ربحت السيدة ناديا جمال الدين في مبادرة كارتييه للنساء، نادية من مصر وربحت عن "راحة بالي" - ’راحة بالي‘ هي عبارة عن منصة شاملة لدعم الأمهات المصريات مالياً وجسدياً وعاطفياً وذهنياً، عبر الإنترنت وفي الواقع على حد سواء.

 

عاشت نادية جمال الدين حالة من الانعزال والذعر بعد ولادة طفلها مباشرة، إذ تقول "شعرتُ بضياع كبير، حيث كنتُ الأولى التي تصبح أماً بين جميع صديقاتي، وأنا وحيدة لأهلي ووالدتي لا تذكر تفاصيل مرحلة الأمومة. وقد أرقّني السؤال ’كيف سأعتني بهذا الطفل؟‘‘".

 

وتعتبر الحالة التي عاشتها نادية شائعة جداً ولا تقتصر على مصر فقط، بل تعيشها الأمهات الجدد في شتى أنحاء العالم، لهذا السبب تحتاج الامهات بعد الولادة الأولى الكثير من الدعم كي يتعافين من آثار الولادة ويتعلمن كيفيات العناية بالطفل، لاسيما وأن أن هذا التحوّل الجسدي والنفسي والعاطفي والذهني الهائل يترافق مع أسئلة مؤرقّة ونوع من العزلة، ما قد يكون له عواقب سلبية جدّية؛ حيث أن نحو 20 بالمئة من الأمهات الجدد يعانين من اكتئاب ما بعد أو قبل الولادة[1]، ما يؤثر سلباً على قدرتهن في تحمّل مسؤوليات الأمومة.

 

 

ضمان راحة البال للأمهات المصريات

كانت نادية تعمل كمديرة للعلامة التجارية لدى ’بي آند جي‘ (P&G) قبل أن تصبح أماً في الرابعة والعشرين من عمرها. ورغم كون هذا العمر شائعاً للولادة الأولى بالنسبة للنساء المصريات، غير أن معظم صديقاتها كنّ يركزن على عملهن ولم يكنّ قد أصبحن أمهات بعد، ما جعلها تشعر بأنها وحدها دون دعم من قريناتها، كما تفاجأت بعدم وجود أي مجموعات سواء على الإنترنت أو في الواقع لدعم الأمهات الجدد، فقرّرت الإمساك بزمام المبادرة، حيث تقول: "عزمتُ على إنهاء هذا الوضع، ووضعتُ نصب عيني هدفاً هو مساعدة كل أم في مصر في العثور على راحة البال".

 

وهذا هو ما دفعها بعد فترة قصيرة من ولادة ابنها إلى تأسيس شركتها المتمحورة حول هذه الفكرة في أغسطس 2014، وتسميتها بـ’راحة بالي‘، حيث بدأت بتأسيس مجموعة على ’فيسبوك‘ دعت إليها مختلف المتخصصين من أطباء نفسيين ومتخصصين في التغذية وطب الأطفال بهدف الإجابة على أسئلة تندرج في إطار مواضيع يحمل كل منها وسم هاشتاغ خاص به. على سبيل المثال، قد تسأل إحداهن "طفلي مصاب بالحمّة، ما الذي يجدر بي فعله؟"، فيندرج هذا السؤال تحت وسم #طبيب_الأطفال (#pediatrician)، لتحصل على الإجابة مباشرة. وقد وصل عدد المساهمين في هذه المنصة إلى أكثر من 100 متخصص وأكثر من 3000 أم خلال شهر واحد على انطلاقها.

