منها بطابعها الفريد، وأنا أقدّر هذا التنوّع وأجد متعة في استكشاف شخصيات مختلفة ذات خلفيات ومشاعر متباينة، كما أتمنى أن أتمكن من التمثيل بلغات متعدّدة. ومن بين الأعمال التي شاركت فيها، كان مسلسل إمبراطورية م وهو العمل الأقرب إلى قلبي، إذ أعاد إلي سنوات المراهقة التي كنت قد بدأت أنساها. لعب دور مايا صاحبة الشخصية العدوانية وصعبة المراس والتي عانت كثيراً، وكان من الصعب إيجاد القواسم المشتركة بيني وبينها دون أن أتأثر عاطفياً. بالنسبة إلي، كانت تجربة مذهلة جعلتي أشعر أنني في أفضل حالاتي كممثلة عندما أكون ضعيفة وصادقة.

 

فيلم My Girlfriend هو أول فيلم مصري قصير يدخل المسابقة الرسمية في مهرجان فينيسيا السينمائي، كيف تلقيتِ هذا الخبر؟ وما الذي تعلّمتِه من هذه التجربة العالمية؟

فيلم My Girlfriend كان أول عمل سينمائي أشارك فيه، وأمضينا شهرين متواصلين في التدريبات قبل بدء التصوير. عندما وصلنا إلى موقع التصوير، كنا نعرف تماماً ما علينا فعله وهذا ما جعل الفيلم يخرج بشكل طبيعي . كان شرفاً لي أن أكون جزءاً من هذا المشروع إلى جانب مارك هاغار ومخرجتنا المذهلة كوثر يونس. عندما علمت بقبول الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية السينمائي، شعرت بفرح كبير إذ لم أتوقع أبداً أن يصل أول أفلامي إلى هذه المرحلة. هذه التجربة جعلتني أنظر إلى السينما من منظور مختلف، وأقدّر الأفلام الفنية التي تخرج عن النمط التجاري السائد. 

 

هل هناك شخصية تحلمين بتجسيدها في المستقبل؟ ولماذا؟

أعتقد أنه من الصعب جداً تجسيد شخصية واقعية إذ يتطلب الأمر جهداً هائلاً لنقل تفاصيلها بدقة، ويحتاج إلى ساعات لا تُحصى من التمارين المستمرة لإتقانها، على عكس ابتكار شخصية من الصفر، كما نفعل عادةً. ولكن في المستقبل، سيكون لي بالتأكيد الشرف أن أجسد دور إلهام شاهين. لقد مرّت بالكثير وأنا شخصياً عايشت كل الصعوبات التي واجهتها للوصول إلى ما هي عليه اليوم. لا أحد يستطيع أن ينصف قصتها تماماً، ومع ذلك أودّ المحاولة.

 

أخبرينا عن مشاريعك الجديدة

سأكشف لكم عن مشروع لم يظهر إلى العلن بعد، وهو فيلم روائي أعمل عليه بنفسي يتناول التأثيرات النفسية للاعتداء الجنسي. للأسف، لا يزال هذا الموضوع يخضع للخطوط الحمراء في العالم العربي، لكن مع مرور السنوات، أصبحت النساء أكثر جرأة في رفع أصواتهن لنشر الوعي ودعم بعضهن البعض. آمل أن يفتح هذا الفيلم المجال للحوار، لأن الصدمة الناتجة عن مثل هذه التجربة لا يجب الاستخفاف بها. أتمنى أن أشارك باستمرار في مشاريع تكسر المحظورات وتعزّز التغيير الاجتماعي.

 
المزيد
back to top button