القبّعات على أنواعها - الجزء الأوّل

من شبه الجزيرة العربيّة إلى القارة الأميركيّة، ومن الأيّام الغابرة حتّى يومنا هذا، لم يتوقّف الإنسان يوماً عن الابتكار في مجال الفنّ وفي طريقة تغطية الرأس. جولة سريعة، بالزمان والمكان!

 

- الوشاح

 

عُرف الوشاح منذ قديم الزمان وهو ليس حكراً على النساء فقط إذ استعمله الرجال أيضاً ليلفّوا به رقابهم كما استخدموه في المناخ الحار لمحاربة التعرّق. قبل ألف سنة من الميلاد تقريباً، صار الوشاح إلزاميّاً للنساء في اليونان القديمة: إذ كان يجب على النساء المتزوّجات أن يغطّينَ رؤوسهنّ وعلى الفتيات الشابّات أن يضعنَ الوشاح. واستمرّت روما بالنهج ذاته لأنّ الوشاح كان يسمح للناس بأن يحافظوا على النظافة، وهو عبارة عن قطعة من القماش للتنظيف اسمها Suaire وتعني "قماش التعرّق". كما أنّ جميع الأديان، اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام، قد شجّعت على وضع الغطاء فهو مؤشّر لاحترام الدين. عند المسيحيّين، تضعه الراهبات على الدوام، وتحتاج إليه النساء دوماً للدخول إلى بعض كنائس إيطاليا أو إلى الكنائس الأرثوذوكسيّة. لدى المسلمين، تضع المرأة الحجاب من باب الحشمة ولتبقى بمنأى عن عيون الغرباء. هكذا، وعلاوةً على المنفعة والاحترام الديني، صار الوشاح مع الوقت غرضاً من عالم الموضة ويشهد على ذلك الوشاح المربّع من هيرميس. إنّه ابتكار لم تبطل موضته منذ أكثر من 70 سنة وهو يشتهر بحريره الناعم والمزيّن والمطبوع. وقد ازداد الولع بالوشاح أكثر وأكثر فقد رأيناه على منصّات كبار الفنّانين ومبتكري الموضة خلال السنوات الأخيرة، مع ابتكارات إتنيّة صارت أكسسوارات حقيقيّة من عالم الموضة.

 

- البورسالينو

ابتكرها للمرّة الأولى غيسيبي بورسالينو في 4 نيسان/ أبريل 1857، ودخلت في إطار Grand Prix في معرض باريس عام 1900 (كان المصنع حينئذٍ يُنتج 750 ألف قبّعة سنوياً)، ثمّ في بروكسل عام 1910 وفي تورينو عام 1911 وأيضاً في باريس عام 1931. بعد وفاة المؤسّس، تنازع نسيبان على اسم الماركة فأقيم سنة 1929 مصنعان متنافسان في المدينة ذاتها في إيطاليا، Alexandrie، مع توظيف حوالى 3000 عامل (لشعب من 20 ألف شخص) وإنتاج أكثر من مليوني قبّعة سنوياً. وكما كان يشرح غيسيبي بورسالينو، "إنّ البورسالينو في السينما هي أكثر من مجرّد قبّعة فهي بصمة حقيقيّة وطريقة لإثبات الوجود. في الواقع، اعتمرها مارسيلو ماستروياني في Huit et demi وكذا فعلت شخصيّة إنديانا جونز. كما أنّ البورسالينو الخضراء المشعّة ترمز إلى سلسلة الروايات الخرافيّة Les Futurs Mystères de Paris لرولان س. واغنر. وقد نالت شعبيّتها في فرنسا بفضل فيلم Borsalino عام 1970 تحديداً مع ديلون وبيلموندو، وفيلم Borsalino and Co سنة 1974 (تتمّة للفيلم الأول). وقد نُسبت إلى مايكل جاكسون الذي كان يعتمرها خلال رقصة Billie Jean وخلال تأدية العديد من الأغنيات الأخرى في حفلاته.

 

بقلم د. أنطوان ضاهر

المزيد
back to top button