 

ومع مطلع 2020، وصل عدد النساء المشتركات بخدمات ’راحة بالي‘ إلى أكثر من 150 ألف[2] ، بما يشمل خدمات الدعم المالي والجسدي والذهني والاجتماعي، علماً بأن الموقع يتيح بطاقة خصومات تضمن تخفيضات على أسعار أهم مستلزمات الرضّع مثل الملابس والحفاضات والرعاية الصحية، والتي قد تكون مرتفعة الأسعار في الحالة العادية. وبالنسبة للدعم الجسدي، تتيح الشركة برامج للياقة والتغذية ضمن منشآتها الثلاث الواقعة في القاهرة، كما أن المجتمع الإلكتروني لـ’راحة بالي‘ يوفر كل المعلومات القيّمة لدعم الأمهات الجدّد على أداء مسؤولياتهن بكل ثقة ودراية، وهو ما علّقت عليه نادية بالقول: "يجب أن تتمتع الأمهات بإلمام واسع بشؤون الأمومة، بدءاً من مرحلة ما قبل الحمل وحتى بلوغ الأطفال مرحلة المراهقة، لهذا السبب نقدّم المنصة الأولى والوحيدة في مصر لدعم الأمهات باللغتين العربية والإنجليزية".

 

وتمثل ’كلاود‘ (Cloud) أحدث المفاهيم المبتكرة من ’راحة بالي‘، وهي عبارة عن مساحة على أرض الواقع ترحّب بالأمهات كي يسترخين في كبسولات صغيرة (napping pods) ويزاولن أعمالهن في كبسولات أخرى مخصصة للعمل (work pods)، فضلاً عن إمكانية حضور ورش العمل والانضمام إلى نوادي المطالعة، بينما تتولى جليسات أطفال متمرّسات العناية بأطفالهن. وعلى حد تعبير نادية فإن "هذا الأمر رائع جداً، وفي كثير من الأحيان يكون البكاء ردّة فعل الأمهات اللاتي يقصدننا، حيث يشعرن بأن أحدهم يعتني بهن للمرّة الأولى مذ أصبحن أمهات، وبأنهن قادرات على التقاط أنفاسهن، وأخيراً يستطعن أخذ دش بهدوء أو شرب بعض القهوة أو الشاي الساخنة، ببساطة يشعرن هنا بأنهن قادرات على التنفس مجدداً".

 

 

’راحة بالي‘ تدعم جميع الأمهات- بمن فيهن موظفاتها

بعد أن كان تركيز ’راحة بالي‘ متمحوراً حول تخديم الأمهات الميسورات خلال المراحل الأولى على انطلاقها، فقد استحوذت الشركة مؤخراً على منصة ’أنا حامل‘ وبدأت بتخديم الحوامل والأمهات من الشرائح الأفقر. وفضلاً عن وصول عدد المشتركات في أحد محاور خدمات الأربعة إلى نحو 150 ألف من النساء حالياً، فإن طاقم الشركة مؤلف بأكمله من النساء، وهو أمر غير معتاد في مصر التي يصعب فيها العثور على نساء يعملن كمحاسبات أو متخصصات في الشؤون التقنية. وتعلّق نادية قائلة: "يتألف طاقمنا من نحو 100 امرأة تعمل بدوام كامل ما بين مقرّنا ومختلف منشآتنا"، كما تؤكد بأن نموذج عمل الشركة صديق للأمهات، حيث يمكن للموظفات العمل من المنزل في أي وقت، والاستفادة من إجازة الأمومة المرنة، ما يتيح للأمهات فرصة عمل مميّزة براتب تنافسي.

 

 

من الدعم إلى التمكين

أطلقت ’راحة بالي‘ في مارس 2019 أولى المساحات الحقيقية في إطار مفهومها المبتكر ’كلاود‘، والذي تقدّمت نادية بطلب حصول على براءة اختراع عنه، وتصفه قائلة: "قريباً، سوف يصبح مفهومنا هذا متاحاً في كل أنحاء العالم ليدعم النساء، اللاتي لطالما كنّ العمود الفقري للمجتمع ".

 

ويتلخص هدف الشركة في تمكين النساء عبر تحسين حالتهن الصحية وجودة حياتهن عموماً، وبعبارة أخرى ضمان تمتعهن براحة البال التي عانت نادية من الافتقار إليها بعد ولاة طفلها، إذ تقول: "الأمومة تترافق مع مسؤوليات واحتياجات هائلة لا يلبّى سوء جزء يسير منها حتى الآن، لذا أتطلع قدماً إلى رؤية ’كلاود‘ في كل حي لنستضيف مئات ورش العمل يومياً، ونتوسع إلى خارج القاهرة بما يشمل شتى أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا".

 

المزيد
back to top button