نادين لبكي: "من وراء الموج قضيّة إنسانية تُروى من منظور طفل"

في عالم السينما، قليلٌ من الأفلام تنجح في ملامسة القلوب بعمق كما يفعل فيلم "من وراء الموج". هذا العمل الذي يجمع بين الدراما الإنسانية والرؤية السينمائية المميزة يسلّط الضوء على قضايا نعيشها اليوم ولكن بأعين الأطفال. في هذا الحوار الخاص، تحدثنا المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي عن تجربتها الفريدة في هذا العمل وعن تعاونها مجدّداً مع زين وريمان وعن تجربتها مع المخرج ماتي براوني.

 

ما هو شعورك تجاه العمل مجدّداً مع زين وريمان من خلال فيلم "من وراء الموج"؟

أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعتني للمشاركة في هذا الفيلم هو لقاء زين وريمان من جديد. كانت تجربة العمل معهما في الماضي، وخاصةً مع زين في "كفرناحوم"، تجربة استثنائية تركت أثراً كبيراً في حياتي. رؤية زين مرة أخرى، بعدما أصبح شاباً ناضجاً ووسيماً، كانت لحظة مؤثرة بالنسبة إلي، إذ لم أره منذ أن كان في الـ12 أو الـ13 من عمره. التغيرات التي مرّ بها زين وريمان، بعد أن انتقلا للعيش في بلد مختلف وخاضا تجارب جديدة، كانت مثيرة للاهتمام. شعرت بفضول كبير لمعرفة كيف تطورت حياتهما وكيف أصبحا اليوم وماذا يدور في ذهن زين الشاب الناضج.

 

فيلم "من وراء الموج" فيلم مؤثر جدًا وعميق. ماذا يعني لك العمل على هذا المشروع؟

العمل على هذا الفيلم كان ذا مغزى عميق بالنسبة إلي، لأنه يتناول قضية إنسانية تُروى من وجهة نظر طفل. غالباً ما يُغفل العالم عن رؤية الأمور من منظور الأطفال، خاصةً عندما يمرون بتجارب صعبة وقاسية لا يستطيعون التعبير عنها أو شرحها. هذه الفكرة لامست قلبي بشدة، لأنها تسلّط الضوء على الجانب الذي لا ننتبه إليه عادةً كأشخاص بالغين.
كلما شاهدت أطفالاً يعانون، كنت أفكر: ماذا يدور في أذهانهم؟ كيف يشعرون تجاه الكبار الذين ساهموا في هذه المعاناة؟ وما هي وجهة نظرهم حول العالم؟ الأطفال هم دائماً الأكثر تضرّراً من قرارات الكبار، وهذا ما يجعل قصّتهم مؤلمة ومؤثرة للغاية. الفيلم يمنحهم صوتاً، وهو أمر شعرت بأهمية كبيرة في تسليط الضوء عليه.

 

رحلة ياسمين في الفيلم مليئة بالعواطف. ما هي التجارب أو الأفكار التي أثرت في طريقة تقديمك لهذه الشخصية؟

عندما قرأت الفيلم للمرة الأولى، لم أستطع إلا أن أفكر في إيلان كردي، ذلك الصبي الذي وُجد ملقى على الشاطئ في تركيا قبل بضع سنوات، لأنه لم يتمكن من النجاة. أتذكر تساءلت ما الذي كان يدور في ذهنه في تلك اللحظات الأخيرة، وما الذي كان يشعر به وهو يكافح لالتقاط أنفاسه الأخيرة، وكيف كان يرى العالم من حوله، وكيف كان ينظر إلى الكبار الذين وضعوه في هذا الوضع المؤلم. أفكر في هذا الطفل في كل مرة أرى الفيلم أو أتأمل فيه، وأنا سعيدة أن الفيلم يروي القصة من وجهة نظر طفل.

 

كيف كانت تجربتكِ في العمل مع المخرج ماتي براون؟ وكيف أثّر أسلوبه في سرد القصّة والإخراج على أدائك؟

لقد تأثرت بشدة بأسلوب ماتي براون في تناول الفيلم والقصة. منذ حديثنا الأول، لفتني عمق نظرته للحياة التي تشكلت من خلال تجاربه الشخصية، والطريقة التي تمكن بها من التواصل العميق مع قصة هؤلاء الأطفال، رغم أنهم ينتمون إلى ثقافة مختلفة تمامًا عن ثقافته. لقد كان إحساسه بمعاناتهم ومشاعرهم واضحاً للغاية، وترك في نفسي أثراً كبيراً.
ما أثار إعجابي بشكل خاص هو رغبته الصادقة في تسليط الضوء على تجاربهم ونقل أصواتهم بصدق وحساسية. كان من الواضح لي أنه فهم تماماً ما يمرّ به هؤلاء الأطفال من مشاعر وتحدّيات وحتى آلام. هذا الفهم العميق والتزامه بسرد قصتهم بشكل صادق جعلني أثق برؤيته وأشعر بالحماس للتعاون معه في هذا العمل.

المزيد
back to top button