تتغير فكرة الجمال باستمرار. لأجيال مضت، كان تعريف الجمال عبارة عن قوام نحيف وخصر ضيق وخصائص متناظرة لإكمال ما يسمى بالجمال المثالي. اليوم، وبفضل الحركة العالمية التي تدعم مبدأ تقبّل الذات والتمكين، يفسح العالم ببطء المجال للجميع للشعور بالجمال (الكل)، النساء من مختلف الأعراق والأحجام وتلك المصابات بالبهاق أو ذات الشعر الرمادي أو التجاعيد، فالعالم يرجب بالجميع (أخيرًا).

 

وأخيراً، وبعدما فتحت نافذة العالم على هذا المنظور، تكتسب المزيد من دلالات الإدماج زخمًا سريعًا مع اعتناق العديد من الأفكار الجديدة عن النموذج التقليدي خاصة ًعندما يتعلق الأمر بالتصورات التقليدية بأن الجمال والعقول محصروة إلى حد ما، أو وجودالجمال أو العقل وليسا كلاهما.

 

والمثال على ذلك ملكة جمال عارضات الأزياء في العالم العربي لعام 2019. نعم، عادةً ما يستحضر لأذهاننا مهرجان من المتباريات بوجوه منمّقة وفساتين برّاقة، حيث تتألق معظم المتسابقات من الخارج ولكن نادرًا من الداخل. لكن بدت مسابقة العام الماضي الدولية المرغوبة على خلاف ذلك؛ في مؤسسة تتاجر في الوهم والغموض، تم تتويج شابة لامعة ورائعة وجميلة باللقب المقدس، تزيّنت بالتاج والوشاح.

 

وقد صرّحت صوفيا السعيدي، 25 سنة، وهي مواطنة مغربية:"من أهم الصور النمطية لملكات الجمال هي أنهن فقط- جمال بلا عقل. لكن بالنسبة لي اعتبرت تطوّري الأكاديمي دائمًا من أهم أولوياتي"، "لقد حصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال الدولية ودرجتي ماجستير في الإدارة الإستراتيجية، إحداهما في بحث من جامعة فرساي حيث كنت طالبة متفوقة والثانية من جامعة باريس 2 بانتيون- أساس University Paris II Panthéon- Assas." بالإضافة إلى تعليمها المثالي وإنجازاتها الأكاديمية الممتازة، فتعتبر سيرتها الذاتية مثيرة للإعجاب. لقد شغلت مناصب في بعض أكبر الشركات الفرنسية كمديرة مشروع في قطاع الحرارية والنووية والسيارات، وهي اليوم تمتلك شركة استشارية خاصة بها. "بالكاد لدي الوقت لنفسي أحيانًا ، لكن لا يمكنني أن اشتكي لأنني لن اتحمل وظيفة كلاسيكية منالساعة التاسعة إلى الخامسة". نعم ، صوفيا ليست فقط وجه جميل وعادي، إنها ما تمثّل اليوم المرأة العصرية الناجحة، الجمال والعقل والشخصية، شخص قد تغلّب على القيود النمطية التي فرضها عليها عالم .


"أن أكون ملكة جمال العرب قبل أي شيء هو وسيلة بالنسبة لي لنقل رسالة إلى مجتمعنا مفادها أننا كنساء أحرار". ولا يتوقع المرء أي شيء أقل من شخص منتخب أن يكون قدوة لملايين الفتيات العربيات الشابات في جميع أنحاء المنطقة واستحقاق لقبها. "أن أكون ملكة جمال العرب قبل أي شيء هو وسيلة بالنسبة لي لنقل رسالة إلى مجتمعنا مفادها أننا كنساء أحرار. للأسف، المرأة تواحه العديد من التحديات باستمرار فن البلدان العربية بما في ذلك المغرب، وصراعّا دائمًا من أجل الحرية ، سواء فيما نختار ارتداءه، أو الوظيفة التي نريد ممارستها أو حتى مجرد حرية التعبير عن أنفسنا في مجتمع ذكوري علني. " يُحكم علينا باستمرار، ونشعر بالذنب من قبل الرجال على وجه التحديد. أريد أن أوضّح للفتيات أن لا يمتلك أحد أي حق في الحكم علينا أو التحكّم في سلوكنا أو اختياراتنا أو حياتنا ".

 

وبفضل هذا ا التعطّش والدافع لقيادة التغيير في مجتمعها، تم إعادة تتويج صوفيا للسنة الثانية كملكة جمال العرب 2020 بسبب إلغاء المسابقة وسط طروف الوباء العالمي المستجد، وهو دور تتلهّف للمشاركة فيه مرة أخرى "سأواصل الدفاع عن قضيتي لتمكين المرأة العربية". عام آخر، إنجاز آخر ستضيفه إلى قائمتها المتزايدة باستمرار، والأهم من ذلك، تذكير بأنه - للأجيال الصاعدة من الشابات اللامعات- من الممكن الحصول على كل شيء.


 

المزيد
back to top button