القبّعات على أنواعها: الطربوش - جزء 8

طلّ الطربوش!

إن الطربوش غطاء للرأس فريد من نوعه من حيث الشكل، إذ لا أطراف له كباقي القبّعات، وهو يضجّ بالكثير من الرموز. وبالرغم من أنّه كان في بداية نشأته معادياً للتقليد، صار اليوم مرتبطاً بالعقليّة الشرقيّة القديمة. لكنّ قبّعتنا المصنوعة من اللبد الأحمر قد تطوّرت لتنتشر في كلّ أنحاء العالم. وها هي اليوم تحيا من جديد!

 

 

- عودة الطربوش

شهدت الثمانينيّات عودة خجولة للقبّعة بشكل عام وكانت قد اختفت لفترة أكثر من ربع قرن، وقد أسهم في ذلك كلّ من السينما والتلفزيون والفيديو كليبات أيضاً. "اعتمر مايكل جاكسون القبّعة وجعلها بصمة ثابتة في إطلالاته، وكذا فعل إنديانا جونز. في عام 2000، عادت بقوّة موضة القبّعة. إذ كسرت مادونا هيمنة الطابع الذكوري في ألبومها Music حين وضعت قبّعات رعاة البقر المفعمة بالألوان. ومنذ ذاك الحين، أسهمت لايدي غاغا وفاريل ويليامز وغيرهما بالترويج للقبّعة".

في ما يخص الطربوش فلقد أُدخل إلى الذاكرة العربيّة والشرقيّة وشكّل جزءاً من التراث الجميل الذي نحاول إحياءه في الحفلات والمسلسلات ومع الفرق الموسيقيّة العربيّة-الأندلسيّة كما في غيرها من المناسبات التي تتطلّب ارتداء الزيّ الفلكلوريّ ومن بينها حفلات رمضان، والمسحراتي الشهير الذي يوقظ المؤمنين للصلاة عند الفجر.

من جهة أخرى، يُنسب الطربوش إلى حلوى الصغار وهي نوع من الكريما الذائبة المغلّفة بالشوكولا والتي تذوب في الفم. هكذا، رويداً رويداً، بدأ الطربوش يأخذ صورة إيجابيّة في ذهن الجيل الشاب الذي راح ينسبه إلى أمور جميلة من عندنا، واليوم يعتبره الشبّان أكسسواراً بارزاً لا بدّ من منحه فرصة ثانية لاسترجاع الحياة. لهذا السبب، أبصر النور أخيراً الطربوش "المصحّح" والمؤقلم حسب متطلّبات العصر ومفاهيم الجيل الجديد. فاكتسب حياةً ثانية بشكل خاص بفضل الياس الحداد الذي يخبرنا اليوم عن الطربوش وديان فرجان وهي أول مصمّمة عملت على تحديث الشروال في سنوات الألفين. وهما شخصان مولعان بحبّ المغامرة، ابتكرا ماركة Boshies كي تنعم قبّعتنا المصنوعة من اللبد بالتطوّر ذاته الذي تخضع له القبّعات الأخرى حول العالم. طربوش جديد صار مناسباً للجنسين على حدّ سواء، أقلّ أسطوانيةً وأقلّ صلابةً وأقلّ ارتفاعاً وله شريطان أسودان مطرّزان على الجانبين يستبدلان الشعيرات المصنوعة من الحرير الأسود التي كانت تنزل من أعلى الطربوش إلى أحد جنبيه. ومن الأمام مقدّمة صغيرة جداً. إنّه ببساطة طربوش حيّ، تطوّر كثيراً من سنة 2016 إلى عام 2017 وهو يأتي طبعاً باللون الأحمر الذي اعتدنا عليه ولكن أيضاً بألوان أخرى كما يمكن أن نعتمره مع أزياء مريحة. ها هو الطربوش الجديد قد وصل فلنرحّب به!

 

 

 

ساد الظنّ أنّ أصول الطربوش عثمانيّة بامتياز، لكنّ هذا الأمر خاطئ! لأنّ الطربوش لم يصبح تركيّاً ورسميّاً إلاّ بأمر من الباب العالي، في خلال القرن التاسع عشر. وقد شاع عن طريق الخطأ أنّ الطربوش يرمز إلى الولاء للتقليد والثقافة المهيمنة، وقد استورد ليحلّ مكان العمامة. بالفعل، إنّ استرجاع التاريخ مفعم على الدوام بالمفاجآت، وهنا لا يشذّ الطربوش عن القاعدة لأنّ مفاجآته كثيرة.

 

بقلم د. أنطوان ضاهر

المزيد
back to top button