لم يكن ارتداء أزياء الماضي أمراً مألوفاً في بدايات القرن العشرين، إذ كان يُنظر إلى ملابس الأجيال السابقة على أنها قديمة الطراز لا تصلح سوى للحفلات التنكرية أو الشخصيات الكوميدية. لكن بحلول السبعينيات، بدأت النظرة تتغيّر وشرعت مجلات الموضة إلى رصد تنامي الإعجاب بالأزياء العتيقة، خاصة مع دخول السينما والتلفزيون كقوة قادرة على تخليد صور الأزياء الكلاسيكية من عشرينيات القرن الماضي حتى الخمسينيات. ومن هنا، وُلدت موجة "الفينتدج" كصيحة تعكس تقديراً جمالياً وتاريخياً للماضي.
تعريف الأزياء الفينتدج
يشير مصطلح الفينتدج إلى الملابس والإكسسوارات التي مرّ عليها أكثر من عشرين عاماً وأقل من مئة عام. بمعنى أن أزياء التسعينيات وبدايات الألفية، مثل سراويل الخصر المنخفض أو الفساتين الحريرية البسيطة، تُعدّ اليوم قطعاً فينتدج بامتياز. أمّا الأزياء الأقدم من مئة عام فتُصنّف ضمن فئة "الأنتيك"، بينما تُطلق كلمة "أرشيفية" على التصاميم التي تعود إلى مجموعات سابقة لدار أزياء معينة، حتى وإن لم يمضِ عليها وقت كافٍ لتصبح فينتدج.
ميّزات قطع الملابس الفينتدج
التفاصيل الصغيرة هي المفتاح. فالسحّابات المعدنية مثلاً تدل غالباً على أزياء صنعت قبل السبعينيات، في حين أن الأقمشة الطبيعية كالحرير والصوف والقطن طغت قبل انتشار الألياف الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية. كذلك، توفّر بطاقات المحتوى النسيجي أو الملصقات مؤشرات دقيقة لتحديد الحقبة الزمنية. حتى المقاسات نفسها قد تكشف الكثير، إذ إن مقاس 12 في الستينيات يعادل تقريباً مقاس 6 في يومنا هذا.
رواج موضة الفينتدج اليوم
لم تعد هذه الموضة مقتصرة على الهواة أو الباحثين في أسواق الأنتيك، بل تحوّلت إلى تيار عالمي يفرض نفسه على السجادة الحمراء كما على منصّات التواصل الاجتماعي. من إطلالات النجمات بقطع أرشيفية نادرة إلى شباب جيل Z الذين يجدون في الملابس المستعملة وسيلة للتعبير عن فرديتهم، أصبح الفينتدج مرادفاً للأصالة والاستدامة والذوق المختلف. في النهاية، لا تقتصر قيمة الفينتدج على كونه لباساً جميلاً فحسب، بل هو شهادة حيّة على تاريخ الأزياء ومرآة تعكس ثقافة كل حقبة. ارتداء قطعة فينتدج هو مشاركة في حوار طويل بين الماضي والحاضر، حيث يتجدّد الأسلوب باستمرار ويؤكد أن الموضة، مهما بدت عابرة، قادرة دائماً على العودة إلى دائرة الضوء.