تحدّي القوّة النظاميّة هو فرض هوية محدّدة على الشخص. تتمّ هذه العمليّة من خلال وضع الشخص داخل فئات ثنائيّة ثابتة، على غرار الفئة الطبيعيّة/غير الطبيعيّة، بهدف تصنيف الشخص والتحكّم به وضبطه. تثبت الاستراتيجيات التنظيميّة أنّها جذابة للغاية بحيث إنّ الشخص يختار طوعاً الالتزام بهذا التصنيف المحدّد، مطالباً بالحصول على مكانته المحدّدة داخل الهيكليّة الاجتماعيّة. ضمن هذا الإطار المرجعيّ، إنّ تنظيم الكائن الحيّ يستخدم مفهوم الهوية كأداة للتحكّم البيولوجيّ - السياسيّ (ميشال فوكو).

 

وبالتالي فإنّ الهوية ليست مسألة طبيعيّة ولا فئة محدّدة مسبقاً يمكن فرضها عن طريق العنف. ليست واقعاً ثابتاً لا يتغيّر، بل هي هيكليّة اجتماعيّة وثقافيّة، وبالتالي هي مسألة تتمحور حول الاختيار، الالتحاق والابتكار. وهكذا تكون الهوية عملية لامتناهية، تبحث عن تعريفات جديدة في كلّ مرّة. الوعي بشأن الهيكليّة الاجتماعيّة لكلّ شيء، حتى بشأن من نكون عليه، تفتح المجال أمام إمكانيات جديدة للاستكشاف. نطاق من الحرّية والمسؤوليّة حيث يمكن لأيّ شخص أن يصبح من يريد أن يكون عليه، وحيث إنّ التوقّعات الاجتماعيّة والرغبات الشخصيّة تعود إلى المعادلة.

 

المسائل غير الموضوعيّة التي تجسّد انتقال "" إلى هذا النطاق، تتمحور حول الأخلاق والسياسة في الوقت نفسه. فهي تمثّل الدعوة إلى أن نكون غير تقليديين، وعدم الالتزام بنماذج الهوية الأحاديّة والموجّهة من أطراف وعوامل خارجيّة، والتشجيع على نشر أساليب التفكير الأخرى بشأن أنفسنا والتي تقدر على خرق التصنيفات المحدّدة مسبقاً. ومن هذا المنطلق، ما قد يبدو غير نموذجيّ، مخالفاً للقاعدة وفيه شوائب بالنسبة إلى الذين ينظرون من خلال مقاربة التطبيع، يتطلّب شرعيّة جديدة. نفساً جديداً. تأكيداً شجاعاً على الذات وفرادتها.

 

وتتخطّى المجموعة هذه المسألة، متخذّة هيئة "بيان سايبورغ" Cyborg Manifesto (للكاتبة "دونا ج. هاراواي")، حيث يتمّ مديح الشخص الهجين على أساس أنّه كائن يستطيع تخطّي الازدواجيّة والانفصام في الهويّة. في الواقع، إنّ الـ"سايبورغ" هو كائن متناقض يجمع ما بين الطبيعة والثقافة، الذكوريّة والأنثويّة، البشريّ والفضائيّ، النفس والمادة. متعارضاً مع أيّ فئة محدّدة، يجسّد الـ"سايبورغ" التعبير الذي يدمج ما بين مختلف الهويات. هويات هجينة ومتغيّرة، مبنيّة على احتياجات متعدّدة، تتجاوز المقياسيّة والتطبيع.

 

"غوتشي سايبورغ" يتخطّى الحالة البشريّة: حيث لديه عيون على يديه، قرون، تنانين صغيرة، ورأسان مزدوجان. إنّه كائن غير محدود بيولوجياً وصاحب وعي ثقافيّ.

 

الدليل الأخير والمطلق للهوية الهجينة التي تتغيّر باستمرار. رمز الإمكانيّة التحرّريّة التي نستطيع من خلالها أن نصبح ما نحن عليه.

المزيد
back to top button